ما أشد مرارة الظلم إذا وقع على من لا يستطيع الرد في حينه أو لا يستطع الرد بتاتاً ولكن لكل فعل ردة فعل ولو بعد حين، فعلى الذين يتجاوزون في ظلم الآخرين وسلب حقوقهم وقهرهم أن يفكروا تماماً أن ذلك لا يجدي بشيء وأن من أذاق غيره مرارة الظلم فسوف يدفع ضريبة ذلك ولو بعد حين، لأن كل شيء له عاقبة وهي حتمية العواقب التي لا مناص منها عاجلاً أو آجلاً فالخير عواقبه الخير وعواقب الشر هي الشر ومن زرع لا يحصد إلا ما زرع، فالظالم القادر يستهويه البطر بأن ياخذ ما يحلو له ولو كان من أيدي الآخرين لأن نزعة الظلم لديه حالت دون أن يدرك شفافية الإيمان وقدرة الله التي فوق قدرته. ولا ننسى قصة الرجل الذي صفع خادمه من أجل هفوة لا تستوجب تلك الصفعة لأنه لم يسمع نداءه من أول مرة فأسر الخادم تلك الصفعة في قلبه لأنه لم يستطع الرد بصفعة أخرى على من يعمل لديه، وبعد وقت من الزمن أتى المطر فأمر الرجل خادمه أن يقفل قنوات المشارب التي على طرف المزرعة، حيث تلك المزرعة محاذية للوادي خوفاً من جرف السيول لها فأسرع الخادم ففتح القنوات وزاد على ذلك فأتى السيل فدمر المزرعة تدميراً كاملا انتقاماً لصفعة كانت هذه نتائجها. فليعلم جميع من دعتهم قدرتهم على ظلم الآخرين أن كل ما يرتكبونه من التجاوزات سترتد عليهم ولو بعد حين، فإن لم تعط لأصحابها فسيكون القضاء من الله رب العالمين، وأحياناً يكون القضاء طامة تنزل من رب العباد، فهل سيصحو كل متجاوز خصوصاً من يدعي الانتساب للإسلام وأهله.
(اتقوا الظلم فإن الظلم ظلمات يوم القيامة).