Al Jazirah NewsPaper Friday  12/06/2009 G Issue 13406
الجمعة 19 جمادىالآخرة 1430   العدد  13406
بعض الخطباء هوّلوا «زلازل العيص» وقالوا إنها بسبب الذنوب والمعاصي

 

اطلعت على ما ورد في تعقيب إحدى الأخوات بتاريخ 26 جمادى أولى من العام الجاري 1430هـ بعنوان: (نعم هناك أمور أولى من مكبرات الصوت) وتذكر في هذا الصدد نظافة المساجد ودورات المياه وصيانة الإنارة والتكييف وغيرها من الأمور التي تدور حولها أكثر الكتابات وأود التعليق على هذه المرئيات:

1- نشكر المسؤولين في وزارة الشؤون الإسلامية وعلى رأسهم معالي الوزير على تجاوبهم مع هذا الكم الوفير من الكتابات التي تطالبهم بتخفيض أصوات الميكروفونات الموجودة في المآذن إلى الحد المناسب الذي يتحقق به الهدف من استخدامها وهو الإعلام بدخول أوقات الصلاة والإقامة دون أن تتسبب الأصوات العالية للمؤذنين المتزامنة مع بعضها في مضايقة المجاورين لها وفي التشويش حتى على من يودون متابعة الأذان بحكم أن ذلك من السنة خصوصاً أن المساجد متقاربة من بعضها وأقل قدرٍ من رفع صوت المكبر في أي مئذنة يفي بالغرض المطلوب ثم إنني استغرب من إصرار بعضهم على بقاء مكبرات الصوت في المآذن على ما هي عليه من القوة وكأن هذا مطلب شرعي أو كأن الناس لا يحضرون للصلاة إلا بهذه الطريقة.

2- تذكر الأخت الكاتبة أنه بعد هجرة النبي صلى الله عليه وسلم إلى المدينة ارتفعت المآذن في كل مكان وجلجل فيها الأذان يتردد صداه في أرجاء المدينة، وهذا وهم من الأخت الكاتبة، فالمآذن لم تكن معروفة في صدر الإسلام وكانوا يؤذنون على مرتفع من الأرض وحتى بعد ظهور المآذن فلا مجال للمقارنة بين أصوات المؤذنين المجردة في تلك الأزمنة وأصواتهم في الأزمنة المتأخرة بعد وجود هذه المكبرات التي لم يحسن بعضهم استخدامها شأنها شأن غيرها من المخترعات الحديثة.

3- تقديم الأهم على المهم ليس هو الإجراء الصحيح في كل الأحوال فقد يكون الشيء المهم لا يحتاج إلا إلى إجراءات بسيطة وسريعة لإنجازه مثل خفض مكبرات الصوت في المآذن الذي أمكن تحقيقه بحملة واحدة فليس من المصلحة من كتابات بعضهم ومنهم الأخت الكاتبة وكأن معظم المساجد ودورات المياه تعاني قلة النظافة والصيانة ولست أنا أرى ذلك بل الذي أراه هو أن معظم المساجد وأخص مساجد المدن تتمتع بمستوى جيد في جانب النظافة والصيانة وتجديد مبانيها بفضل الاهتمام المشترك من جانب المسؤولين في مقام الوزارة وبفضل اهتمام جماعة وأئمة المساجد.

أما بالنسبة للنظافة والصيانة المفقودة في مساجد الطرق فحسب علمي فإن هذه المساجد غير تابعة للوزارة وهنا يتضح الفرق بين اهتمام الوزارة الذي يستحق التقدير واهتمام غيرها المؤسف ببيوت الله.

4- من الأشياء المهمة في المساجد ضبط الخطاب الديني إذ إن منابر المساجد التي تعج بالدروس والمحاضرات هي من أهم وسائل الإعلام وأكثرها تأثيراً في نفوس الناس وتوجهاتهم وكما أنه يوجد في وسائل النشر رقيب مهمته حذف ما لا يسوغ أو لا مصلحة من نشره فكذلك ينبغي أن تقوم مكاتب الدعوة والإرشاد بمثل هذه المهمة على الدروس والمحاضرات والخطب منعاً للتعليقات الارتجالية المألوفة من قِبل بعضهم على الأخبار والقصص والأحداث كما حصل في التعليقات الاجتهادية الأخيرة من بعض الوعاظ والخطباء وفقهم الله على حادثة زلزال العيص وما جاورها والذين لم يترددوا في اعتبار ذلك عقوبة بسبب الذنوب والمعاصي وقد أشكلت هذه التفسيرات الاجتهادية على المواطنين في تلك الجهات وجعلت مخاوفهم من العقوبة بسبب الذنوب والمعاصي أكثر من مخاوفهم من الزلازل ذاتها وقد استدرك على هؤلاء الخطباء والوعاظ الشيخ ابن منيع حفظه الله بأن الزلازل والبراكين هي من آيات الله التي يخوف بها عباده. والواجب في مثل هذه الأحوال كثرة الدعاء والاستغفار، وقد ساعد هذا الاستدراك من فضيلته في تهدئة مخاوف الناس. وأقول ألا يمكن الجمع بين التفسير الشرعي والتفسير العلمي لهذه الاضطرابات الأرضية بالقول إنها من حركات الأرض التي تم التوقيت لحدوثها بالقدرة الإلهية وفقاً لنظام دقيق لا يعلم كيفيته إلا الله فهي تحدث وفقاً لهذا النظام الأزلي على مر السنين وفي جهات كثيرة ومعروفة من الأرض وعلى سائر البشر برهم وفاجرهم، ومن ذلك ما حدث في عهد الصحابة رضوان الله عليهم حيث وصلت الحمم الناتجة عن الانفجار البركاني إلى مدخل المسجد النبوي الشريف وحدوثها في أفضل القرون يقوي الاعتقاد بأنها إن شاء الله ليست نذير عقوبة أو نذير تخويف، فالله لطيف بعباده لو يؤاخذهم بذنوبهم ما ترك على ظهرها من دابة. الشاهد أن ضبط الخطاب الديني وتنقيته من الاجتهادات غير الصائبة أو غير الموفقة لا يتحقق إلا بوجود الرقابة المسبقة. ومن الأشياء المهمة في المساجد تدوير خطباء الجوامع للقضاء على ما يشعر به الناس من الملل من وجود خطيب ثابت على مر السنين وكم يشعر الناس بالنشاط والاهتمام بمتابعة الخطيب غير المألوف لديهم والذي لا يتكرر إلا في حال غياب خطيبهم الثابت كما أن التدوير مهم لجعل كل الجوامع تنتفع من وجود الخطباء المتميزين بدلاً من بقائهم على الدوام في جوامعهم.

هذا ما أردت إضافته إلى تعقيب الأخت الكاتبة وبالله التوفيق.

محمد الحزاب الغفيلي - محافظة الرس



 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد