Al Jazirah NewsPaper Sunday  24/05/2009 G Issue 13387
الأحد 29 جمادى الأول 1430   العدد  13387
قنوات فالوب: دور رئيسي لحدوث الإخصاب والحمل

 

يتردد بين كثير من السيدات في مرحلة الخصوبة مصطلح الأنابيب أو البوقان ولكن كثيرون لا يعرفون ما هي وظيفتها أو تكوينها ودورها بتأخر الإنجاب.

و تجيب د. منى مصطفى - استشاري النساء والتوليد بمراكز د. سمير عباس الطبية عن هذه الأسئلة فتبدأ بقولها أن هذه الأنابيب أو قنوات فالوب هما أنبوبان عضليان يتفرعان على جانبي أعلى الرحم ويبلغ طولهما حوالي 10 سنتيمترات وتنتهي بفتحة متصلة بالتجويف البطني وبهما أهداب صغيرة جدا وظيفتها التقاط البويضة عند خروجها من المبيض ودفعها إلى داخل القناة. أما الوظيفة الأساسية فقناة فالوب وخاصة الجزء الداخلي الملاصق للرحم فهو المكان الطبيعي الذي يتم فيه التقاء الحيوان المنوي والبويضة ومن ثم حدوث التلقيح. وتفرز القناة إفرازات تساعد البويضة على البقاء لحين حدوث التخصيب ثم تقوم الأهداب الداخلية الموجودة بالقناة بدفع البويضة الملقحة إلى داخل الرحم لحدوث الانغماس في بطانة الرحم وحدوث الحمل.

وتمثل قناة فالوب والتغيرات الباثولوجية (المرضية) في حوالي 14% من حالات تأخر الإنجاب وهناك كثير من الأسباب المؤدية إلى ذلك أهمها ما يلي:

1 - العيوب والتشوهات الخلقية في الأنابيب أو غياب إحداها وتقترن بتشوهات خلقية مصاحبة في الرحم.

2 - التهابات قنوات فالوب وهي في معظمها إما عن طريق الدم أو إلتهابات صاعدة من عنق الرحم وأشهر الأسباب هو الدرن والكلاميديا وتؤدي هذه الالتهابات إلى التأثير على وظيفة القنوات وعدم قدرة الأهداب على أداء مهمتها.

3 - انسداد القنوات وقد يحدث في واحدة منها أو كلاهما وينتج غالبا عن الالتهابات. إن الانسداد قد يكون في الجزء الخارجي المنوط به التقاط البويضات أو الجزء الأوسط والداخلي والذي يمكن أن يؤدي إلى احتجاز البويضة الملقحة داخل الأنبوب ويحدث ما يسمى بالحمل خارج الرحم.

4 - الالتصاقات المحيطة بقنوات فالوب من تجويف البطن وينتج عن العمليات الجراحية مثل استئصال الزائدة الدودية أو عمليات الحوض مثل استئصال الأورام الليفية أو أكياس المبيضين وتحيط هذه الالتصاقات بالقنوات وتجعلها غير قادرة على أداء وظيفتها.

5 - ومن التغيرات الباثولوجية في قنوات فالوب أيضا هو التجمعات المائية (Hydrosalpinx) حيث يحدث انسداد جزئي في القناة ويؤدي إلى تجمع بعض الإفرازات التي قد تحتوي على مواد كيميائية تعبر إلى داخل تجويف الرحم وتجعل البطانة الداخلية غير صالحة لانغماس الأجنة.

وتضيف د. منى مصطفى أن وسائل تشخيص سلامة قنوات فالوب محدودة حيث يصعب استخدام الموجات فوق الصوتية وتنحصر هذه الوسائل في طريقتين:

أولاً: الأشعة الصبغية وتعتبر أشهر هذه الطرق وهي أداة تشخيص أساسية في علاج تأخر الإنجاب وتتم بحقن مادة صبغية عبر عنق الرحم وتمر هذه الصبغة عبر الرحم ثم إلى قنوات فالوب ثم إلى تجويف البطن وتتم بدون استعمال مخدر وبعد انتهاء الدورة الشهرية مباشرة.

ثانيا: المنظار الجراحي عن طريق البطن حيث يمكن من خلاله فحص قنوات فالوب وحقن الصبغة للتأكد من سلامتها وأيضا فحص الرحم والمبايض والتجويف البريتوني.

و كما ذكرنا سلفا فإن الأسباب المتعلقة بقنوات فالوب تؤدي إلى تأخر الإنجاب ولذلك فإن البرامج العلاجية القادرة على علاج هذه المشكلة هي وسائل الإخصاب المساعد وتنقسم إلى وسيلتين الأولى هي التلقيح الصناعي لبويضات الزوجة باستخدام الحيوانات المنوية للزوج وتصلح في حالات انسداد إحدى القنوات. أما الطريقة الثانية في حالات الانسداد الكلي للقنوات وهي طريقة الحقن المجهري وتعتمد على تحفيز التبويض لدى الزوجة ثم سحب البويضات من المبيض عن طريق الموجات فوق الصوتية المهبلية ثم حقن البويضات في مختبر الإخصاب المساعد بالحيوانات المنوية وإرجاع البويضة الملقحة إلى الرحم لحدوث الحمل إن شاء الله.

تأخر الحمل لأسباب غير معروفة

إن تأخر الحمل هي من المشاكل الأساسية التي تواجه الزوجين بعد الزواج وتزيد المعاناة في علاج هذه المشكلة في حالة ما إذا أثبتت الفحوصات والتحاليل عدم وجود سبب معين لتأخر هذا الحمل حيث تظهر التحاليل أن التبويض طبيعي وأن الأنابيب سليمة ومفتوحة وأن تحليل السائل المنوي للزوج يكاد يكون طبيعيا وللأسف كثرا ما يؤكد الأطباء للزوجين عدم وجود سبب معين لتأخر الحمل وينصحوهما بضرورة الانتظار حتى يحدث الحمل الطبيعي. وبسؤال د. أشرف يونس - استشاري أمراض النساء والتوليد بمراكز د. سمير عباس الطبية- عن نفسير ذلك يقول دعونا نبدأ بالزوجة لتشخيص أسباب تأخر الحمل بسبب غير معروف. إن من أشهر الأسباب التي قد تخفى أو يغفل كثير من الأطباء مراجعتها هي الأسباب المناعية والتي قد تؤدي إلى حدوث مشاكل في حدوث الحمل سواء نتيجة وجود أجسام مضادة للحيوانات المنوية مما يعوق إخصاب البويضة أو أجسام مضادة أخرى ضد الغدة الدرقية مما يحدث اضطرابات في هرمون الغدة الدرقية التي بدورها تؤثر على عمل المبايض أيضا هناك مجموعة كبير من الأجسام المضادة التي قد تؤثر على زرع الأجنة في بطانة الرحم أو تؤدي لحدوث إجهاض مبكر غير ملحوظ قبل موعد الدورة المنتظرة ومنها (anticordiolipinantibody - lopusanticoagulant) ومن الأسباب المهمة أيضا وجود مشاكل جينية أو كروموسومية غير ملحوظة وهذه يمكن اكتشافها عن طريق عمل تحاليل للكروموسومات للزوجة لاكتشاف المشكلة الكروموسومية سواء وجود نقص أو زيادة في عدد أو حجم أحد الكروموسومات. ومن أهم الأسباب التي قد لا تكتشف وجود انتشار غير مرئي في الحوض لأجزاء من البطانة المهاجرة للرحم. وهذه الأجزاء من البطانة المهاجرة للرحم قد لا يمكن رؤيتها عن طريق المنظار التشخيصي العادي عن طريق البطن ولا يمكن تشخيصها إلا عن طريق أخذ عينات من الأنسجة وتحليلها وهذا أمر يصعب حدوثه. ومن الأسباب التي قد تحدث ارتباكا للزوجين وجود قنوات فالوب مفتوحة عن طريق عمل أشعة بالصبغة على الأنابيب والرحم، ولكن في نفس الوقت تكون هذه الأنابيب غير سليمة بحيث لا تقوم بوظيفتها في حدوث الإخصاب بداخلها ثم نقل الجنين عن طريق حركة الأهداب إلى التجويف الرحمي لتتم زراعته في بطانة الرحم. ويضيف د. أشرف يونس أنه مما سبق نجد أن معظم هذه الأسباب يمكن تجنبها عن طريق عمل التلقيح المجهري. فمثلا وجود البطانة المهاجرة التي قد تؤثر في حدوث عملية الإخصاب يمكن معالجتها عن طريق حدوث الإخصاب وانقسام الجنين في مراحله الأولى خارج الجسم وهو ما يتم في التلقيح المجهري. والأسباب الجينية والكروموسومية يكون علاجها عن طريق فحص الأجنة كروموسوميا وجينيا قبل إرجاعها إلى الرحم عن طريق أخذ عينات منها يمكن اختيار أفضل الأجنة والتي تكون خالية من المشاكل الكروموسومية وكثير من الأمراض الوراثية. أما وجود قنوات فالوب التي تكون ظاهريا عن طريق الأشعة مفتوحة ولكنها وظيفيا غير سليمة فعن طريق التلقيح المجهري يتم تجاوز خطوات الإخصاب ونقل البويضة ثم الجنين التي تتم في الأنابيب حيث تتم كل هذه الخطوات خارج الجسم ليتم إرجاع الأجنة مباشرة إلى التجويف الرحمي.

و بالطبع لا يمكن إغفال دور الرجل في العملية الإنجابية فمن المعروف أن تأخر الحمل قد يحدث في 10 - 15% من حالات الزواج وقد وجد أن وجود ضعف في خصوبة الرجل قد يساهم في حوالي 50% من حالات تأخر الإنجاب وقد يوجد سبب ظاهر لضعف خصوبة الرجل ولكن في حالات كثيرة قد لا يتم العثور على سبب يبرر ذلك. لذا وجدنا أنه من الضروري سؤال د. شريف غازي - استشاري أمراض الذكورة بمراكز د. سمير عباس الطبية عن دور الزوج في هذه المشكلة فأجاب أنه في دراسات منظمة الصحة العالمية ظهر أن متوسط تركيز عدد الحيوانات المنوية في تحليل السائل المنوي للرجال كان أوائل القرن العشرين حوالي 130 لكل ملليليتر وأصبح في آخر القرن العشرين وبداية الألفية الجديدة الحد الأدنى المقبول هو 20 مليون لكل ملليليتر لذلك أصبح من الواضح أن هناك مؤثرات بيئية وعوامل قد تكون جينية وأسلوب للحياة أو التلوث وكل ذلك دخل دائرة اهتمام العاملين بمجال الذكورة والعقم والصحة الإنجابية.

وأضاف د. شريف غازي أنه بالرغم من التقدم العلمي والتقني في تشخيص أسباب تأخر الإنجاب إلا أنه مازال هناك بعض حالات تأخر الإنجاب لم يستطيع العلم تشخيصها بعد ومن هنا ظهرت قدرة التحاليل الخاصة بالكروموسومات (الصبغيات) والجينات وتحليل الحمض النووي والتي تتم عن طريق جهاز (PCR) والكشف عن أسرار هذه الحالات والتي تعجز معها الفحوصات المختبرية العادية وكشف سبب تأخر الإنجاب وحديثا أثبتت العديد من الأبحاث الطبية إمكانية حدوث خلل في المادة الوراثية أو الحمض النووي بالحيوانات المنوية أو بالكروموسومات التي يحملها هذا الحيوان المنوي (Sperm aneupliody) وهذه العيوب لا يتم إكتشافها بمجرد إجراء تحليل سائل منوي عادي ولكن قد تستلزم بعض الفحوصات الخاصة مثل (F.I.S.H) أو فحوصات أخرى لتحديد عيوب في تصنيع الحمض النووي (DNA Apoptosi) لقد ظهرت العديد من التحاليل الطبية الحديثة والتي تعني بالتركيب الجيني للكروموسوم Y وهو أصغر كروموسومات النواة في خلية جسم الإنسان وهذا الكروموسومY يحمل جميع الجينات الخاصة بعملية إنتاج النطاف وهذه الجينات تحمل المادة الوراثية وهي صغيرة الحجم للغاية وتمثل جزء من الكروموسوم لذلك فإن تحليل صبغات الوراثة غير قادرة على إظهار عيوب هذه الجينات وحديثا يمكن بسهولة تشخيص غياب أو حذف أي من هذه الجينات بواسطة جهاز (PCR).

وقد وجد أن زيادة نسبة عيوب التصنيع في الحيوان المنوي مرتبط ومتلازم مع تأخر الإنجاب بدون سبب ظاهر وأحيانا حدوث الإجهاض المتكرر وحتى قد يسبب فشل متكرر لمحاولات أطفال الأنابيب والحقن المجهري ولذلك توصي جميع الدوائر الطبية لعلاج أي مؤثرات تؤدي إلى هذه العيوب ومنها على سبيل المثال لا الحصر وجود التهابات في السائل المنوي أو الجهاز التناسلي للرجل أو وجود دوالي الخصية أو بعض العقاقير الطبية المؤثرة أو قد يكون هناك عوامل بيئية مختلفة مثل التعرض للحرارة بصورة متكررة في الساونا ومياة الاستحمام الساخنة أو مواد كيميائية ضارة مثل المبيدات الحشرية أو بعض الموجات الكهرومغناطيسية مثل أشعة الرادار والموجات الكهرومغناطيسية.

وأخيراً يقول د. شريف أنه يتم تصنيع الحيوان المنوي في داخل خصية الرجل بعد عملية البلوغ في سن 12 -14 سنة وفي هذه الفترة يكون جهاز المناعة اكتمل النمو ولم يسبق له التعرف على الحيوانات المنوية للرجل لذلك فإن الله سبحانه وتعالى في خلقه الكريم لجسم الإنسان يتم عزل الحيوانات المنوية بعيدا عن جهاز المناعة لأنه في حالة تعرف جهاز المناعة عليها فإنه سيعتبرها جراثيم غريبة أو عدوى ويقوم بإنتاج أجسام مضادة لها ولذلك تبعات كثيرة تؤدي إلى تأخر الإنجاب وقد أثبتت تقارير منظمة الصحة العالمية وجود نسبة من تأخر الإنجاب لدى الرجل نتيجة نشاط جهاز المناعة ضد الحيوان المنوي بنسبة تتراوح بين 3-36% من حالات تأخر الإنجاب. وأسباب حدوث وتكوين هذه الأجسام المضادة نتيجة نشاط جهاز المناعة متنوعة منها ما قد يكون نتيجة حدوث التهابات في الخصية وبعض الجراحات أيضا ومنها ما قد يحدث بدون سبب واضح ومن الممكن طبيا الآن تشخيص وجود هذه الأجسام المضادة عن طريق بعض التحاليل البسيطة التي يتم إجراؤها للسائل المنوي وفي معظم الحالات التي يثبت وجود الأجسام المضادة يتم الاستفادة وبنجاح كبير من أطفال الأنابيب والحقن المجهري مع نسب نجاح مرتفعة للغاية.




 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد