Al Jazirah NewsPaper Saturday  13/06/2009 G Issue 13407
السبت 20 جمادىالآخرة 1430   العدد  13407
سوق السندات والصكوك تعظيم للمنافع الاقتصادية
محمد سليمان العنقري

 

يبدأ العمل اليوم السبت بأول سوق منظمة للسندات والصكوك بالمملكة تستخدم النظام الآلي بالرغم من صغر حجم الطروحات التي سيتم تداولها وتقدر بحدود 21 مليار ريال لشركتي الكهرباء وسابك على اعتبار أن المرحلة الحالية اقتصرت على ما أصدرته الشركات المساهمة العامة والتي طرحته بدورها على عموم المتداولين سابقا وهذه الخطوة التي أقرت قبل أيام تعتبر من أهم مراحل تطور السوق المالية السعودية لأنها تفتح عهداً جديداً وواسعاً من خيارات التمويل والاستثمار أمام مجتمع الأعمال بشكل عام ولكن المستفيدين من هذه السوق أطراف عديدة والعائد على الاقتصاد الوطني كبير جداً فحجم الاستثمارات المقدرة خلال العقدين القادمين تفوق 3000 مليون ريال بكافة القطاعات الاقتصادية والبنى التحتية مما يعني الحاجة لمصادر متنوعة من التمويل وهنا نحاول معرفة الأثر على كافة الأطراف الفاعلة بهذا السوق.

الأثر على السياسة النقدية والمالية

ونعني هنا مؤسسة النقد ووزارة المالية فستقوم المؤسسة من خلال السوق بإضافة أداة جديدة تستطيع من خلالها سحب السيولة عند احتياجها لها لضبط حجم النقد بالسوق إضافة للأدوات المستخدمة حاليا لكبح التضخم كما ستتوسع قاعدة المستفيدين من سندات الخزينة التي تصدرها المؤسسة بدلاً من اقتصارها فقط على البنوك كما ستسمح بعدم رفع المؤسسة للاحتياطي النظامي للبنوك لديها مما سيسهم بإيجاد توازن لدى الأخيرة كي تستطيع التوسع بالإقراض وعادة ما تكون أذونات الخزينة للمؤسسة قصيرة الأجل أما وزارة المالية فهي تصدر سندات طويلة الأجل وغالباً ما تكون لتمويل المشاريع الحكومية في حال أرادت تغطية عجز التمويل بدلاً من الحاجة لتسييل أي استثمارات وكذلك يسارع خطوات التوسع بالإنفاق الحكومي في حال الحاجة لأي نقد كما سيسهم السوق بإبراز حقيقة أسعار الفائدة التي تتباين بين بنك وآخر لأن تسعير السندات يضاف لها سعر الفائدة زائد قيمة تحفيزية عكس ما يحدث بسوق الإقراض الذي فاق نسبة الفائدة به حسب معلومات بالسوق أكثر من 5 بالمائة وبالتالي فإن المؤسسة تحديداً سيساعدها السوق على تنظيم تدفق النقد بشكل أكثر كفاءة.

الشركات المساهمة بالسوق المالية

تعتبر أكبر المستفيدين نظراً لحاجتها الماسة للتمويل مع بروز ضعف سوق الإقراض الذي أفرزته الأزمة المالية العالمية فإن التمويل وقع على كاهل الحكومة من خلال صناديقها الكبرى ولكن سيشكل ذلك عبئا عليها كون المشاريع المطروحة ضخمة جداً ويفترض أن يكون للجمهور دور بذلك فتبرز أهمية السوق الجديدة لتوسيع قاعدة المشاركين بالتمويل إلى الأفراد ومن بحكمهم بدلاً من اللجوء إلى السوق المالية كرفع رؤوس الأموال الذي له آثار ضارة على المدى البعيد من تقليل لحجم العائد ويأتي التمويل عبر السوق الجديدة ليساهم برفع وتيرة نشاط الشركات وإنجازها لمشاريعها بالوقت المحدد، كما سينعكس على تطوير شفافية السوق وتحسين أوضاع الشركات من ناحية قوائمها المالية وحسن الإدارة حتى تستطيع الحصول على تصنيف يتيح لها إصدار الصكوك والسندات وسينعكس على كفاءة تسعير الأسهم وإعطاء قيمة عادلة لها كما سيسهم بإدخال سيولة أجنبية للسوق لتستثمر بشكل صحي أكثر فائدة للاقتصاد الوطني بدلاً من تركزها بشراء الأوراق المالية مما يعني سرعة تضخم أسعارها كما سيرفد القطاع المصرفي بإداة تعود بالفائدة عليهم من خلال عمولات الطرح والتداول والتسويق وإن كان سيدخل منافسين لها على سوق مضمونة وقليلة المخاطر مما يقلل من عوائد مالية آمنة نظراً لوجود منافسين جدد.

قاعدة المستثمرين وتنظيم تدفق النقد

يفتح السوق الحالي خيارات استثمارية أمام المستثمرين بكافة أنواعهم فالكثير يبحث عن عائد مضمون وآمن وسيجد ضالته بالسوق الجديدة كما سيعطيهم الخيار للمشاركة بالاستثمار بسندات حكومية أو تابعة لمشاريع حكومية مما يعني تعظيم الفائدة لها كما سيسمح لشركات التأمين والصناديق العاملة بالسوق بتحويل جزء من استثماراتها إلى السندات والصكوك لإيجاد عامل توازن لتلك المحافظ الكبيرة ويعطيها مجالاً للتحوط ضد المخاطر ويخفف من تأثير انخفاض أسواق المال عليها كما أن السوق لن يزيد من عمق المضاربة بقدر ما سيسهم من تقليلها على المدى الطويل لأنه سيسحب سيولة للاستثمار طويل الأجل ويعزز من كفاءة حركة الأسواق.

سوق الإقراض

تعاني البنوك من ازدحام طلبات التمويل لديها من الشركات والمؤسسات الصغيرة ومع وجود هذا السوق فإن المشاريع الكبيرة سينحسر تأثيرها بالمنافسة على طلبات التمويل كون أغلب البنوك وصلت الحدود القصوى من قدرتها على التمويل كما سيحسن من مستوى دقة أسعار الفائدة المقررة من مؤسسة النقد ويقلل من حجم التكلفة المرتفعة على العديد من الشركات والمؤسسات الصغيرة والأفراد ولكنه سيوسع حجم قاعدتها وينعكس على أرباح ونشاط القطاع المالي.

الاقتصاد الوطني

سينعكس أثر هذا السوق برفع معدل الإنتاجية بالاقتصاد الوطني لأنه سيسهم برفع وتيرة إنجاز المشاريع وعدم تأخرها لأسباب تمويلية وسيخفف الضغط على دور الحكومة بتمويل المشاريع بينما سيساهم بتوجيه تمويلها للمشاريع ذات الفائدة والجاذبية الأقل للمستثمرين ولكنها تحمل أهمية قصوى لتحقيق التنمية وتوفير الخدمات للمواطنين وبالتالي سينعكس بالإيجاب على معدلات النمو الاقتصادي وإيجاد فرص العمل كون حجم النشاط الاقتصادي سيرتفع وسيعيد هذا السوق جزءاً كبيراً من الاستثمارات الخارجية للأفراد والمؤسسات للاستثمار بهذا السوق والمشاركة بمشاريع إستراتيجية ذات فائدة كبيرة عليهم وآمنة بنفس الوقت فحجم الأموال السعودية المستثمرة بالخارج لغير الأجهزة الحكومية تقدر بأكثر من 500 مليار دولار.

خلاصة القول: إن هذه السوق لها فوائد كبيرة جداً ودورها بدفع عجلة النمو الاقتصادي سيكون ملموساً بشكل واضح وخلال سنوات قليلة وسيسهم بحل مشاكل اقتصادية عالقة منذ فترة وخصوصاً قطاع الإسكان والتطوير العقاري وغيرها من المشاريع الجبارة كما سينعكس على بيئة الاستثمار من الداخل والخارج بشكل ملموس وتبقى السلبية في ثقافة المستثمرين ومدى وعيهم بأهمية هذه السوق ومدى الفائدة التي ستنعكس على استقرارهم المالي وأمان استثماراتهم وتحقيق العائد المضمون بدلاً من الخلل الكبير التي عاشته بحدة تقلبات أسعار الأسهم وكذلك مشاكل تضخم أسعار العقارات وتعثر العديد من المساهمات العقارية سابقاً على مدى العقود الماضية كونهما القناتين الوحيدتين للاستثمار أمام العموم وإن كانت الخطوة تأخرت إلا أنها جاءت أيضاً بتوقيت مهم جداً كون الاقتصاد الوطني يسير بخطى حثيثة لتحقيق معدلات نمو كبيرة في ظل ظروف العالم الاقتصادية الصعبة.



m9m70@hotmail.com

 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد