Al Jazirah NewsPaper Friday  05/06/2009 G Issue 13399
الجمعة 12 جمادىالآخرة 1430   العدد  13399
حولها ندندن
الموظفة بين ضغوط العمل والمنزل
د. جواهر بنت عبدالعزيز آل الشيخ

 

لبيت مؤخراً دعوة ثقافية قديرة من موقع نسائي متميز هو موقع (لها أون لاين)، للمشاركة في ندوة بعنوان: المرأة العاملة والتوازن بين المنزل والعمل، في مجمع البابطين الخيري للتراث والثقافة بالرياض، وسعدت بمشاركة الأخت الزميلة الكاتبة القديرة رقية الهويريني، والدكتورة منيرة القاسم الأستاذ المساعد بجامعة الأميرة نورة، والأستاذة شيرين العوفي من الإشراف التربوي، وكانت أهم محاور الندوة: كيف تتغلب المرأة العاملة على ضغوط البيت والعمل بحيث لا يتأثر أحدهما من الآخر، وحقوق الزوج، وكيفية رعاية أبناء المرأة العاملة، وحقوقها وواجباتها المادية والمعنوية، والواجبات الاجتماعية.

وقد كان من بين أهم المحاور التي تناولتها الندوة في موضوعها الحيوي، هو حقوق الموظفة وواجباتها، التي تأتي في مقدمتها الحقوق المادية، حيث إن من حقها حرية التصرف في راتبها حرية تامة فهو نتيجة كدها وتعبها وجهدها، وليس لأحد سلطة عليه، بدءاً من الأب الذي قد يعضلها عن الزواج بسببه، ومروراً بالزوج الذي قد يهددها بالطلاق أو الاستقالة، ونهاية بالأبناء المتطلّبين، ولا سيما أن ولي الأمر ملزم شرعاً بالنفقة عليها حتى لو كانت غنية ومستغنية.

لكن ليس معنى ذلك أن تقبض يديها كل القبض، وتتسربل برداء الأنانية وترفع يدها نهائياً أو غالباً عن المشاركة في الإنفاق على الأسرة، فحق الوالدين عظيم، والرسول الكريم قال :(أنت ومالك لأبيك)، كما أنه من الأفضل والأليق لها أن تساهم مع زوجها في ضروريات الحياة ولا سيما إن كان غير قادر، حتى لو لم يطلب أو يلمّح، والحل يكون في الاتفاق الودي بين الزوجين على حالات الإنفاق الضرورية العادلة، بدلاً من أن تنفق المرأة وتنفق ثم تنفجر بعد ذلك في يوم من الأيام بمنّ وأذى.

أما من حيث الواجبات المنزلية والتربوية، فإن من واجبها: خلق التوازن بين واجبات البيت وواجبات العمل فلا تهمل هذا على حساب ذاك، ولا سيما الزوج والأطفال الذين هم مسئوليتها الأولى أمام الله تعالى.. ثم أمام المجتمع الذي يحتويهم، بَيْد أنه من حقها تعاون الزوج مع زوجته في تربية الأبناء فهم أبناؤه مثلما هم أبناؤها، وذلك في رعايتهم وتدريسهم وتوجيههم وتمريضهم وكافة شئونهم، فهذه مسئوليتهما جميعاً أمام الخالق سبحانه: كلٌّ حسب قدرته، وعدم رمي هذا العبء الخطير على الزوجة وحدها.

كما أن من أهم واجبات الموظفة تنظيم أمورها، وتخطيط أعمالها للمستقبل القريب والبعيد على حد سواء، ووضع البرامج المجدولة الجادة المفيدة سواء لواجبات المنزل أو العمل، وأن تتعود على فن إدارة الوقت وإدارة الذات، كي لا تهرول الفوضى إلى حياتها كسرعة سريان النار في الهشيم، ولعل الحل يتمثل في ضرورة إلغاء كثير من العادات النسائية الخاطئة المتعددة، والتقليل من المجاملات الاجتماعية التي لا طائل من ورائها إلا إضاعة الوقت وتشتيت الجهد، ولكن لا نعني بها صلة الرحم الواجبة شرعاً.

وكذلك من حق الموظفة أن تشعر بالأمان النفسي والاستقرار الوظيفي والأسري، وذلك عن طريق إيجاد بيئات عمل مرنة للموظفات، مثل تلبية احتياجات الأمهات العاملات بضرورة توفير دور الحضانة والروضات في كل مؤسسة حكومية أو أهلية، وأما دورها فيتمثل في الابتعاد عن القلق والتوتر وسوء المواجهات، ووجوب التزام الهدوء وحسن التعامل مع الآخرين المحيطين بها سواء في العمل أو المنزل، لأن فاقد الشيء لا يعطيه، والابتعاد عن الضغوط قدر الإمكان، بل وتوفير أجواء حماية سواء من قبل الرؤساء في العمل أو الزوج الذي يريد أحياناً زوجة وسكرتيرة وخادمة ومربية وموظفة في نفس الوقت!.

كما أن من أولويات واجبات الموظفة الثبات في الأزمات وحسن مواجهتها بالتماسك الشخصي، ومراعاة المصلحة العامة وأمانة المسئولية، والتضحية والتطوع باحتساب وصبر حين الحاجة إليها، كما أنه من المفترض عدم تسرعها باتخاذ القرارات في فترات الضغوط النفسية أو المرضية أو العملية أو الأسرية، التي قد تكون قرارات طائشة تندم عليها فيما بعد، ولكن من حق الموظفة أن تُراعى سواء من قبل الزوج أو أرباب العمل في فترات الضعف البشري العام والضعف الأنثوي الخاص، وتقديم يد العون المعنوية والمادية لها.

أخيراً وليس بآخر هذا الموضوع الواسع المتجدد، أقول إن من واجبنا جميعاً كموظفات أن نعيد تقييم حياتنا الأسرية والوظيفية بصفة عامة بود ومرحمة وتفاهم ونقد بناء، وعلم شرعي بحقوقنا وواجباتنا، مع تعاون وتسامح وعدل من أجل الحفاظ على جميع مكتسباتنا ونمائها دنيوياً وأخروياً.



g.al.alshaikh12@gmail.com

 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد