Al Jazirah NewsPaper Wednesday  20/05/2009 G Issue 13383
الاربعاء 25 جمادى الأول 1430   العدد  13383
موت.. ووفاء
إبراهيم بن سعد الماجد

 

(إهداء للأخوين اللواء إبراهيم المالك والعقيد بدر القريوي):

طبعت على كدر وأنت تريدها

خلوا من الأقذاء والأكدار

حياة لا سرمدية فيها.. وأفراح لا دوام لها، فرح قوم وحزن آخرون

بكى قوم، وضحكي آخرون

تجملة فتاة وكفنت أخرى

الطريق واحد يسلكه الفريقان، غادون ورائحون وهم في الهم مختلفون.

أحدهما ينقله خياله إلى قاعات الفرح وآخر ينقله خياله إلى زوايا بيت كان مفعماً بالحيوية والحب فأمسى موحشاً بالهم والحزن.

حزين اليوم كان فرحاً بالأمس وضاحك اليوم لا بد وأن يحزن يوماً ما.

هي الدنيا لا يمكن أن تبقى على حال كما قال ذاك الأعرابي:

في السابقين الأولين من القرون لنا بصائر

لما رأيت مواردا للموت ليس لها مصادر

ورأيت قومي نحوها يمضي الأكابر والأصاغر

أيقنت أني لا محالة حيث سار القوم سائر

الكل سائر إلى بلوغ هذا المنتهى الذي هو في حقيقة الأمر ليس منتهى، بل مبتدأ حياة هي الحياة الحقة كما قال سبحانه وتعالى عنها: {وَإِنَّ الدَّارَ الْآخِرَةَ لَهِيَ الْحَيَوَانُ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ}.

من استشعر هذه النقلة الكبرى في حياة فقيدة لا شك أن الأمر سيهون عليه وأن المصيبة ستصغر، وإن بقيت مصيبة وفاجعة كما أكدها القرآن الكريم في قوله سبحانه: {فَأَصَابَتْكُم مُّصِيبَةُ الْمَوْتِ} تأكيد على أن الموت مصيبة، ولكنها مع الإيمان بقضاء الله وقدره، وأن هذه آجال لا تتقدم ولا تتأخر تهون لا تتلاشى.

فقد نبي الله صلى الله عليه وسلم كل أولاده ذكورهم وإناثهم ما عدا فاطمة رضي الله عنها في حياته، وحزن ولكنه قال: إنا لله وإنا إليه راجعون إن العين لتدمع والقلب ليحزن وإنا لعلى فراقك يا إبراهيم لمحزونون، قالها يوم فقد فلذة كبده إبراهيم.والدنيا للمتأمل ليست دار بقاء ولا يمكن لعاقل أن يركن إليها.. كيف يركن عاقل إلى دنيا كل يوم بل كل ساعة يغادرها أمم من أهلها..!! هل هذه مأمونة أن لا تفاجأني أو تفاجئك، برحيل إلى تلك الدار السرمدية الحقة مفاجأة قد تكون على غرة وقد لا تكون ولكن النتيجة واحدة.. رحيل.

رحل ورحلت شباب وشابات شيب وعجائز، أغنياء وفقراء، ملوك وعبيد.. الكل صار سواء.. لا تفضيل إلا بالتقوى.. ولا أمل بعد رحيل إلا كما قال المصطفى: (أو ولد صالح يدعو له) فكيف إذا كان ولد ووالد ووالدة وزوج..؟

هذه حال الراحلة أم تركي المالك وأم ناصر القريوي.. رحلتا وخلفتا ولد ووالد ووالدة وزوج.. زوج وليس كأي زوج، الفاضلان إبراهيم وبدر قد يكون جنسهما بين الأزواج نادراً في هذا الوفاء.. في هذا السخاء.. سخاء في حب المفقود.. شريكة العمر.. كفكفا الدموع التي لا تنحدر من رجل إلا بصعوبة ولكنهما سكباها بغزارة في خلواتهما، وحق لهما أن يفعلا.

رحلت أم تركي وأم ناصر ودعوات ولد ووالد ووالدة وزوج وخلق كثير.. كثير تبتهل للمولى القدير أن يجعل الفردوس الأعلى لهما مأوى.

رحلتا عن رضا زوج ووالدين فما ظنك بمصيرهما..؟

إنه رضا الرحمن.. هذا الرضا الذي هو السعادة الأبدية من فاز به فقد فاز ومن خاب فقد خاب وخسر الخسران المبين.أكتب للأخوين الكريمين إبراهيم وبدر وقلبي معهما في مصابهما الجلل ولكني فرحا جذلا للراحلتين لما عرف عنهما من فضل وصلاح، ولهذه العاقبة التي ستمطرهما بالدعوات من ولد ووالدين وزوج.

تركي وناصر وإخوانهما وأخواتهما لكما صادق العزاء.. تذكرا أنكما البقية الباقية لهما وصلاحكما ينفع والدتكما، جعل الله فيكما وفي أولادنا عملاً صالحاً يرتجى.

رحم الله زينب وهيا، ورضي عنهما وأرضاهما فقد كان الجميع عنهما راضياً.

قال لبيد: وما المال والأهلون إلا وديعة.. ولا بد يوماً أن ترد الودائع.




 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد