Al Jazirah NewsPaper Friday  29/05/2009 G Issue 13392
الجمعة 05 جمادىالآخرة 1430   العدد  13392
المواجهة
نورا العلي

 

بين البوح والبوح آهة حرّى، ودمعة حيرى.. كل رعشة يد تسبقها رعشة قلب، وكل لحظة تأمل ووجوم، تتبعها لحظات ألم وانكسار.

حينما يلامس الوجع الشفاه، تصعق الحروف، تُزمجر الكلمات، تنتفض المشاعر.. لحظات المكاشفة.. تحدد اتجاها، وقد تقلب مسارا، تغير نظرة، تبدد غيمة.

بالمواجهة ننعتق من دوامة ترقب وانتظار ملّ الملل منهما، ننيخ مطية قافلة ضلت الطريق، أدماها المسير في متاهات غياب.

الانكفاء على الجرح يوغره، يوصد أبواب الشمس، فلا ضياء ولا هواء. حيث لا نكاد نرى شيئا، فالحقد ليل، والغضب ليل، والانتقام ليل، والليل ضرير. لا تضيئه إلا قناديل التسامح.

لا يبرأ الجرح دون ابتسامة الملامح، وقلوب قبل الأكف تصفح وتصافح.

بشيء من التغاضي والتجاوز في العلاقات الشخصية نشعر بانسانيتنا، ومن اللجاجة الخاوية أن نتحدث عن نشوة الانتقام، فما كان انتقام إلا وتبعه ندم، وما من ندم إلا ويمازجه حسرة وألم، وشتان بين عاقبة التسامح وعاقبة الانتقام، فالانتقام.. يبعد الخطا، يفصم العرى، يورث الحقد والبغض، ويحيل الخضرة يباساً، والعمر يباباً.. التسامح يهدئ النفس ويرقى بها، يورث الحب، فيمتد ويمتد إلى أجيال وأجيال. يترك ذكرى طيبة ترتبط بموقف عظيم، فحين تخطوا القلوب نحو التسامح.. يحل الربيع، يبدأ الاخضرار، تزهر نواوير القلب، ينتشر الديدحان في كل الدروب، ينمو الأمل، يورق الحب، فيذوي ويغادر الجدب.

في المواجهة.. دائما ما نقدم عليه، أهون مما نفر منه.

همسة:

قال تعالى: (فَاصْفَحِ الصَّفْحَ الْجَمِيلَ)، والصفح الجميل هنا هو الذي لا عتاب معه.

- القريات







 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد