Al Jazirah NewsPaper Wednesday  27/05/2009 G Issue 13390
الاربعاء 03 جمادىالآخرة 1430   العدد  13390
حتى لا تكون للبندقية والقلم فوهة واحدة!
رمضان جريدي العنزي

 

منذ مئات السنين ولغتنا العربية ممتلئة بعنف جذري، ومنذ مئات السنين والقلم والبندقية يمتزجان مع بعضهما بعضا، حتى صارت فوهة البندقية وفوه القلم فوهة واحدة، ومنذ مئات السنين ونحن نردد ونلقن أبناءنا وأحفادنا (السيف والرمح والقرطاس والقلم ) حتى صار للسيف (ثمانين) اسما،

وكذلك الرمح والترس، قصائدنا كلها دماء وقتل وسيوف ورماح وبنادق رصاص وقذائف واحجار وتفخيخ، قصصنا معارك وكمائن وسواتر وجثث وأطلال حتى جعلنا الخراب جميلا نتغنى فيه، وحتى تركنا الوردة لوحدها تضمحل وتموت، نناصب الآخرين العداء والكراهية، حتى لو كانوا طيبين وخيرين وأنقياء وطاهرين منذ نبوخنذ مرورا بالحجاج ووصولا لطواغيت العصر المتطرفين بكل أشكالهم وألوانهم وأطيافهم وانتماءاتهم الفكرية والاديولوجية المتسربلين بالدم وبالقتل، منذ مئات السنين وثقافتنا ترقص على أكتاف الموت، وفناء الحياة منذ مئات السنين ونحن نكتب نصوصا نرتكبها كردود أفعال بصيغة عمل ثقافي عنيف، حتى أصبحت ثقافتنا جزءا من العنف والموت والدمار، وحتى اكتسح هذا العنف بلادنا العربية من الماء الى الماء، وحتى أصبحت البنى التحتية للبلدان العربية مهددة بالانهيار والسقوط ؟!، أسئلة كثيرة تمس شغاف قلبي اطرحها على النخب الثقافية، هل عملنا الثقافي عمل عنفي ؟ اذا كان نعم، هل من الممكن أن نتعرف بدقة على الاسباب الثقافية او الدينية او الايديولوجية التي أدت الى هذا التطرف الاعمى البغيض؟ وهل ممكن أن نواجه هذا العنف وهذا التطرف وتحويله الى سلوك حضاري لمجتمع حداثي يريد ان يبني صروح البناء والعمل، دعونا نفكر في المدى البعيد من حيث الاسباب ومن حيث النتائج، وأن نربطها ببؤرة الاحداث القريبة وكيفية علاجها وتلافيها، لأسأل بعدها مرة اخرى، ماهي رؤية المثقف العربي ؟ ومادوره لكي يسهم في صنع مناعة تحمي المجتمع العربي من العنف والتطرف في الفكر وفي العمل؟ وماهي المعالجة الثقافية العميقة التي هي من اختصاصه كمثقف، بمعنى أن عليه التفكير في الأسباب السياسية والاقتصادية والاجتماعية واللغوية، لذا أقترح أن تكون معالجة المثقف ودوره هو الوقوف طويلا على عتبه إصلاح اللغة ومفرداتها واستبدال الكلمات العنيفة التي يستخدمها يوميا الى كلمات أكثر رقة وأكثر واقعية بعيدا عن غوغائية المفردة وحدة التخاطب، وعليه عشرات المرات أن يفكر قبل أن يكتب كلمة واحدة او يقولها، لأن كل خلايا ألسنتنا العربية مفطورة على كلمات قاتلة إنني في الاخير أقول: إننا بحاجة ماسة لصحوة ثقافية ولغوية حتى لا تضيق بنا العبارة ويلفنا الصمت، وحتى لا تكون للبندقة والقلم فوهة واحدة.



ramadan.alanazi@aliaf.com

 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد