Al Jazirah NewsPaper Friday  05/06/2009 G Issue 13399
الجمعة 12 جمادىالآخرة 1430   العدد  13399
رياض الفكر
الشركات العائلية
سلمان بن محمد العُمري

 

تناولت في مقال سابق هذا الموضوع وأجدني مضطراً إلى معاودة الكتابة فيه مرة أخرى لعدة أسباب ومن بينها ما قرأته في إحدى الصحف عن تصفية أملاك أحد كبار تجار الآليات والنقليات في المملكة ممن كان اسمه حاضراً شرقاً وغرباً في السوق ثم انتهى أمر هذه الشركة إلى التصفية النهائية لكل الممتلكات والأصول وبيع جميع الأملاك بالمزاد العلني لعدم اتفاق الورثة.

ثم إعلان آخر حول اختلاف أشقاء حول الوكالات على الرغم من أن والدهم ما زال حياً يُرزق وغير ذلك من الأخبار والقصص التي نسمعها، ونقرأ عنها فنسأل الله العافية.

وفي المقال السابق الذي أعود إلى تأكيد ما قلته سابقاً، أقول: إن العلاقات الأسرية والعائلية المفترض فيها أن تقوم على التواد والتراحم والتعاون والتكاتف والأخوة والألفة والمحبة، ولكن جميع هذه المفردات ومشتقاتها تنقلب إلى أضدادها مع المصالح التجارية والمالية فتحصل الفرقة والتخاصم والعداوة والبغضاء والشحناء والحسد والتفرق وينتهي الأمر إلى الفرقة بعد الخصام في الشرطة والمحاكم ودوائر الحقوق.

والملاحظ في الآونة الأخيرة - مع الأسف - انهيار العديد من الشركات والمؤسسات العائلية وانتهائها على فرقة وخصام وقليل منها ما انتهى وأفضى إلى حلول ودية تعزز من الاحترام المتبادل وتزيد من قوة الأسرة والعائلة وتمنحها المزيد من التلاحم والتقارب بل العكس - مع الأسف - وخصوصاً حينما يحل الطمع وتنعدم الثقة وتغيب الشفافية وتحل الأنانية ويبتعد الإيثار.

والسؤال الذي يتبادر إلى الذهن ما الحل لتلافي مثل هذه الإشكالات مستقبلاً مع الشركاء جميعاً أو مع أبناء رب الأسرة الواحدة والجواب لا يختلف فيه اثنان وهو معلوم ولكنه مغيب واقعياً وعملياً لدى الكثير ألا وهو التنظيم المكتوب الذي يبين الحقوق والالتزامات ويحدد المسؤوليات ويضع آلية واضحة ومحددة تسير الشركة لسنوات عديدة وعدم تركها مستقبلاً للاجتهادات الفردية المتعددة التي عادة ما تكون سبيلاً للخلاف والتنازع، وهذا الأمر يغيب عن أذهان كبير العائلة في حياته وقد لا يحسب حساباً لهذا الأمر لأنه يرى أن الأمور تسير بشكل جيد ولكنه لا يُدرك ماذا سيحدث أو يغمره التفاؤل والثقة في حال الشركة ولا يظن أن الأمور السليمة الآن قد تؤول إلى مآل آخر فيدب الخصام والفرقة وتستهدف العلاقات وتنقطع الصلات.

لقد خسرت أسر كثيرة العديد من روابط علاقاتها، وتحولت إلى خصام وجدل، واندثرت أسماء وشركات كبيرة من السوق المحلي والإقليمي، بل والعالمي، فكم كان لدينا من أسماء كبيرة مؤثرة في مسيرة الاقتصاد خبا نورها وانطفأت شعلتها بوفاة مؤسسها وبانيها وكم من وكالة تجارية مرموقة أفضى تنازع الورثة إلى انتقالها إلى ملاك آخرين ما كان لهم أن يحظوا بها لولا ما استجد من إشكالات بين الملاك الجدد.

نعم إنه غياب الوعي لدى المالك الأول والمؤسس للشركة، أو الثقة المفرطة في الورثة، نعم الثقة بحذر، وهي أمر مطلوب بين الأهل والأقارب، ولكنها ليست بديلاً عن ضرورة وجود ضوابط تحدد المسؤولية وتضع الأمور في نصابها، وتحمي حقوق الجميع وتمنع الاجتهادات وتسد أبواب الخلاف وتسهم في دعم روابط العلاقات والبعد عن الخصام والتنازع.



alomari1420@yahoo.com

 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد