Al Jazirah NewsPaper Wednesday  20/05/2009 G Issue 13383
الاربعاء 25 جمادى الأول 1430   العدد  13383
استرعى انتباهي
عوائدنا من تَجنِّي الكبار علينا
د. عبد الله بن ناصر الحمود

 

ما الذي ربحته القوى الغربية من حربها على الإرهاب؟ وما الذي جنيناه نحن في عالمنا الشرق أوسطي من تداعيات الحرب علينا؟ سؤالان مشروعان ونحن نتجاوز سنوات من الصراع معنا فوق أرضنا. دعونا نتأمل إجابة هذين السؤالين من عدة مداخل وببساطة متناهية.. رغم التحوّل الانتخابي الكبير لدى الغرب لصالحنا.. ورغم جهود تهدئة الوضع معنا.. فمن حيث الصورة الذهنية.. كانت صورة الغرب عندنا قبل الحادي عشر من سبتمبر ناصعة البياض في كثير من جوانبها.. لكنها اليوم ملطخة بكثير من ألوان الجور والبطش ومناصرة الظالمين من حولنا.

وقد كان الغرب موئل المحتاجين والمشردين والمنبوذين.. فسدّ اليوم أبوابه في وجه كل هؤلاء.

وكان الغرب موطن العلم والتنمية وبرامج الدعم للدول الفقيرة والشعوب المحتاجة.. فبات اليوم منشغلا بإنتاج أدوات الحرب والدمار ونقلها عبر المحيطات والبحار ليحط بها على أرضنا. وكان رجاله يعبرون القارات خبراء للبنى التحتية والفوقية.. فأصبحوا اليوم يعبرون ذات القارات ولكن خبراء متفجرات وإبادة وأسلحة دمار.

أما نحن.. فمعادلتنا مختلفة بعد الحادي عشر من سبتمبر.. فجل ما فعله الغرب بنا رغم فضاعته وعظم جرمه.. ليس غريباً على بيئتنا بمقاييس (مجردة من الأحاسيس والعواطف).. فقط هذه المرة.. لمقابلة الأحوال بالأحوال.. فما فعله الغرب في العراق شبيها بأحوال حلبجة يوم الأزمنة الغابرة.

وما جنته أيادي اليهود في غزّة.. ليس ببعيد عن فعلتهم يوم صبرا وشاتيلا.. وما يحدث في أفغانستان.. قريب عهد بصولات الشرق وجولاته فيها.. فتاريخنا مع تجنّي الكبار علينا تاريخ طويل.. وعمر ظلمنا عمر مديد.

وبالتالي.. يجدر بالغرب أن يعي أنه الخاسر الأكبر في حربه علينا. ذلك أننا ربحنا مكاسب معنوية كبرى.. عرفنا بها ما يراد بنا، وأثبتنا بها صلابة موقفنا، وتصميمنا على أن نكون أفضل.. فانطلقت برامج الإصلاح السياسي والاجتماعي والاقتصادي عندنا بسرعة فائقة.. ومنحنا بعضنا الثقة أكثر من أي زمن مضى.. وتوحدت كثير من شعوبنا مع قياداتها، بمستويات، على أقل تقدير، لم تكن قبل غضبة القوم علينا.. وبدأنا، نَعِد بعضنا بمستقبل أكثر إشراقا يقوم على التضحية و الفداء في مناطق الصراع عندنا، ويقوم على البذل والعمل والعطاء و(الإصلاح) في مناطق الهدنة معنا..

وبذلك.. فرغم فراق أهلنا وذوينا بأيدي خصومنا.. فنحن الرابحون.. بالمنظور الكبير الواسع.. وهم الخاسرون أبدا.. فلربما كنا بحاجة لهزات عنيفة مثل تلك التي وقعت وتقع علينا.. لنقوم من مرقدنا.. ولنعلم ما يُراد بنا.. فهل أعدّ الغرب عدّته لمثل هذا التحول الدراماتيكي عندنا.. وهل حسب حساب الرأي العام عندنا حين يغضب ثم يغضب ثم يغضب..

وهل كان يظن أن حصاره علينا سيصنع منا جيلا غير الذي حاصره.. يغيّر في سنن السيادة الدولية.. ومفاهيمها عندنا.. إنني أعتقد أن الغرب إذ قابلنا.. فلا قِبَل له بأجيالنا الصاعدة..

فلنحمد الله الذي لا يحمد على مكروه سواه.. ولنؤمن بأنه عسى أن نكره شيئا ويجعل الله فيه خيرا كثيرا.



alhumoodmail@yahoo.com

 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد