Al Jazirah NewsPaper Friday  29/05/2009 G Issue 13392
الجمعة 05 جمادىالآخرة 1430   العدد  13392
حولها ندندن
أين يكمن الخلل؟
د. جواهر بنت عبدالعزيز آل الشيخ

 

التقيت مؤخراً بمجموعة من الصديقات اللاتي انتهين من التجهيز للسكنى في منازل جديدة، فبعد أن أنهى أزواجهن العمار الذي هو قطعة من نار، سلموا الراية لهن لإتمام الإخراج الأخير، من ديكورات وكهرباء وحدائق وغير ذلك، بحكم أنهن متفرغات لذلك، ولأن النساء أرق ذوقا وأدرى بمثل هذه الأمور.

وصارحتنا كل واحدة منهن بأنها وجدت أن جميع العاملين المحيطين بها من غير السعوديين، وأنها سلمت كل واحد منهم رزمة مالية من الألوف المؤلفة، مع أن عمل العامل منهم لا يصل إلا إلى ساعات فقط، كما أنه ليس بالإتقان المطلوب في كثير من الأحايين، فتساءلن بحق وألم: أين الشباب السعودي الذي يتباكى لعدم وجود فرص عمل له؟

قد يقول قائل: إن هذه الأعمال تحتاج لتدريب الشباب عليها قبل مطالبتهم بأدائها، وهذا الرأي محق في غايته، ولكني أرى مكان الشباب شاغرا بدرجة لافتة للنظر، والتدريب الذاتي ليس عسيرا على من يريد أن يثبت وجوده، ويبني أسرته، ويخدم مجتمعه، فأين الطموح؟ وأين الرجولة؟ وأين من نعلق عليهم الآمال المستقبلية؟

لقد كان جيل الآباء والأجداد يحفرون الآبار، وينحتون الصخر بأظفارهم طلبا للقمة العيش، وإثباتا لرجولتهم، كما قدموا للوطن زخما هائلا من الصناعات اليدوية التي أنشؤوها، بل كانوا يشدون الرحال إلى خارج البلاد بحثا عن الرزق الشاق المتغرب، ورغبة الواحد منهم أن يكون يدا عليا لا يدا سفلى، وعالة على سواه.

هل يعجز الشاب - لا سيما الذي لم يكمل تعليمه الجامعي - عن أن يقول: ها أنا ذا في مجال الأعمال اليدوية التي تكسب ذهبا في خلال أشهر، بل في خلال أيام، بل هي ساعات أحيانا، وأين يكمن الخلل؟ هل يكمن في مخرجاتنا التربوية في المدرسة والمنزل والجامعة على حد سواء؟

إننا لم نعد نرى - في مجمل الأمر المر - إلا شبابا هزيلا منكسرا اتكاليا يبحث عن القشور والمظاهر، ويتهاوى أمام صغار العقبات قبل كبارها، يفتقد فن ابتكار الحلول وسبل إيجاد المخارج، يبحث عمن يصنع له حلول مشكلاته، حتى لو كان عن طريق الضحك على عقل امرأة سواء عن طريق الحرام أو الحلال، حيث أضحى الزواج من موظفة هو أقصى أماني الشاب، لا لكي تحمل عبئها المادي الباهظ عنه، وإنما لتساعده على شراء سيارة خاصة له، أو اقتناء منزل باسمه، وبدلا من أن تطمع فيه - كما هو المتعود - طمع هو فيها.

لقد أصبح العديد من الشباب عالة على أهله ومصدر عناء، إلى حد أن البعض منهم لا يضيرهم أن يأخذ أهلهم الصدقات ليعطوهم إياها، أو يكبلوا أنفسهم بالديون في سبيل عيون أبنائهم الذين ينامون نهاراً، ويصحون ليلاً، ويتسكعون في الأسواق، وبدلا من أن يصبحوا سندا وذخرا، صاروا هما دائما ينشد الحل السحري!.



g.al.alshaikh12@gmail.com

 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد