اطلعت على تعقيب الأخ عبدالرحمن الدغيشم، في عزيزتي الجزيرة (ص32) وتاريخ الخميس 19-5- 1430هـ. مستدركاً عليّ الأحاديث التي أوردتُها عن المرأة ومكانتها في الإسلام، وهي: (خيركم خيركم لنسائه، وأنا خيركم لنسائي)، وقوله: (ما أكرمهن إلا كريم، وما أهانهن إلا لئيم)، وقوله: (يغلبن الكرام ويغلبهن اللئام)، واستغربت غاية الاستغراب هذا التعقيب الذي لم يكن في محله، وما أوردته كانت أسبابه التالي:
1- أن حديث أم زرع الذي في الصحيحين يدل على صحة هذا المعنى، حيث قالت إحدى النساء عن زوجها تحدث عائشة: زاد الزبير (أنا أغلبه تعني زوجها والناسَ يغلب) وكذا في رواية عقبة عند النسائي، وفي رواية عمر عنده، وكذا للطبراني ولكن بلفظ (ونغلبه) بنون الجمع قاله ابن حجر في الفتح.
2- أن الصحف والجرائد ليست مراجع علمية، أو كتب مختصة بالأحاديث النبوية.
3- أن مسائل التصحيح والتضعيف محل اجتهاد بين أهل العلم، فما كان ضعيفاً عند قوم قد يكون صحيحاً عند آخرين والأمثال كثيرة.
4- أن رواية الحديث بالمعنى جائزة، وقد سبقنا إلى ذلك السلف، وفي مقدمتهم الصحابة الكرام والأمثال متوافرة.
5- أن أفعال النبي (صلى الله عليه وسلم) وأخلاقه مع نسائه يدل على صحة معنى ما أوردته.
6- أنه لا فرق بين قولي (نسائه) أو أهله، والزوجة تسمى أهلاً، وفي الحديث: (لو أن أحدكم إذا أراد أن يأتي أهله...) أي يجامع زوجته، وهو في الصحيحين.
7- أن ما أوردته لا علاقة له في العقائد أو الأحكام (الحلال والحرام).
8- الآثار التي ذكرتها من محفوظاتي، وجزء منها محاضرة ألقيتها، ولم يتسن لي الرجوع إلى المصادر.
كما أنه يجب على من أحب الاشتغال بهذا الفن أن يعرف أصوله وقواعده، وأن يكون النقد أو الاستدراك هادفاً، وينبغي له - وفقه الله- أنه في حال ضعف الحديث لفظاً وثبوته معناً أن ينوّه بقوله ضعيف اللفظ ولكن معناه صحيح، كما هي طريقة أهل العلم، ومنهم المحدث العلامة الألباني -رحمه الله-، كما أن المطلوب الاعتدال وعدم التعمق، في الأمور كلها، وقد جاءت الأحاديث بالنهي عن التكلف أو التعمق قولاً أو فعلاً، وأخشى أن يكون فعلك هذا من هذا الباب المنهي عنه..
وأما استدلاله بحديث (من كذب علي متعمداً...)
فهذا استدلال في غير محله، لأن هذا الحديث يوجه أول ما يوجه للذين يكذبون على رسولنا (صلى الله عليه وسلم) لا الذين يوردون أحاديث معانيها صحيحة، وفي القرآن والسنّة ما يؤيدها ويقويها. وهي كثيرة من أشهرها حديث (الماء طهور لا ينجسه شيء إلا ما غلب على لونه وطعمه وريحه) فهو ضعيف، لكن معناه صحيح بالإجماع، وكذلك (كل قرض جر نفعاً فهو ربا) ضعيف ومعناه صحيح بالإجماع.
هذا ما أود الإشارة إليه في هذه العجالة، والموضوع يحتاج لأكثر من ذلك...والله أعلم.
فهد بن سليمان بن عبدالله التويجري - مدير إدارة الأوقاف والمساجد والدعوة والإرشاد بمحافظة المجمعة