Al Jazirah NewsPaper Sunday  17/05/2009 G Issue 13380
الأحد 22 جمادى الأول 1430   العدد  13380
شيء من
النقد في عهد الملك عبدالله
محمد بن عبداللطيف آل الشيخ

 

في كلمته عند افتتاح مجلس الشورى في دورته ما قبل الحالية يقول خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز: (الحرية تكون في التفكير، و(النقد) الهادف المتزن، والمسؤولية أمانة لا مزايدة فيها ولا مكابرة عليها فبها - بعد الله - نصون حريتنا ونحدد معالمها ونقول للعالم هذه قيمنا وتلك مكارم أخلاقنا التي نستمدها من ديننا). وفي نفس الكلمة قال - حفظه الله - أيضاً: (يشهد الله تعالى أنني ما ترددت يوماً في توجيه (النقد الصادق) لنفسي إلى حد القسوة المرهقة، كل ذلك خشية من أمانة أحملها هي قدري وهي مسؤوليتي أمام الله - جل جلاله - ولكن رحمته تعالى واسعة فمنها أستمد العزم على رؤية نفسي وأعماقها. تلك النفس القادرة على توجيه النقد العنيف الهادف قادرة - بإذن الله - أن تجعل من ذلك قوة تسقط باطلا وتعلي حقا).

هذه المقولة التي اشتهرت وشاعت منذ أن أطلقها - حفظه الله - لم تكن استهلاكاً إعلامياً، أو فقاعة قولية انتهت بمجرد أن انتهى من خطابه مثلما يفعل الكثيرون من الزعماء العرب، وإنما تحولت إلى ديدن ومنهج وأسلوب للوسائل الإعلامية في عهده الميمون.

النقد ورفع سقف الحرية الإعلامية التي يعيشها الإعلاميون في عهد الملك عبدالله، يشهدان على أن ما يقوله هذا القائد يتحول إلى منهج، وأن أولئك الذين يتذرعون بذريعة (الخصوصية السعودية) ذراً للرماد في العيون، في محاولاتهم (اللاهثة) لكبح جماح التنمية، وتقييد الانفتاح، ومحاصرة النقد، لا علاقة لهم بالواقع. (الشفافية) اليوم، وكذلك (النقد)، هما السبيل الأمثل الذي يتفق عليه الجميع لكشف الأخطاء والاعوجاجات، وتشخيصها، قبل معالجتها. حتى الصين التي كانت يوماً ما قلعة مصمتة من في داخلها لا يعرف ما يدور في خارجها، ومن في خارجها يجهل الكثير عما يدور في داخلها، بدأت مسلسل الانفتاح شيئاً فشيئاً، وها هي تحقق بالانفتاح يوماً بعد يوم ما عجزت عن تحقيقه في عصر انغلاقها وتقوقعها على نفسها.

والملك عبدالله عندما أطلق الحوار بين فئات المجتمع، ورفع سقف النقد، وطالب الجميع بسماع الرأي الآخر، كان في الواقع يستجيب لمتطلبات المرحلة، ويضع المملكة في محل يتناسب مع ما عليه العالم في مرحلة الفضائيات والإنترنت. ومن عايش هذه المرحلة، وبالذات عصر الانفتاح الذي نعايشه اليوم، يجد أن كثيراً من القرارات الانفتاحية لم تمر مرور الكرام؛ فقد رفع الممانعون (التقليديون) أصواتهم محتجين، وبذلوا ما في وسعهم للعودة إلى الانغلاق، وطلبوا (علناً) وفي مناسبات شتى من الدولة أن تكمم الأفواه، وتخفض سقف الحرية، متذرعين بذرائع شتى، ومع ذلك لم يعرهم - حفظه الله - أي اهتمام، ومضى في مشروعه التنويري والتنموي والانفتاحي بكل ثبات، حتى أصبح اليوم واقعاً ملموساً، ومع الزمن (تعود) الممانعون - كما هو ديدنهم - وانضووا في المسيرة التنموية، ومرة أخرى يكتشفون أن عقارب الساعة لا تتجه إلى الوراء.

لقد أنجز الملك عبدالله منجزات ضخمة سيتحدث عنها التاريخ كثيراً، غير أن الإنجاز الأهم، وربما الأصعب، كان (حرية) الإعلام التي تميز بها عهده الميمون حفظه الله.

إلى اللقاء.




 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد