Al Jazirah NewsPaper Friday  29/05/2009 G Issue 13392
الجمعة 05 جمادىالآخرة 1430   العدد  13392
تجربة رائدة في تعليم القرآن الكريم
د. سعود بن عبدالعزيز العاصم

 

المملكة العربية السعودية رائدة في مجال التربية والتعليم بمختلف مساراته منذ وقت مبكر فكان لمدارس تحفيظ القرآن الكريم التابعة لوزارة التربية والتعليم دوراً رائداً في التربية والتعليم. كما كان لحلق القرآن الكريم في المسجد الحرام بمكة المكرمة والمسجد النبوي بالمدينة المنورة، النصيب الأوفر في تعليم القرآن الكريم وتعلمه في المسجد، وعم ذلك أكثر من ثلاثين ألف مسجد في المملكة العربية السعودية بفضل الله ثم بفضل الرعاية المستمرة من ولاة الأمر وفقهم الله ووزارة الشؤون الإسلامية والدعوة والإرشاد على رأسها معالي الوزير الشيخ صالح آل الشيخ وفقه الله، وأحسن رعايتها وذلل صعابها.

فاستفاد أبناء وبنات بل وآباء وأمهات في هذا البلد المبارك، نسأل الله أن يجعل ذلك في ميزان حسنات كل من أسهم في هذا العمل الخيري الرائد، وأصبحت هذه الحلق مراكز إشعاع في المجتمع تربي على الفضيلة وتحصن الشباب من الجنسين من الأفكار والأخلاق المنحرفة، كما تغرس فيهم الوسطية والاعتدال في فكرهم الناشئ وسلوكهم القويم، وتحفظهم تحت السمع والبصر بعيداً عن الاستراحات المشبوهة والعلاقات المنحرفة.

ومع كل هذا الإنجاز نرى أن هذه الحلق لا تتناسب في نموها مع النمو السكاني في المملكة، حيث نسبة الشباب تفوق 65% من السكان ويفترض أن يكون هناك نمواً مطرداً في الحلق، كما ذكر ذلك معالي وزير الشؤون الإسلامية عند افتتاحه لمجمع الموسى لتعليم القرآن الكريم في جنوب الرياض.

ثم إن المتأمل لحلق القرآن الكريم القائمة، وفي بعض النواحي يلحظ تناقص أعداد طلابها وهذه تشكل ظاهرة تسرب خطيرة تحتاج إلى وقفات جادة من المسؤولين في الوزارة وفقهم الله لتقصي السبب قبل أن يستفحل الأمر ويتسرب الشباب من الحلق، فشبابنا أمانة في أعناقنا ينبغي أن نتلمس احتياجاتهم الشرعية، والفطرية والنفسية، والاجتماعية، والترويحية، وأن لا نعاملهم بعيداً عن مرحلتهم السنية وحاجتهم إلى الترويح وأوقات الترويح عن النفس ليعيشوا هذه المرحلة من حياتهم وكما أراد الله عز وجل، وليس كما نريد نحن!

فالحوافز والترويح والرحلات والزيارات والمناشط المختلفة المنضبطة بضوابط الشرع خير معين للشباب على الإقبال لحفظ وفهم وتدبر كتاب الله تعالى.

لكن الوضع الحالي لا يتيح للشباب التمتع بمرحلتهم السنية التي من طبيعتها الترويح عن النفس وشيء من اللعب المباح، فالرسول صلى الله عليه وسلم جلس ينظر إلى الحبشة وهم يلعبون بالرماح في المسجد، بل إن الصحابة يضعون لأطفالهم اللعب من العهن لإلهائهم في حال تدريبهم على الصيام، وهو عبادة وركن من أركان الإسلام.

كما أن سماحة الشيخ عبدالعزيز بن باز - رحمه الله - كان ينظم الرحلات لطلابه في الدلم ويخصص أوقاتاً للترويح. وعندما تولى إدارة الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة أمر بعمل ملعب لكرة القدم ليمارس الطلاب الرياضة بجانب تحصيلهم للقرآن الكريم والعلوم الشرعية الأخرى.

إن المنهج المطبق الآن في حلق القرآن الكريم ينقصه الكثير من البرامج والمناشط التربوية المعينة والمشجعة على الالتحاق بهذه الحلق والاستمرار فيها، حيث أغفل بالكلية حاجات الطفل التربوية والنفسية والاجتماعية وميوله إلى الترويح عن النفس والانطلاق واللعب المباح وفق الضوابط الشرعية، ولكن أن يحرم الطفل ويعامل معاملة الكبار فهذا مخالف لفطرته التي فطره الله عليها، ونخشى أن نخسر أبناءنا وبناتنا إذا لم يجدوا الجو الممتع والحاجات المحفزة والمشجعة على الاستمرار في ظل كثرة المغريات والملهيات نسأل الله السلامة ويومها لا يفيد الندم.

إنني متفاءل بوجود الرجال المخلصين الصادقين ذوي البصر والبصيرة الحريصين على تطوير حلق القرآن الكريم في بلاد الحرمين الشريفين وعلى رأسهم العلامة معالي الوزير الشيخ الدكتور صالح آل الشيخ حفظه الله.

فالأمر بحاجة إلى التطوير المتسارع للحفاظ على حلق القرآن الكريم، الذي ما فتئ ولاة أمرنا - حفظهم الله - يشجعون ويدعمون هذه الحلق بسخاء، فشكر الله سعيهم وأثابهم على عملهم.

وفق الله القائمين على حلق القرآن الكريم تعليماً وتعلماً وإشرافاً ودعماً إلى كل خير والحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد.

والله يحفظكم ويرعاكم.

- مدير عام الإدارة العامة للتوعية الإسلامية بوزارة التربية والتعليم



 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد