Al Jazirah NewsPaper Saturday  13/06/2009 G Issue 13407
السبت 20 جمادىالآخرة 1430   العدد  13407
الأربعة والعشرون - الشبه والفروق
خالد ملتقيتو

 

كنت أتصفح قبل مدة كتاباً عن تعليم مهارات التفكير للأطفال والتلاميذ، ولفت نظري بعض من تلك التمارين الممتعة والمحفزة للعقل وقدرات التفكير من خلال اكتشاف أوجه الشبه والفروق والعلاقة بين أي شيئين. ونظراً إلى أن هذه المهارات وتطبيقها بشكل فاعل ما زالت مدارسنا تعتبرها من ملامح الترف الزائد عن الحاجة التي نحن في غنى عنها، راودني خاطر بأن أقوم بتجربة تطبيق هذه التمارين على حالتي سوق الأسهم المحلية والمؤشر في صعود متجاوزاً حاجز العشرين ألف نقطة وحالها والمؤشر ينحدر نزولاً إلى حاجز الأربعة آلاف نقطة.

أول هذه التمارين كان عن الشبه بين السوقين حيث تبدو لنا أوجه الشبه التالية:

1- مستثمرون يتحركون وفق الإشاعات في كلتا الحالين دون أدنى تفكير أو إدراك لقواعد الاستثمار.

2- أسعار غير منطقية لا مبرر لها ويستحيل تفسيرها أو قبولها ممن لديه أدنى فكرة عن الاستثمار في سوق الأسهم.

3- محللون يتصدرون شاشات الفضائيات لنشر أحلام وأوهام عن صعود السوق الأول إلى خمسة وعشرين ألف نقطة وعن هبوط السوق الثاني إلى ثلاثة آلاف نقطة.

4- تجاهل تام للمطالبات بإيجاد (صانع السوق) الذي يحفظ توازن السوق ويحد من هذه التقلبات الحادة.

5- نفس المصادر التي توقعت صعود سهم سابك (كمثال) إلى مستوى أربعة آلاف ريال (وهو ما يوازي 800 ريال بعد التقسيم).. في السوق الأولى توقعت وصوله إلى سعر خمسة وعشرين ريالاً فقط في السوق الثانية.

6- تغييب غير مفهوم من الشاشات والصحف للمحللين والاقتصاديين الجادين ممن خالف الاتجاهات التي تسيدت الساحة في الحالتين.

7- المحافظ الاستثمارية الكبيرة (كالتأمينات والتقاعد) أحجمت عن بيع الأسهم عندما كانت كل المؤشرات تدفع باتجاه البيع، كذلك تأخرت كثيراً في الشراء رغم أن كل المؤشرات كانت تدفع باتجاه الشراء.

8- عدم الإعلان عن أسماء المديرين الفعليين للصناديق الاستثمارية الكبيرة رغم أن الصندوق في الحقيقة ليس سوى (المدير) وما يستتبعه ذلك من جهل وغرر لجموع المستثمرين.

ثاني هذه التمارين كان عن اكتشاف الفرق بين سوق الأربعة وسوق العشرين ومن هذه الفروق بين السوقين حيث تطهر لنا الفروق التالية:

1- حالة تفاؤل مبالغ فيها تنسب تصاعد أسعار الأسهم إلى أسعار البترول المرتفعة بغض النظر عن حالة الشركات ومدى ارتباط عملها بالدخل والإنفاق الحكومي يقابلها حالة من التشاؤم تتجاهل أسعار البترول المعتدلة وتنسب هبوط الأسهم غير المنطقي للأزمة المالية بغض النظر عن محدودية تأثر أعمال غالب الشركات المحلية بالطلب العالمي.

2- البنوك التي كانت تمنح القروض للمواطنين لشراء أسهم (هلامية) بأسعار خيالية تفوق القيمة الحقيقية بعشرات المرات أصبحت تحجم عن منح التسهيلات البنكية لشراء الأسهم القيادية بأسعار بخسة وزهيدة أقل من القيمة الدفترية في بعض الحالات!

3- تقارير القيمة العادلة - كما يسمونها - والتي تصدر عن جهات يفترض فيها المعرفة العميقة بالسوق والشركات، انخفضت للكثير من الشركات القيادية وبقدرة قادر لما يقارب العشر من دون أي مبررات مفهومة.

4- التقارير الصادرة عن كبرى البنوك والتي كانت تبشر بسوق يقارب الثلاثين ألف نقطة بسبب قوة الاقتصاد المحلي اختفت رغم أن مقومات الاقتصاد المحلي لم تتغير كثيرا وليس أدل على ذلك من تأخر كثير من المشاريع بسبب شح الإسفلت على سبيل المثال

أما التمرين الثالث فكان عن إيجاد العلاقة التي تربط ما بين سوق الأربعة وسوق العشرين وهنا تظهر لنا العلاقات التالية:

1- السوقان يعجان بمحللين يفتقدون أبسط مبادئ الاقتصاد الكلي والجزئي.

2- السوقان تحكمهما هيئة بطيئة جداً في الحركة لأسباب قد تكون مبررة ولكن النتيجة هي المهم.

3- السوقان ما زالت الشفافية تحبو فيهما والحاكمية للشركات تظل أمراً اختيارياً.

4- المستثمر الفرد ما زال هو سيد الموقف في ظل فقدان الثقة بالصناديق وضعف الرقابة عليها.

5- آخر العلاقات هو القصور الملحوظ في مهارات التفكير المشار إليها بين المتعلمين والمستثمرين فضلاً عن غيرهم من أفراد المجتمع.

في الختام يظل الأمل أن نتمكن من استخلاص الدروس مما حصل في السوق خلال السنوات القليلة الماضية وما مر به من تقلبات كبيرة وغير منطقية والوصول بسوق المال إلى بر الأمان نظراً إلى ما يمثله السوق من أهمية عظمى للاقتصاد الوطني ومستقبل الأجيال القادمة.




 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد