Al Jazirah NewsPaper Friday  22/05/2009 G Issue 13385
الجمعة 27 جمادى الأول 1430   العدد  13385
قصة الماء في الرياض
مي عبدالعزيز السديري

 

لقد ورد ذكر الماء في القرآن الكريم في عشر سور، منها الآية الشاملة المانعة في خلق السماوات والأرض فيهن: {وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاء كُلَّ شَيْءٍ حَي} (30)سورة الأنبياء، وقد تحدث العلماء والأطباء العرب عن الماء فقالوا: (الماء مادة الحياة وسيد الشراب وأحد أركان العالم، بل ركنه الأصلي).

علمت الرياض أن سبب انقطاعات الماء في المناطق الشرقية والغربية في مدينة الرياض يعود إلى انكسارات تتكرر باستمرار في خطوط رئيسية نتيجة ضغوط الضخ وهو ما أثر على تغذية تلك الأحياء حيث تزداد هذه الأزمة تفاقماً مع البطء في إصلاحات انكسارات الشبكة وأن سعر وايت الماء قفز إلى 300 ريال رغم تأكيد الشركة الوطنية للمياه على تأمين وايت مجاناً للمتضررين، غير أن الواقع غير ذلك.

وإنني أتساءل أمام هذه الحالة: هل يعقل أن يحدث مثل هذا الأمر في عاصمتنا الحبيبة؟ وحتى في مدننا العزيزة على مستوى المملكة؟ لقد وضعت حكومتنا الرشيدة كافة الإمكانات اللازمة لتأمين المياه ورصد خادم الحرمين الشريفين -أطال الله عمره- الأموال اللازمة للمياه وكافة المستلزمات الأخرى التي يحتاج إليها المواطن، فكيف نفسر هذا الخلل؟ لقد ذكر أن سبب انقطاع الماء هو وجود انكسارات متكررة في الخطوط الرئيسية -لا مانع من ذلك- ولكن أين هي الورشات الفنية التي ينبغي أن تتحرك بسرعة لمعالجة الخلل؟ حسب معرفتي هناك أجهزة تكشف مواطن الخلل وتسرب المياه، لماذا لا نستخدم هذه الأجهزة لكشف ذلك التسرب ونسارع إلى حل مشكلته قبل تفاقمه واتساع رقعته، ثم كيف تتكرر تلك الانكسارات؟ وتكرارها ماذا يعني؟

هناك جواب واحد فقط هو أن ذلك الانكسار لم يتم إصلاحه بشكل فني لأن تكراره يعني عدم كفاءة من قام بالإصلاح.

لم تنحصر الأضرار الناجمة عن انقطاع الماء عن أحياء مدينة الرياض في مناطق المواطنين وإنما امتدت تلك الأضرار لتشمل إدارة المياه عينها، فقد علمنا أن إدارة المياه تعيش أزمة مائية؛ إذ إن الإدارة العامة لمديرية المياه بمنطقة الرياض بحي الخزان تعاني عدة أيام بدون ماء بعد أن قاسى أهل الحي من الانقطاعات المتكررة على مدى الأسبوعين الماضيين، حيث يضطر الموظفون في المديرية وكذلك المراجعون للإدارة للخروج خارج المبنى في أوقات الصلاة للبحث عن مكان للوضوء وقضاء حاجاتهم في منازلهم أو في أماكن مجاورة، وهو ما يؤكد المعاناة الكبيرة التي يتعرض لها عدد كبير من أحياء مدينة الرياض باستمرار.

رفقاً بنا يا مديرية المياه في الرياض، فكما هو معروف أن الماء هو العنصر الأساسي في وجود الحياة الإنسانية والحيوانية والنباتية، ولولاه لما كانت حياة على سطح الكوكب الأرضي، فقد رافق الماء الإنسان منذ خلقه الله، ففي تركيب جسمه 65% من وزنه من الماء وفي دمه 80% وفي دماغه 85% وفي عظامه 20% وفي عضلاته 80% هكذا فإن الإنسان بحاجة ماسة إلى الماء ولا يمكنه أن يعيش بدون ماء أبداً.

ولا تقتصر مهمة الماء في استعماله للشرب بل له في الحياة مهام متعددة، إذ إن الإنسان يستخدمه في تنظيف جسمه وثيابه وأدوات منزله وفي طهي طعامه وصنع شرابه واستخدمه علاجا لأمراضه وسقيا لزراعته ودوابه ودواجنه، كما استخدمه في أعماله الصناعية وأغراضه الترفيهية، وهكذا نجد أن الماء ضرورة من ضرورات الحياة في كافة المجالات، وقد قال ابن قيم الجوزية في الطب النبوي: (الماء مادة الحياة وسيد الشراب وأحد أركان العالم، بل ركنه الأصلي)..

وبهذه المناسبة أذكر رسالة وجهها الإمبراطور الروماني إلى معاوية يسأله عدداً من الأسئلة ومنها: ما هو الشيء الذي يعتبر بذر كل شيء؟ فأحال معاوية الرسالة إلى ابن عباس الذي ملأ زجاجة بالماء وكتب عليها (بذر كل شيء).

نعم إن الماء بذر كل شيء وأصل كل شيء وهو نعمة وهبها الله لنا لننعم في حياتنا وقضاء حاجاتنا.. لطفاً يا مديرية المياه بالرياض.. لا تحرمينا من تلك النعمة كي نستطيع العيش بهدوء وسلام دون الانتظار والسؤال متى يأتي الماء؟




 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد