Al Jazirah NewsPaper Wednesday  27/05/2009 G Issue 13390
الاربعاء 03 جمادىالآخرة 1430   العدد  13390
غربة الطالب في الجامعة
د. مساعد بن عبدالله النوح

 

الغربة، هي شعور غير مألوف ينتاب المرء عندما يحدث عليه تغيير في مكان وشكل وأسلوب حياته، وهو شعور طبيعي. يحدث للكبار والصغار الذكور والإناث، ويختلف الأفراد في التعامل معه؛ فمنهم من يواجهه ويستطيع التغلب عليه، وبالتالي التكيف مع الحياة المستجدة، ومنهم من يطول معه هذا الشعور، وربما لا يستطيع مقاومته.

لقد جرت العادة أن تستخدم كلمة غربة لمن ترك مكان إقامته الذي اعتاد عليه وعاش في مكان جديد، أو انضم إلى مجموعة مختلفة عنه في عناصر الثقافة، وتستخدم الكلمة ذاتها في هذه المساحة؛ للتعبير عن حالة طالب مستجد على الحياة الجامعية.

وغربة الطالب المستجد على الحياة الجامعية تشير إلى تغير جذري في طبيعة الدراسة بالجامعة من حيث التخصصات العلمية وعدد ونوع المقررات الدراسية وطرق تدريسها وما تحتاجه من تقنيات متنوعة ومتطلبات اجتيازها وأدوار الطالب ونوع العلاقات التبادلية مع أعضاء هيئة التدريس وساعات المحاضرات وفترات اليوم الدراسي وطبيعة الأنشطة، والأهم مما سبق نظرة الطالب لذاته ومن حوله.

ولعل من أسباب حدوث شعور الغربة لدى الطالب المستجد على المرحلة الجامعية أنه لم يمهد له من قبل أي في السنة النهائية من المرحلة الثانوية من مدرسته وأسرته معاً، وإذا كان اللوم يلقى على عاتق مدرسته الثانوية؛ لتقصيرها في التعريف بالجامعة، فإن الجامعة تشاركها في التقصير.

لقد اعتاد طلاب الصف الثالث الثانوي القيام بزيارات لمؤسسات التعليم العالي المدنية والعسكرية، لكنها تعتبر قليلة. وبما أن جدول الحصص الأسبوعي لهؤلاء الطلاب لا يسمح بعمل زيارات متكررة، فالأولى أن يقوم أعضاء هيئة التدريس من تخصصات مختلفة بهذه الزيارات وفق خطة تضعها لجنة تسمى ب(لجنة التعريف بالجامعة) مؤلفة من مسؤولين من عمادة القبول والتسجيل وعمادة شؤون الطلاب وعمادة السنة التحضيرية.

ومن مهامهم زيارة المدارس ولاسيما التي تقع بعيداً عن موقع الجامعة، والتعريف بتخصصات الجامعة وسنوات الدراسة وحاجات سوق العمل وصور من التقدير العلمي للجامعة وموضوعات أخرى بالصوت والصورة.

من المشاهد التي تعبر عن شعور الطالب بالغربة الدراسية: التأخر في حضور محاضراته أو الغياب المتكرر والخوف من المناقشة والحذر من التعبير عن آرائه والاعتماد على المذكرات وما يدور في المحاضرات وتدني عدد مرات زيارة المكتبة وانتشار التدخين بينهم والتأثر بسلوك الرفقة وتدني المعدلات التراكمية وغياب الهدف من الدراسة وتدني احترامه لمواعيد متطلبات اجتياز المقررات الدراسية، حتى في أيام اختبارات نهاية الفصل الدراسي تجد الكثير من الطلاب من يتخلف عن حضور الاختبارات في مواعيدها.

قد يفسر البعض أن سبب حدوث هذه الحالات هو الوضع الأسري للطالب حيث التصدع في العلاقات بين الوالدين أو تفككها أو الإقامة في سكن مستقل.

وعلى الرغم من صحة هذا التفسير إلا أنه ليس السبب الأهم؛ إذ أشارت كتابات عن هذا الموضوع إلى أن هذه الأمثلة التي تظهر على سلوك الطلاب لها أسبابها الفردية والاجتماعية والاقتصادية، وتتمثل هذه الأسباب على وجه التحديد في صراع الأجيال والتغير القيمي والتناقض المعيشي في حياة المجتمع بين حياة الرفاهية وحياة الفقر.

وأوضحت أن الشعور بالغربة يقل تدريجياً كلما ارتفع معدل وعي الطالب بقيم الانتماء لمجتمعه أينما توجه ولجامعته ولدينه ولصحبته.

كما أظهرت الكتابات ذاتها عدم وضوح دور الجامعة في تدعيم الوعي لدى طلابها ولاسيما المستجدين لمساعدتهم على مواجهة شعور الاغتراب في الجامعة.

تتكرر هذه الحالات دورياً من بعض الطلاب داخل قاعات المحاضرات وخارجها، ونتحسر على حالهم؛ لأن أي عضو هيئة تدريس ينزلهم منزلة الأبناء أو الأخوة الأصغر سناً، وهذا الشعور ينسجم مع توجيه نبوي يدعو إلى العطف على الصغير.



drmusaedmainooh@hotmail.com

 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد