Al Jazirah NewsPaper Friday  12/06/2009 G Issue 13406
الجمعة 19 جمادىالآخرة 1430   العدد  13406
العدوانية عند بعض الشباب
عبيد بن عساف الطوياوي *

 

ظاهرة العدوانية، ظاهرة سيئة، بل خطيرة، من أخطر الظواهر الموجودة في أوساط الشباب، وهي من العداء، وهو تجاوز الحد والظلم، يقول المناوي: العدوان أسوأ الاعتداء، في قول أو فعل أو حال. ويقول الجرجاني: العداوة: أن يتمكن في القلب، قصد الإضرار والانتقام.

تأمل أخي القارئ الكريم، واقع بعض الشباب، أو من هم في عقولهم، فقد تمكنت العداوة في قلوبهم، وقصدوا الإضرار في غيرهم، وأساؤوا في أقوالهم وأفعالهم وأحوالهم، والواقع أكبر شاهد وبرهان، فما تمر فترة من الزمن، إلا ونسمع بحادثة يندى لها الجبين، بل بحوادث تهز المجتمع، من عظمها وشناعتها تبلغ الآفاق، وتصير حديث الناس في مجالسهم فكم نسمع عن قضايا الاختطاف والاغتصاب، حالات الشذوذ والانحراف، أطفال قد لا يتجاوز أحدهم سن السابعة، يذهب ضحية لعدوانية شاب متهور، لا يدرك عواقب الأمور ولا نتائجها.

وكذلك السرقات فقد صار الواحد منا يخرج من بيته ويده على قلبه، ولا يأمن على سيارته عند بابه، ولا على متجره إن كان تاجراً بل ولا على ما في جيبه، صار بعضهم يسرق ما في جيبه في بعض المقابر وهو حامل لجنازة أمه أو ابنه.

وكذلك المضاربات لا يمشي بعض الشباب إلا وعصاه أو سكينه معه، حتى في بعض المدارس، ويأتي بعض الطلاب وسكاكينهم في جيوبهم. بل عدوانية بعض الشباب، لم تتوقف على الاختطاف والاغتصاب والسرقات والضرب، إنما تعدت ذلك إلى القتل والعياذ بالله.

فهي ظاهرة سيئة خطيرة، وقد حذر الله منها، وأمر بالقضاء عليها، وحث بالبعد عنها، وتوعد من اتصف بها بالنار فقال تبارك وتعالى: {وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى وَلاَ تَعَاوَنُواْ عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُواْ اللّهَ إِنَّ اللّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ} فنهى عز وجل في هذه الآية، عن التعاون على العدوان، فكيف بالعدوان نفسه؟.. لا شك أنه كبيرة من كبائر الذنوب، ومعصية لله عظيمة، بل يخشى على صاحبه من النار، يقول تبارك وتعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَأْكُلُواْ أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ} الذي يسرق أموال الناس، يأكلها بالباطل: {إِلاَّ أَن تَكُونَ تِجَارَةً عَن تَرَاضٍ مِّنكُمْ وَلاَ تَقْتُلُواْ أَنفُسَكُمْ إِنَّ اللّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا} أي لا يقتل بعضكم بعضا، ثم قال عز وجل: {وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ عُدْوَانًا وَظُلْمًا فَسَوْفَ نُصْلِيهِ نَارًا وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللّهِ يَسِيرًا} يقول ابن كثير في تفسيره عند قوله تعالى: {فَسَوْفَ نُصْلِيهِ نَارًا}: وهذا تهديد شديد ووعيد أكيد، فليحذر منه كل عاقل لبيب، ممن ألقى السمع وهو شهيد.

أخي القارئ الكريم:

يقول النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث المتفق عليه: (مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم، مثل الجسد الواحد، إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى)، فهذه الظاهرة الخطيرة السيئة، يجب أن لا توجد في مجتمعات المسلمين، وحيث وجدت يجب الاهتمام بها ومعالجتها، والتعاون على القضاء عليها، وهي مسؤولية الجميع، القضاة في مكاتبهم بتطبيق شرع الله تعالى، والآباء في بيوتهم، والمعلمون في مدارسهم والخطباء في منابرهم، والأئمة في مساجدهم، فمن أسباب هذه الظاهرة عدم التربية، أو التربية الخاطئة، كما يفعل بعض الآباء، حيث يربي أبناءه على العدوانية بذكر بعض القصص التي قد تكون من نسج الخيال، أو قد يرى مع ابنه سلاحاً ما، فيسر بذلك ويفرح، لأن ابنه صار رجلاً حمل السلاح مثله، فهذا الأب وأمثاله، بحاجة إلى أن ينظر في سجلات تربيتهم.

وكذلك من أسباب وجود هذه الظاهرة: التعصب للأندية، والتشجيع الخاطئ، ورفقاء السوء، وما تعرضه بعض القنوات، كل ذلك وراء هذه الظاهرة الخطيرة، وهي كما ذكرت مسؤولية الجميع.

إن الاعتداء على أموال الناس أو على أعراضهم، أو على دمائهم، من الظلم الذي حرمه الله وجعله بين الناس محرماً، يقول تبارك وتعالى: {إِنَّمَا السَّبِيلُ عَلَى الَّذِينَ يَظْلِمُونَ النَّاسَ وَيَبْغُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ أُوْلَئِكَ لَهُم عَذَابٌ أَلِيمٌ} يقول ابن كثير في تفسيره {إِنَّمَا السَّبِيلُ} أي إنما الحرج والعنت: {عَلَى الَّذِينَ يَظْلِمُونَ النَّاسَ وَيَبْغُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ} أي يبدؤون الناس بالظلم، كما جاء في الحديث الصحيح: (المستبان ما قالا فعلى البادئ ما لم يعتدي المظلوم).

* حائل - ص. ب: 3998



 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد