Al Jazirah NewsPaper Sunday  10/05/2009 G Issue 13373
الأحد 15 جمادى الأول 1430   العدد  13373
القاعدة وطالبان وجهان لعملة واحدة
د. وحيد بن حمزة عبدالله هاشم

 

بعد أن بدأ تنظيم القاعدة يلفظ أنفاسه الأخيرة في جزيرة العرب عامة وفي المملكة خاصة، بل حتى في اليمن عاد ليظهر من جديد في دولة الباكستان من خلال تنشيط وتفعيل قوى عنف وتطرف الحركة العسكرية (الجناح العسكري) لطالبان الباكستانية وشقيقتها الأفغانية. فقبيلة البشتون التي يمثّل عناصرها الغالبية العظمى من حركة طالبان تعيش في منطقة القبائل الباكستانية وتنتشر جماعاتها وعناصرها بين دولتي الباكستان وأفغانستان.

هذا أحد مخططات تنظيم القاعدة الخطيرة الذي لن يكف أو يتوقف مهما كان الثمن وأياً كانت التكلفة عن استخدام أدوات العنف والتطرف والإرهاب كوسائل لتحقيق غاية الحفاظ على بقائه ووجوده على الساحة السياسية بأي وسيلة كانت، فيأس تنظيم القاعدة الإرهابي وقنوطه من تحقيق أي هدف إرهابي في المملكة (بعد الضربة الأمنية الاستباقية التي تلقاها التنظيم في مغارة الجنوب قرب منطقة أبها) دفعه للتحرك السريع في مواقع إسلامية أخرى يمتلك فيها المال والرجال والسلاح ليصبح كابوساً يؤرّق مضجع الشعب الباكستاني وبالطبع الحكومة الباكستانية.

هذا على الأقل ما يمكن استشفافه من أحداث العنف الخطيرة التي تعصف بدولة الباكستان الشقيقة بعد أن بدأت حركة طالبان الباكستانية تهدّد الأمن والاستقرار السياسي الباكستاني الذي قطعاً سيلحق الضرر بمصادر أرزاق الشعب الباكستاني بعد أن ينعكس سلباً وبكل قوة على الاقتصاد وبالتالي على رفاهية الجميع ليضاف إلى ما يتحمله ذلك الشعب المسلم من ثقل هموم الفقر والجهل والمرض.

ومن الواضح حتى الآن أن فشل تنظيم القاعدة في الجزيرة العربية وتحديداً في المملكة لا يمثّل وحسب المشكلة الرئيسية التي يعاني منها التنظيم، بل إن الأخطر منها تفشي خيبة الأمل بين زعامته وصفوف عناصره، إذ لا يمكن لأي متعصب مسرف في غيه وجهله ألا يفهم كيف أصابت سلوكيات وأفعال التنظيم الإرهابي نفور واستياء، بل غضب الغالبية العظمى من الشعوب العربية والإسلامية بعد أن قتل المدنيين المسلمين بلا مبرر، بمن فيهم النساء والأطفال الأمر الذي لا يقرب واقع الجماعة المشين هذا إلى قلوب المسلمين إلا لقلوب رفاقهم المتعصبين.

في الوقت الراهن ها هي قوات طالبان أفغانستان تهدد دولة الباكستان الشرعية وتتقدم قوات الحركة العسكرية في منطقة (بونير) في اتجاه العاصمة إسلام أباد (الجزء الغربي من الباكستان) في محاولة انتحارية يائسة أخير ة لوقف إراقة ماء وجه التنظيم والحركة بالاستيلاء على السلطة في الباكستان مهما كلفهم من إزهاق أرواح المسلمين الباكستانيين والأفغان.

لذا تعكف دولة الباكستان على موجهة عدوان حركة طالبان ومن يدعمهم ويمولهم ويمدهم بالسلاح والمال من تنظيم القاعدة ودولة أجنبية في منطقة سوات بإرادة سياسية وعسكرية قوية تدعمها قوة الشرعية الدينية والسياسية التي لا تمتلكها إلا الدولة الباكستانية، مصدرها الغالبية العظمى من الشعب الباكستاني.

الحال هذا يعني ارتفاع احتمالات سقوط أعداد كبيرة من القتلى من الطرفين في المواجهات العسكرية المرتقبة وبالطبع سيكون جميعهم من المسلمين.

لذا يتواصل طرح التساؤلات التقليدية: لماذا يواصل تنظيم القاعدة عدوانه المغرض على الدول والشعوب الإسلامية، من يدفعه لفعل ذلك؟ من يموله بالمال؟ ومن يوفر له الغطاء السياسي؟ أسئلة تحتوي في مضامينها على أجوبتها البشعة التي باتت تعيها وتدركها جيداً كافة شعوب العالم الإسلامي.



drwahid@email.com

 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد