Al Jazirah NewsPaper Thursday  11/06/2009 G Issue 13405
الخميس 18 جمادىالآخرة 1430   العدد  13405
نوافذ
أينها..؟
أميمة الخميس

 

كثافة المتابعة الدولية والإعلامية للانتخابات اللبنانية, تحيلنا إلى مدى صعوبة المخاض الذي تمر به الديمقراطية في العالم العربي، ولكن قبل أن أتورط بكلمة الديمقراطية هنا، لا بد أن أتساءل هل السباق البرلماني في لبنان القائم على المحاصصة بين الطوائف والمذاهب (الكوتا) بإمكاننا أن نطلق عليه مسمى ديمقراطية بمفهومها الشامل والعميق والعالمي؟.

بعض الأحزاب أرسلت طائرات خاصة لتنقل اللبنانيين الموالين لها من عواصم العالم (ومنها الرياض) لتكسبهم صوتاً إضافياً في حمى السباق الانتخابي، وبعيداً عن هذا الأمر فمن حق الحملات الانتخابية أن تتوسل جميع الأساليب لتحظى بعدد وافر من الأصوات طالما كان هناك غطاء شرعي يحميها، وقد داخلني إحساس بالكوميديا السوداء عندما سمعت عن الطائرات التي تقل الناخبين، فماذا لو اختلطت الأمور؟.. ماذا لو ذهب لبناني من أتباع النصر الإلهي أو اليوم المجيد، بدلاً من الطائرات التي أرسلت إلى حزب (ما بننسى والسماء زرقاء)، ماذا لو سجلت حملة انتخابية هدفاً ضد نفسها ونقلت شخصاً يتبع الحزب الخصم الذي سيهرول لدوائر الانتخاب ليصوت ضدها؟.. عندها أتتني الإجابة واضحة ومباشرة وأعتقد أنها تختصر القضية كلها..... (هم يعرفون بعضهم البعض من ناحية الانتماء المذهبي والطائفي والناخب يذهب عبر التزكية من دوائر معروفة).

وأجبت هنا: هم لا يعرفون أنفسهم بل يعرفون خلافهم وفرقتهم الجدران التي تفصلهم، الحواجز والسدود التي تفهرسهم وتصنفهم وتقصيهم وتقولبهم ضد بعضهم البعض داخل دولة الطوائف بعيداً عن مشروع دولة المساواة والقانون والمؤسسات.

ومن هنا على الرغم من احترامي العميق للمشهد الانتخابي الحضاري والمنظم الذي شهده لبنان، لكن لم أستطيع أن أستوعب معنى أن يكون هناك ديمقراطية قائمة على المحاصصة والتوريث - آل جميل يتوارث الحكم بينهم - جعجع متوارث - جنبلاط حكم متوارث - الحريري بالتوريث - تويني حكم متوارث - الأسعد متوارث - فرنجية متوارث.... إلخ.. بينما حزب الله يدخل الانتخابات بعمامة إيرانية معتمراً بندقية مسلطة على صدور شعبهم وأي اقتراح يخالف هذا يشعل حرباً أهلية.

الحملات الانتخابية كانت صاخبة، صناديق الاقتراع كانت جميلة، والأصابع الملونة بحبر الانتخابات رائعة - وصورة كارتر (الأب الروحي للديمقراطية) المتواجد دوماً حماية للصناديق تبعث على التفاؤل، كل شيء كان موجوداً عدا... الديمقراطية.

فلا أحد يستطيع أن يقنعني أنه حكم الشعب، أو أنه الشعب الذي اختار ممثليه بناء على القدرة والكفاءة والأمان والإخلاص والتفاني في العمل لأجل الوطن دون خلفيته العرقية أو المذهبية... أنه فقط شكل مهذب لعصر الطوائف.




 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد