Al Jazirah NewsPaper Friday  19/06/2009 G Issue 13413
الجمعة 26 جمادىالآخرة 1430   العدد  13413
النانو تقنية جديدة.. والعالم يعلق عليها آماله
أكبر رجل في الدولة يهتم بأصغر تقنية في العالم ويدعو إلى تفعيل تطبيقاتها

 

إعداد - فهد محسن الشملاني

انبثقت فكرة استقطاب تقنية النانو وتطبيقاتها المستقبلية ومبادرتها من قائد نهضتنا خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز - حفظه الله - لتكون انطلاقة علمية تقنية تسهم في تشكيل صناعة المستقبل، وتعزز عناصر استمرار التنمية بأبعادها الحقيقية .

ونظراً إلى أهمية هذه التقنية فقد تبرع حفظه الله بمبلغ 36 مليون ريال من حسابه الخاص لتمويل استكمال التجهيزات الأساسية لمعامل متخصصة في مجال التقنية متناهية الصغر المعروفة بتقنية (النانو) في ثلاث جامعات هي جامعة الملك عبدالعزيز وجامعة الملك سعود وجامعة الملك فهد للبترول والمعادن وبنصيب اثني عشر مليون ريال لكل جامعة، التي ستكون نواة لإنشاء معاهد متقدمة في الجامعات الثلاث لتطوير تقنيات النانو وتطبيقاتها المختلفة وكذلك لتأهيل الخبراء السعوديين من خلال قضاء إجازات التفرغ العلمي والابتعاث لما بعد الدكتوراه في هذا المجال ووضع برامج للشراكة والتعاون مع المعاهد والمراكز المتخصصة في العالم وكذلك استقطاب الخبراء والباحثين العالميين المتخصصين في مجالات تطبيقات النانو.

ويعد هذا الدعم إشارة واضحة إلى الفهم الواعي للقيادة الرشيدة لقيمة العلم في تحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية في المملكة وعلى أرقى ما يكون من مستويات الجودة، والكفاءة العلمية النادرة، وعلى المستقبل المشرق الذي ينتظر هذه التقنية الوليدة، وعلى الفوائد المتعددة التي ستعود بالخير الوفير والعطاء الكثير على التطور الحضاري والتقني للمملكة، وما يشكله ذلك من آثار إيجابية على المسيرة التنموية للمملكة.

وامتداداً لهذا الدعم أعلن خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز في الثاني والعشرين من يوليو 2006، إنشاء جامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية، وهو مشروع طالما كان حلماً يراوده، وطالما كانت مسيرة التنمية السعودية تنتظره ليضع البلاد في مصاف الدول المتقدمة في تسخير مواردها للبحث العلمي واحتضان العلماء ليكرسوا خبراتهم وتجاربهم لوضع الحلول للعقبات التي تعترض التنمية والاقتصاد والبيئة والصناعة وترتبط مباشرة بالعجلة الاقتصادية لكي تزاوج بين البحث العلمي وحاجات التنمية الصناعية والاقتصادية في البلاد، وتعطي مفهوماً متطوراً لفتح الآفاق بحرية علمية وبحثية لجميع العلماء من مختلف دول العالم لكي يكوّنوا خلايا الفكر والعمل الأكاديمي المتفوق والخلاق، ولتصبح (حاضنة) للبحث العلمي، وحاضنة للمؤسسات البحثية والصناعية حتى تستفيد من أبحاث العلماء في تحويلها إلى منتج صناعي واقتصادي يضخ مزيداً من الازدهار لعجلة التنمية ولرفاهية المواطن.

وستكون الجامعة أحد أفضل المراكز العالمية المتميزة للبحوث العلمية والابتكار والإبداع، وتضم العلماء والموهوبين في الكادر التعليمي من كل أنحاء العالم، وستكون الجامعة قناة من قنوات التواصل بين شعوب العالم، يلتقي بها العلماء، ومنارة للإشعاع العلمي الذي ستستفيد منها المملكة والأمة الإسلامية.

وتضم الجامعة أربعة مراكز بحوث علمية متخصصة تهتم بدراسة الاحتياجات الصناعية والاقتصادية والاجتماعية والبيئية وتطور الصناعات المستقبلية.. وهذه المعاهد هي: معهد الموارد والطاقة والبيئة، وسيتناول البحوث التي سيجريها المعهد في مجال الموارد والطاقة ومواضيع مثل استخلاص الكربون من الهواء، وخلايا الهيدروجين والوقود، وتصميم العمليات والاحتراق، والطاقة الشمسية، ومجالات تحلية وترشيد المياه والزراعة المناسبة للمناخات الصحراوية.

وتضم الجامعة أيضا معهد العلوم والهندسة الحيوية، ويشمل إجراء بحوث في مجال التقنية الحيوية الصناعية مثل المعالجة الحيوية الإلكترونية، والمعالجة الحيوية للموارد البتروكيماوية. وفي مجال التقنية الحيوية الزراعية سيبحث المعهد مواضيع مثل الزراعة المستدامة للأحياء والنباتات المائية في مجال علم دراسة العضويات البيئية الإقليمية، وسيدرس المعهد موضوعات مثل علم وهندسة البيئة البحرية للبحر الأحمر.

وفي ميدان علم التقنية الصحية سيجري المعهد بحوثا حول الأمراض الوبائية الإقليمية والعوامل الوراثية للسكان.

ومن المعاهد معهد علم وهندسة المواد، وتشمل البحوث التي يجريها هذا المعهد مجال البوليمرات والأغشية ومواد تقنية النانو بما في ذلك المواد المعالجة حيويا والمستخدمة في هذه التقنية، وموضوعات مثل: الكربون والتطبيقات الكهروضوئية، كما ستشمل بحوث المعهد ميدان الكيمياء الحفزية والمواد التي تستخدم في الأوساط عالية الإجهاد.

ومن ضمن المعاهد في الجامعة معهد الرياضيات التطبيقية وعلم الحاسب الآلي، ويشمل بحوث تقنيات البرمجيات اللغوية، واستخدام الحاسب في تطبيقات اللغويات للتعرف على الأصوات واستخلاص المعاني واستخدام الحاسب في حل المشكلات العلمية، كالمشكلات الكيميائية وإعداد النماذج الرياضية للمكامن والبيئة الإقليمية، كما ستشمل بحوث تقنية المعلومات والاتصالات بحوث مثل: أمن المعلومات والاتصالات الشبكية، والتعامل المعلوماتي لأغراض الرعاية الصحية. أما الدرجات العلمية التي تمنحها جامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية فهي درجة الماجستير في الهندسة، وتستغرق سنة واحدة، وماجستير العلوم والهندسة ومدتها سنتان، وسوف تمنح باعتبارها درجة نهائية ولكنها ستكون أيضا المدخل الأساسي إلى برنامج الدكتوراه، كذلك تمنح الجامعة درجة الدكتوراه وهي عادة ثلاث إلى أربع سنوات بعد درجة الماجستير، وتتضمن الدكتوراه بحثا أصليا في أحد معاهد جامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية، يتوج بأطروحة بحث. ولا شك أن الرهان على التقنية هو رهان الأمم الحريصة على أن تكون في مقدمة ركب العالم المتحضر، وهي ستكسب هذا الرهان إذا ما وجدت دعم القيادة، كما هو في المملكة.

تريليون دولار حجم سوق النانو

العالمي بحلول عام 2015م

تقنية النانو التي يجري تطويرها في الوقت الراهن للاستخدام في عدد من الصناعات يمكن أن تكون ذات فائدة كبيرة للتطبيقات الفضائية ومهمات الاستكشاف.

وتهدف أبحاث تقنية النانو الحالية إلى خلق مواد قابلة للاستخدام، ومعدات وشبكات من كتل تستخدم في البناء، يصل عرضها من واحد إلى مائة نانوميتر.

ونظرا لأهمية تقنية النانو فقد دعا علماء التقنية في مؤتمرهم الذي عقد بالرياض إلى ضرورة إدخال تقنية النانو في المناهج الدراسية للمراحل الأولية لما لهذه التقنية من مستقبل مأمول وباعتبارها من أهم مميزات تقنية المستقبل .

وأهابوا بأصحاب القرار ضرورة الاهتمام بالعنصر البشرى باعتبار الإنسان حجر الزاوية في التنمية الاقتصادية والاجتماعية.

كما أكدوا ضرورة الاهتمام والاستثمار في البنية التحتية لتقنية النانو لتكون الأساس المتين للمستقبل والركيزة الأساسية للمستقبل التقني في شتى مجالات الحياة الاقتصادية والاجتماعية، واستمرارية العمل في مجال النانو والحفز والتشجيع المادي والمعنوي لكل مشاريع النانو المستقبلية.

وعرفت مدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية تقنية النانو بأنها مستوى من التقنية يتم وفق مقياس النانو، وهو وحدة قياس تعادل واحداً من ألف مليون من المتر، وبالتالي فإن تقنية النانو هي العلم الذي يتعامل مع المكونات الدقيقة للمادة على مقياس واحد من ألف مليون من المتر، كما أن الدور الذي تتصدره تقنية النانو هو فكرة تصميم المواد على الصورة التي نريدها، فمثلاً الفرق بين الزجاج العادي الرخيص والكريستال الباهظ هو كيفية ترتيب الجزيئات، والفرق بين قطعة فحم لا تكاد تقدر بثمن وقطعة من الألماس هو فقط ترتيب الجزيئات، وهنا تكمن قوة تقنية النانو. وبما أن النانو تتعامل مع الذرات والجزيئات فمن المسلَّم أنها تضم أغلب العلوم الأساسية؛ فهي تغطي مجالاً واسعاً جداً من العلوم التي تكمل بعضها البعض للوصول إلى هدف واحد؛ فيندرج تحت مظلة تقنية النانو الفيزياء والكيمياء وهندسة الإلكترونيات والهندسة الميكانيكية وعلوم المواد.

ومن أهم توجهات المدينة في تقنيات النانو هو تكوين بنية تحتية لاحتضان مجموعات البحث العلمي والتقني في هذا المجال، ولعدم إمكانية إنشاء المعامل المتخصصة من قبل القطاع الصناعي أو الأكاديمي فإن الدعم الحكومي المتواصل والمقنن هو ما عجّل بإنشاء تلك المعامل تحت مظلة المدينة وجعل الاستفادة منها في متناول كل من لديه القدرة والمعرفة للبحث في هذا المجال.

وتسعى المدينة ممثلةً بالمركز الوطني للتقنية متناهية الصغر (النانو) إلى تكوين البيئة المناسبة، واستقطاب الكفاءات العلمية المؤهلة للعمل، حيث إن القيام بالبحوث المتقدمة في هذا التخصص الدقيق يلزمه مستوى عال من التجهيز والفعالية والخبرات العلمية، لضمان استمرار دعم الأفكار والبحوث الخاصة بهذه التقنية المتقدمة للأعوام القادمة. ويتطلب إجراء عمليات التصنيع بمجملها والدراسة والتشخيص على مستوى تقنيات النانو توافر غرف فائقة النظافة، تتميز بخلوها من العوالق المختلفة، التي قد يؤدي وجودها إلى عيوب تشغيلية ينجم عنها فشل لجميع المراحل في نهاية المطاف، وينبغي في هذه الغرف والمعامل توفير درجات حرارة ونسبة رطوبة محددة، كما أن لطبيعة تيارات الهواء الداخلية النصيب الأوفر في التصميم.

وتحتضن هذه المعامل أجهزة التحضير والتصنيع والاختبار، التي من خلالها يتم تفعيل ما تم تصميمه ومحاكاته بواسطة برامج خاصة بالمحاكاة. وتسعى المدينة إلى استكمال مراحل التجهيزات المعملية والتدريبية لمركز تقنيات النانو، لكي يكون دافعاً للباحثين من داخل وخارج المدينة على المستوى الصناعي والأكاديمي، ولتذليل كافة العوائق التي قد تعيق نشاطهم البحثي في هذه التقنية المتقدمة ومن أهمها المعامل المجهزة بالطاقم العلمي المتخصص، وإعداد مبادرة وطنية للتقنية متناهية الصغر (النانو)، تختص بوضع خطة واضحة لتسلسل مراحل العمل في مجال نقل وتوطين هذه التقنية، مع إيجاد طرق لتقييم كل مرحلة؛ حيث تكون مرتبطة بخطة زمنية محددة، وتتضمن أربعة محاور، منها تطوير البنية التحتية، والبحث والتطوير، والتعليم وتدريب القوى العاملة، والإنتاج الفعلي والتحوُّل الصناعي.

وتوقعت مدينة الملك عبدالعزيز أن يكون الاستثمار في هذه التقنية محليا في أسواق تطوير وإنتاج المحفزات نظراً لكثرة اعتماد الصناعات البتروكيماوية المحلية عليها، كذلك أسواق تصنيع المرشحات والفلاتر لتنقية المياه .

ويعتقد العلماء أن تقنية النانو ستحل مجموعة من التحديات التي تواجه البشرية كالأمراض وتوفير المياه النظيفة للجميع فضلا عن رحلات فضائية رخيصة لا تؤثر فيها الإشعاعات الكونية.

وتهدف أبحاث تقنية النانو الحالية إلى خلق مواد قابلة للاستخدام، ومعدات وشبكات من كتل تستخدم في البناء يصل عرضها إلى واحد إلى مائة نانوميتر.

وعلى الصعيد العالمي أكد الدكتور سلمان بن عبدالعزيز الركيان في بحث بعنوان (صناعة النانو دراسة للتجربة العالمية) أن تقنية صناعة النانو لا تزال في بدايتها بين الحقيقة العلمية والرؤى الطموحة بين الممارسات الأولى والتوقعات الهادفة؛ حيث إنه من المتوقع حصول تقنية صناعة النانو على تأثير فعال ومتميز في الاقتصاد العالمي، فإن النصيب التسويقي يعد مؤشرا مناسبا للتعرف على مظاهرها الاقتصادية.

وقال الركيان حول توقعات معظم الأسواق بدءا من أوائل عام 2000 حتى عام 2015: إن أفضل الأرقام المعروفة عن السوق المستقبلي لتقنية النانو قد تم نشره من قبل منظمة العلوم الوطنية بالولايات المتحدة الأمريكية في عام 2001؛ حيث قدرت المنظمة أن السوق العالمي لمنتجات تقنية النانو سوف يصل إلى 1 تريليون دولار أمريكي بحلول عام 2015م؛ اعتمادا على تعريف تقنية النانو وإسهامها بالقيمة المضافة للمنتجات النهائية بالإضافة إلى درجة كفاءتها، في حين يتوقع الآخرون أن هذه القيم المضافة سوف تصل إلى 2.6 تريليون في 2014م.

وأضاف الركيان أنه يمكن تقسيم منتجات تقنية النانو إلى أربع مجموعات أساسية هي: وسائل النانو, تقنية النانو الحيوية, مواد النانو ومعدات النانو, كما أنه من المتوقع أن تدخل جميع منتجات النانو في زيادات واضحة.

التوقعات لإلكترونيات النانو تصل إلى حوالي 300 مليار مع حلول عام 2015 التي تغطي العديد من المنتجات. هذه الأرقام تعد قريبة جدا مع توقعات منظمة العلوم الوطنية التي تتوقع أن تصل إلى 340 مليار دولار أمريكي عام 2015. هذه المعلومات تقود إلى افتراض أن مواد النانو ستعطي إسهاما كبيرا للأسواق المستقبلية.

وقال الدكتور الركيان: مركز لوكس للأبحاث (2004) وضع نموذجا لثلاث مراحل تمثل التوقعات الأكثر شمولية للتطورات الحاصلة في أسواق تقنيات النانو؛ حيث إن النموذج يتضمن المرحلة الأولى حتى عام 2004، ويتم تقديم منتجات تقنية عالية الجودة من تقنيات النانو، بينما تغطي المرحلة الثانية حتى عام 2009، وسوف يتم فيها أهم الاكتشافات في مجال صناعة النانو. أما في المرحلة الثالثة بدءا من عام 2010 وما بعدها، فإن تقنية النانو ستصبح الرئيسية في البضائع المنتجة والمصنعة فيما يتعلق بالمنتجات الطبية وتطبيقات العلوم الحيوية التي تدخل فيها علوم الصيدلانيات والمعدات الطبية. كما ستسهم تقنية النانو الحيوية بوضوح في تطوير صناعة الصيدلانيات، كما ستفقد معدات النانو الرئيسية أهميتها في ذلك الوقت، بينما يتوقع مركز لوكس للأبحاث أن يصل النصيب السوقي لمنتجات تقنية النانو إلى 15% من إجمالي المنتجات المصنعة في عام 2014، و100% من تقنية النانو في تصنيع الكمبيوتر، و85% في الإلكترونيات الاستهلاكية، و23% من المنتجات الصيدلانية و21% من السيارات.

10 ملايين عامل في تقنية النانو

وعلى صعيد إيجاد وظائف جديدة أكد الدكتور الركيان في بحثه أن منظمة العلوم الوطنية تتوقع أنه سيتم الاحتياج إلى ما يقارب مليونَي عامل في مجال تقنية النانو على مستوى العالم في عام 2015، على أن يتم توزيع هؤلاء العاملين على مناطق العالم، ومن المقدر أن تستحوذ الولايات المتحدة إلى ما يصل إلى 900 ألف، و600 ألف في اليابان، و400 ألف و 200 ألف في أوروبا وآسيا على التوالي, بالإضافة إلى 5 ملايين وظيفة مساعدة, وبطريقة أكثر تفاؤلا، فإن لوكس للأبحاث تتوقع أن يصل عدد الوظائف المتعلقة بتقنية النانو إلى 10 ملايين بحلول عام 2014م.

وأشار الركيان إلى أن مناطق ظهور براءات اختراع تقنية النانو على المستوى العالمي التي تم تحليلها إلى تطبيقات ومستثمرين تكمن في الأمريكتين، وتحديدا في الولايات المتحدة الأمريكية وكندا، وفي اليابان وكوريا الجنوبية والصين في آسيا، بالإضافة إلى ألمانيا والمملكة المتحدة وفرنسا وهولندا في أوروبا.




 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد