Al Jazirah NewsPaper Wednesday  20/05/2009 G Issue 13383
الاربعاء 25 جمادى الأول 1430   العدد  13383

ثرمداء فقدت ابناً من أبنائها الأوفياء
عبدالله بن علي الخلف

 

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين وبعد، في مساء يوم الاثنين 12-3-1430هـ انتقل إلى جوار ربه الأخ الفاضل سليمان بن إبراهيم بن محمد الدخيل، وصلي عليه في جامع عتيقة بعد صلاة الظهر يوم الثلاثاء الموافق 13-3-1430هـ وصلي عليه بعد صلاة العصر في نفس اليوم وبجامع ثرمداء ودفن في ثرمداء مسقط رأسه فالحمد لله أولاً وأخيراً على قضائه وقدره. ومما زادني غبطة وسروراً إنني رأيت جموعاً غفيرة من المصلين من محبيه ومعارفه وغيرهم يلهجون له بالدعاء والمغفرة ويثنون عليه - ولقد سبقني بالكتابة عنه كل من:

1- ابنه محمد بن سليمان الدخيل

2- أ.د عبداللطيف بن محمد الحميد

3- المهندس مشاري بن خالد الدعجاني

4- الأستاذ عبدالله بن بسام البسيمي

5- الأستاذ علي بن عبدالرحمن الفاضل

وحيث أوضحوا في كتاباتهم عنه عدة جوانب مهمة منها؛ نسبه، تعليمه، أعماله، مؤلفاته.. الخ، ونشاطاته كمؤرخ لبلدنا ثرمداء.

فجزاهم الله خيراً وأقدم لهم شكري وتقديري على ذلك، أما أنا فأكتب عنه بصفتي أحد أبنائه الطلاب ثم أحد زملائه في العمل خلال خمسة عشر عاماً فأقول مستعيناً بالله.

كنت أحد طلابه في مدرسة ثرمداء الابتدائية من عام 1374 إلى 1379هـ حتى تخرجت من الصف السادس الابتدائي في عام 1379هـ.

وكان - رحمه الله - معلماً مخلصاً يحب الجميع ويشفق عليهم ويعاملهم بالعدل كإخوانه وشاءت الأقدار أن أعود معلماً في مدرسة ثرمداء الابتدائية عام 1386هـ ولمدة خمسة عشر عاماً فألفته نعم الموجه ونعم المدير ونعم الزميل فكان - رحمه الله - لا يبخل علينا كمعلمين بالنصيحة والمعلومات المفيدة. ويعتبر مرجعا في العلوم التاريخية والأدبية وما يتعلق بالأنساب وحسابات فصول السنة وغيرها.

حتى إننا نسأله عن المعلومات التاريخية والأدبية لأن له ميولاً واسعة واطلاعاً في ذلك يجيبنا - رحمه الله - بسعة صدر كما أن له معرفة في الأنساب وفي فصول السنة وحساباته دائماً تطابق التقويم الهجري فنلجأ إليه عند الرغبة في إيضاح شيئاً من ذلك، أدار دفة إدارة المدرسة باقتدار، وكان يحرص على كل ما ينفع الطالب والمجتمع وله إسهامات واضحة وبارزة في خدمة بلدته ثرمداء. بقلمه وبشخصه وبماله، أسأل الله العظيم أن لا يحرمه أجر ذلك وأن يجعل ذلك في موازين حسناته، وإلى جانب عمله مديراً لمدرسة ثرمداء الابتدائية والمتوسطة كان إماماً لأحد المساجد في ثرمداء ولمدة طويلة استطاع أن يجعل من المسجد منطلقاً للألفة والمحبة وتبادل الزيارات الأخوية بين جماعة المسجد في الحي من وقت إلى آخر.

وفي الحفل التكريمي الذي أقامه أهالي ثرمداء (للمغفور له إن شاء الله) بتاريخ 26-10-1412هـ كنت من ضمن المدعوين لهذه المناسبة وكان من باب الوفاء ورد الجميل أن شاركت في الحفل بقصيدة طويلة اقتطف لكم ما يتعلق بمسيرته التعليمية:

خدمة سليمان في التعليم نور

في سنينه كلها ما أحد شكاه

أسس البنيان ومدلنا الجسور

وثبت الأركان والمنزل بناه

ما تكاسل في الليالي والشهور

همته ذا الحين مثل أول عطاه

يعمل بترتيب ما يبغى الظهور

عادة التنظيم هو أكله وماه

ما رسم في خطته حقد وشرور

فاعل للخير يستاهل جزاه

أنت ربان السفينة في البحور

ربنا دلك على أسباب النجاه

قمت بالواجب ولا شفنا فتور

والعمل بإخلاص من فضل الإله

وإن غرق غيرك بصعبات الأمور

تسعفه بالرأي وأقوال الواه

الكرامة والموادع في الصدور

والعيون تقول منطوق الشفاه

دم بأمان الله في عز وسرور

في رجا من لا يخيب من رجاه

سنة في الناس والدنيا تدور

ومهنة التدريس هي بذر النواه

بالفعل يا شيخ عربت الذور

جودة المحصول زادت مشتراه

يا شباب اليوم ذا عصر الصقور

احفظوا القرآن وعلوم الحياه

الوطن يبغى عيال ما تبور

تحفظه في الضيق وتسكن في ذراه

إن حصل في خدمته موت وكسور

حظ من نال الشهادة في حماه

شفت شوفاة السعادة والحبور

الشباب اليوم شرياف الحياه

كل أبناء الوطن ما بهم قصور

حققوا بجهودهم رفع الجباه

والختم صلوا على من لا يبور

محمد إلى حطم أصنام العداه

شافع للمتبع يوم النشور

جعلنا يا ناس نمشي في لواه

بعد تقاعده - رحمه الله - في شهر رجب 1412هـ أمضى أكثر من ثمانية عشر عاما في مسقط رأسه (مدينة ثرمداء) إماماً للمسجد، وكان يقضي جل وقته في تلاوة القرآن الكريم، وقراءة كتب الحديث، وقراءة بعض الكتب التاريخية وجهوده بارزة في محبته لبلده ودراسة لتاريخها مما دعاه لتأليف كتاب عنها ذكر لي - رحمه الله - في حياته أنه في مراحله الأخيرة للطباعة.

وأخيراً أحب أن أشيد بكرمه وأريحيته وحبه لاستضافة من يفد إلى ثرمداء بكل صدر رحب وبشاشة فللحق أقول إن ثرمداء فقدت أحد أعيانها وأحد أبنائها البررة المخلصين، فجزاه الله عني وعن أهل بلدة ثرمداء كل خير وجعل جهوده المبذولة في خدمة بلده رافداً من روافد الحسنات تصب في ميزان أعماله، تشرفت بلقائه في منزله قبل مرضه بعشرة أيام وكان كعادته كريماً يفرح بمن يفد إليه، وقد خصني بالسؤال عن حالي وعن أبنائي وكان - رحمه الله - يشتكي من آلام تنتابه بين حين وآخر في ظهره وركبته، وبعد ذلك بفترة قصيرة سمعت بمرضه وزرته في مستشفى التأمينات الاجتماعية بالرياض مرتين ولكنه في إغماءة كاملة وقفت عند رأسه وطلبت له الشفاء العاجل وأن يجمع الله له بين الأجر والعافية. وختاماً أسأل الله سبحانه وتعالى أن يرفع درجاته في عليين وأن يجمعنا به في مستقر رحمته، إنه القادر على ذلك.

- مستشار بفرع وزارة الشؤون الإسلامية بالرياض


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد