Al Jazirah NewsPaper Wednesday  20/05/2009 G Issue 13383
الاربعاء 25 جمادى الأول 1430   العدد  13383
طفلٌ يخشى الفراق..
وليد بن حمد المجلي

 

الدنيا.. نعلم من اسمها مدى دناءتها، ولكننا بالرغم من ذلك نعشقها..

نعض عليها بالنواجذ رغم حقارتها..

لا نكاد نبتسم فيها حتى تفاجئنا بمصائبها وتذيقنا طعم مرارتها..

نخرج إليها باكين.. ونودعها مُبكين من فرح بقدومنا لها..

هي دنيا جميلة بقالبها الخارجي.. وحقيرة لمن عرف خفاياها ونهايتها..

بدأت خطواتي فيها مترنحاً، أسقط تارة وأمشي تارة..

تسابقت الساعات وأنا أرسم بألوان الطيف معاني المستقبل الذي أتمناه..

أتفنن في رسمه وتلوينه.. لا أخشى تمزق الأوراق أو تكسر الألوان..

ولا حتى تبدل الأحلام..

عشت فيها طفلاً تغريه الزهور، يطارد الفراشات..

يعجبه منظر الشروق.. ويبهره منظر الغروب..

طفلاً يجهل كل أبجديات الحياة؛ لأن له حروفه الخاصة..

طفلاً يعبر عن رأيه دون خوف..

يقول ما هو مقتنع به حتى وإن كان خطأ فيكفيه أنه رأيه..

طفلاً يملأ البيت بالضجيج يلعب كثيراً ويتعب قليلاً..

طفلاً عندما يداعب النعاس أجفانه يستسلم وينام بهدوء..

لا يعرف الأرق ولا معنى السهر..

طفلاً يعيش اللحظة.. لمجرد أنها لحظة في حياته.. ولا يفكر في الغد..

مرت الأيام والسنون فلم أعد ذلك الطفل الصغير..

فاستبدلت الدنيا رداءها ليصبح النور ظلمة، خشيت معها الأحلام وعشقت العيش بواقعية..

أفكر كثيراً وأسرح كثيراً.. يرهقني التفكير وتُعييني طلاسم الحياة الصعبة..

أعيش اللحظة وأنا أفكر في الأيام التي تليها..

أخشى مستقبلاً موحشاً تكون فيه الأقدار أقسى من أن أتحملها..

أتمنى وأدعو ربي أن أكون أول الراحلين من هذه الدنيا.. فأنا أكره الحزن على الأحبة..

أعلم أن لكل بسمة نهاية.. ونهاية البسمة دمعة..

دمعة ستدمي قلبي قبل أن تفقدني بصري..

دمعة لن تنتظم معها أنفاسي.. ولن تستقر بها حياتي..

هي دمعة فراق الأحبة.. بل هي دمعة بداية النهاية..

لست متشائماً يخشى المستقبل.. فأنا مؤمن بقضاء الله وقدره..

ولكنني مجرد طفلٍ لن يحتمل فراق أبيه..




 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد