Al Jazirah NewsPaper Wednesday  17/06/2009 G Issue 13411
الاربعاء 24 جمادىالآخرة 1430   العدد  13411
أنت
جامعة الإمام وسندان الممانعة (2)
م. عبد المحسن بن عبد الله الماضي

 

تحدثت في المقالة السابقة عن مطارق الذين يريدون تغييراً جذرياً وتحولاً سريعاً للجامعة يخالف كل قواعد التغيير المتدرج والتكيُّف مع المتغيرات.. مع إشارة للأثر السلبي لهذه المطارق على خطط تطوير الجامعة والذي قد يعيقها عن القيام بدورها المنتظر والمنشود في التنمية الشاملة والمستدامة في بلادنا العزيزة.

في هذه المقالة أريد أن أتحدث عن سندان الممانعة من داخل الجامعة ممثلة في القوى البشرية التي يُفْترض بها أن تكون محركات دفع قوية وفاعلة في تمكين الجامعة من القيام بمهامها التنموية وأداء رسالتها السامية.. خصوصاً أن الحديث الذي يتردد هنا وهناك يدور حول وجود ممانعة داخلية على شكل قوى وكوادر عاملة ترفض هذا التغيير المطلوب على اعتبار أنه سيغيّر من هوية الجامعة، ويقلل من مكانتها العلمية والثقافية كصرح استطاع خدمة الإسلام محلياً ودولياً عبر ستة عقود كاملة.

لن أقول بأن سندان الممانعة الداخلي تكامل مع مطرقة المتعجلين للتغيير من الخارج ووضع الجامعة بين فكي كماشة بالشكل الذي أرهقها في معارك جانبية متعددة تعمل مجتمعة كعوائق حدّت من قدرتها على تحقيق أهدافها.. ولكن أقول إن الممانعة تجاه التغيير في أي مؤسسة أو مجتمع أياً كان موجودة وحقيقة لا يمكن نكرانها.. فقد أثبتت الدراسات كما أثبت الواقع بما لا يدع مجالاً للشك أن أي تغيير وإن كان نافعاً يُواجه بالممانعة لأسباب عديدة أهمهما خشية أو لنقُل قلق الممانعين من أن يُغَيَّروا هم أنفسهم.. مما يعني خسارة مكتسباتهم التي استطاعوا تحقيقها عبر الزمن كأفراد أو كتل فكرية.. بمعنى أن خوف الرافضين للتغيير يأتي من خشيتهم من تكاليف فقدان حالة التوازن القائمة إلى حالة توازن أخرى جديدة ناتجة عن هذا التغيير ويكونون هم إحدى ضحاياها.

بطبيعة الحال كلنا نريد أن تكون كل الكوادر البشرية العاملة في الجامعة وبخاصة القيادية منها قوة دافعة غير معيقة للتغيير المنشود نحو الأفضل مع المحافظة على الهوية والثوابت.. وهو ما يتطلب معالجة أسباب الخوف والقلق من إفرازات التغيير المتوقعة والراسخة في أذهان بعض كوادر الجامعة من خلال دمجهم كعناصر فاعلة في عمليات التطوير والتغيير نحو الأفضل.. والتي تستهدف في مجملها تعزيز دور الجامعة في تحقيق الأهداف التنموية الوطنية الشاملة والمستدامة التي لن يختلف اثنان على أهميتها وضرورتها.

أجزم أن قيادة بلادنا الحكيمة مدركة لهذه الحقائق تمام الإدراك.. ولا شك أن ما يقوم به سمو النائب الثاني الأمير: نايف بن عبدالعزيز -حفظه الله- من تواصل ورعاية للمؤسسات الدينية والثقافية يأتي في هذا السياق.. حيث يؤكد سموه على أن التغيير والتطوير بما يتناسب والمتغيرات والتحولات العالمية لا يعني التخلي عن الثوابت بقدر ما يعني إعادة ترتيب البيت الداخلي وتوجيه كوادرنا الوطنية نحو التغيير المنضبط والفاعل في تحقيق الأهداف التنموية من خلال اغتنام فرص المتغيرات المحلية والعالمية وتجنب مخاطرها بحكمة بالغة يطغى فيها العقل القارئ للواقع والمستشرف للمستقبل على العاطفة القائمة على الانطباعات والظنون والمخاوف الشخصية.

كلنا ثقة بقدرة الجامعة وقياداتها التي تحظى بدعم كريم من حكومة واعية وحكيمة على تطوير بيئة عمل تسودها الثقة وحسن الظن لتتحد سواعد مسئوليها كقوة دافعة للجامعة نحو تحقيق أهدافها المحققة للأهداف التنموية الوطنية بالمحصلة.. سائلين الله القدير أن تبقى جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية منارة علم وثقافة تثري المجتمع بما يُساهم في تحقيق النهضة المستهدفة في ظل هذا العالم المتغير.




 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد