Al Jazirah NewsPaper Friday  19/06/2009 G Issue 13413
الجمعة 26 جمادىالآخرة 1430   العدد  13413
تجعل من الخيال العلمي في الطب واقعاً ملموساً
عبدالله بن محمد الدهمش

 

لعقود طويلة عانينا في عالمنا العربي والإسلامي من كوننا دائماً ما نصحو بعد أن تكون المراكب العلمية قد غادرت المرافئ وأصبحت في عرض البحار, لنجد أنه لم يبق لنا من العلوم والمعارف إلا الفتات لنقتات عليه مع ما تركه لنا بحارة هذه المراكب, ولكن حكمة خادم الحرمين الشريفين وبعد نظره يأبيان إلا أن نكون من أول المبحرين فيبحر في بحور العلوم ذلك الذي أذهل العالم وفتح آفاقاً من المعرفة الحديثة ألا وهو علوم النانو.

فلقد أطلق شرارتها الأولى وتبنى هذا المضمار عند تبرعه السخي بمبلغ 36 مليون ريال لاستكمال التجهيزات الأساسية لمعامل تعنى بهذا العلم الواعد في ثلاث جامعات سعودية, وموافقته الكريمة على إنشاء معهد الملك عبدالله لتقنية النانو في جامعتنا الحبيبة جامعة الملك سعود جاءت لتستكمل وتؤكد حرصه وبعد نظره حفظه الله.

ولم يقف دعمه عند هذا الحد بل ظل متابعاً وداعماً لهذا المجال ولن ننسى أبداً سؤاله عن التقدم الذي وصلت له الجهود في جامعة الملك سعود في مجال أبحاث النانو عند استلامه حفظه الله لدرجة الدكتوراه الفخرية من جامعة الملك سعود.

ولعلي في مناسبة عزيزة علينا ألا وهي الذكرى الرابعة لمبايعة خادم الحرمين الشريفين ملكاً للمملكة العربية السعودية وبهذه الأسطر البسيطة أن أنقل ولو لمحة سريعة عن إحدى الجوانب التي يتبناها معهد الملك عبدالله لتقنية النانو ألا وهو الجانب المتعلق بالطب والأبحاث الصحية.

حيث يتبنى المعهد العديد من الأبحاث التي في عمومها تسعى لتطوير واستغلال تقنية النانو في علاج بعض الإصابات أو الأمراض المزمنة التي يعاني منها المجتمع السعودي، بل تمتد إلى خارج حدود هذا الوطن.

مثلاً داء السكر الذي يعاني منه ما يقارب 25% من السعوديين يعد أحد أهم المشاكل الصحية في المملكة, لذا سعى المعهد ومن خلال شراكة علمية مع المركز الجامعي للسكر في جامعة الملك سعود وبتعاون أيضاً مع الجامعة الوطنية السنغافورية لتطوير آلية جديدة لعلاج هذا المرض والتخفيف من وطأته. حيث يسعى المعهد مع شركائه العلميين لتطوير لصقات تحتوي على أنابيب نانونية تحمل داخلها مادة الأنسولين وتقوم بإفرازها إلى داخل الجسم عند وضع الملصق على الجلد, دون أن يؤدي ذلك لألم أو أن يحدث أثراً يرى بالعين المجردة على سطح الجلد.

وهذ البحث أصبح في مراحل متقدمة ويأمل أن يرى النور في القريب العاجل، لعل هذا الإنجاز أن يكون مخلصاً وبديلاً ناجعاً لوخزات الإبر التي ترهق نفسياً وبدنياً من يعانون من داء السكري.

مثال آخر على أهم الأبحاث التي يقوم بها المعهد, دراسة تهدف لإنتاج أوردة دموية عن طريق بناء هياكل من الدعمات النانوية باستخدام مواد متوافقة بيولوجيا مع جسم الإنسان, على أن يتم لاحقاً استخدام خلايا جذعية مستخلصة من المريض المستهدف بالعلاج لاستكمال بناء وريد مطابق بيولوجياً للمريض نفسه يمكن أن يستفيد منه المريض في حالة حاجته لاستبدال أحد أوردته الدموية كما يحدث في عملية استبدال الشريان التاجي في القلب, حيث إنه في الوقت الحالي يتم أخذ جزء من أوردة الساق لاستبدال الشريان التاجي.

وفي حال نجاح هذا البحث سوف يكون بمثابة توفير أوردة سليمة يمكن أن تستخدم في أي مكان في الجسم. ولعلي لا أبالغ في قولي ان مثل هذه الأبحاث وغيرها كثيرة مما يتبناه معهد الملك عبدالله لتقنية النانو في جامعة الملك سعود كانت وحتى وقت قريب أقرب للخيال العلمي في أكثر مراكز البحث العلمية تقدماً, ولكن وبفضل من الله حيث منّ علينا بقائد حكيم أبى إلا أن يكون تحقيق مثل هذا الحلم والخيال العلمي بأيادٍ وطنية وفي مملكة الإنسانية, مملكة عبدالله بن عبدالعزيز حفظه الله وأطال بقاءه ليشهد تحقيق هذه الأحلام التي لولا نظرته الثاقبة لما كان لها أن ترى النور.

عضو مجلس معهد الملك عبدالله لتقنية النانو- رئيس تحرير مجلة النانو الثقافية
الأستاذ المساعد بكلية الطب - جامعة الملك سعود



 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد