Al Jazirah NewsPaper Friday  19/06/2009 G Issue 13413
الجمعة 26 جمادىالآخرة 1430   العدد  13413
في ذكرى البيعة.. عهد وميثاق
مندل عبدالله القباع

 

يحق لنا وللآخر القاصي والداني أن نتساءل لماذا تحتفي المملكة العربية السعودية بذكرى البيعة المظفرة لخادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز وسمو ولي عهده الأمين الأمير سلطان بن عبدالعزيز؟

ولماذا يشارك في الاحتفاء بهذه المناسبة العزيزة علينا جميع مواطني هذا البلد الكريم في الداخل والخارج ومعهم المقيمون على ثراها الغالي الكبير منهم والصغير..؟

والإجابة: لا تخفى على أحد خصوصاً المتابعين لما يحدث على أرضنا من حراك اجتماعي واقتصادي وسياسي تضيف نتائجه عظمة وسمواً لنطاق الخبرة الإنسانية تحت علم لا إله إلا الله محمد رسول الله.

إن الحق والعدل متلازمان في مسيرتنا، والحرية المسؤولة غايتنا والعدل والمساواة هما أساس علاقات التواصل الأفقية والرأسية وهما أساس علاقات التفاعل مع الآخر القائمة على إذكاء العقل والوعي. والمستنيرة بالحكمة والمعرفة حيث نمتلك عوالم إثراء الواقع بكل تنويعاته وأشكاله من أجل النماء والتطور والتقدم المادي والإنساني، وذلك بالفهم وامتلاك قوانين الحياة وبضبط انسيابية الحركة والحد من التباهي المطلق بمنتج الآخر على كل الأصعدة كثيفة الخيال والرموز والمجاز والطقوس والسيطرة على إمكانات العدو شديد التحرر على تكنولوجيا وتحديات الطبيعة والسيطرة على الكون وتألية العلم وإخضاع الكون ذاته للمنهجية العلمية التي أوصلته إلى القمر.

فاحتفاؤنا بالبيعة عهد وميثاق للعمل الدؤوب خلف قيادتنا الحكيمة الذي ينصب اهتمامها على الدفع بإمكانات التطور والعلم في إطار القيم الدينية والأخلاقية والمعايير الاجتماعية والقواعد السلوكية وصقل الهوية السعودية ذات التوجه العربي الإسلامي المتفرد، المنطلق بعقلانية وحكمة رصينة نحو التقدم والتطور المرتكز على تطوير المؤسسة التعليمية وانتشار رقعة التعليم لتشمل فئات المجتمع كافة، ودعم المؤسسة الدينية للأداء المتميز في مجال التأهيل الديني والاستمرارية في مخططات البرمجة الشاملة والمباشرة لتطوير الواقع الاجتماعي - الاقتصادي، والتصدي الواعي المدرك لتحديات التنمية الشاملة والمستدامة، وتطوير البناء الاجتماعي والأنساق المجالية ذات الارتباط خصوصاً أن القضية الاجتماعية شاخصة في قلب اهتمام مؤسسة القيادة الحكيمة وآلية الدولة الرشيدة حيث الاهتمام الفائق بالإنسان وبالمجتمع لتحقيق رفاهية الناس بسد حاجاتهم الأساسية، وتحقيق سعادتهم في الحياة، وفي قيم السلوك والممارسة. وهذه مسؤولية وطنية وإنسانية تتحملها القيادة في هذه المرحلة الدقيقة بكل فخر وعزة وإباء، ومليكنا المفدى هو أهل لذلك وهو محل ثقة من جموع المواطنين وكذلك من جميع بلدان العالم بكل فئاتهم وتياراتهم الفكرية (الايديولوجية) بسبب شخصيته الكرازمية وخبرته العالية، وجرأته الفذة وشفافيته ومصداقيته ودفاعه المستميت عن كرامة الإنسان كون أنه إنسان في كل مكان ويظهر هذا جلياً في صور من مبادرات تتعلق بما يدور في هذه اللحظة التاريخية من دعوة إلى العبور من حالة الفرقة إلى حالة التآلف على آلية حوارية بين الأديان والحضارات والثقافات (نحن والآخر) تحدونا قيم الحق والخير والعدل والتسامح والتعايش الإيجابي الفاعل مرتكزين على خلفية عملاقة وحجم كبير من منجزات تنموية اقتصادية واجتماعية وعلمية ومعرفية وتقنية تدعم مركزنا القطري والعالمي يتوافق مع ما أبرمناه من اتفاقيات ومعاهدات اقتصادية وتجارية تعتمد في الأساس على مكانتنا السياسية والاقتصادية.

إن هذه الوضعية والمكانة نقلتنا من مجرد الاستثمار التنموي الذاتي إلى نظام المشاركة مع شركات عالمية عملاقة في الولايات المتحدة ودول الاتحاد الأوروبي وبعض دول آسيا. وقد ظهر أثرها واضحاً في برامج التنمية الوطنية بمجالاتها الاقتصادية والاجتماعية والعلمية والتقنية والتجارية وتأهيل القوى البشرية، ويظهر أثر ذلك في المنجز التنموي خصوصاً في بعدها الاقتصادي والتجاري والعلمي والخدمي الذي يركز على سد احتياجات المواطنين (اجتماعياً وصحياً وتعليمياً وتأهيلياً واتصالياً.. وحراكياً..).

ويحرص مليكنا المفدى على التوازنات التنموية في منحاها المستدام، وتنهض التنمية الشاملة والمستدامة على قاعدتين: تغيير الاتجاهات لتنفتح على العلم والمنهج العلمي، وتغيير الظروف الاجتماعية والسياسية والاقتصادية، ويتم هذا التغير على أساس تطوير المعارف والمفاهيم، وتفعيل مشاركة المواطنين بطريقة حضارية مناسبة وبآليات منطقية. ومن خلال مؤسسات المجتمع المدني وتحديد أدوارها في خطط التنمية الوطنية بحيث لا يكون وجودها على خريطة التنمية مفارق لماهيتها.

والحقيقة أن خادم الحرمين الشريفين وسمو ولي عهده يدعوان دائماً إلى ضرورة الحرص على إيجاد مواءمة بين متطلبات التطوير المجتمعي في جانبه الفيزيقي دون الاجتماعي التفاعلي والعكس. وبين قدرات قوى المجتمع العلمية والمعرفية فإن لم يكن ذلك كذلك لاضطربت حركة المجتمع نحو تحقيق استراتيجيات التنمية المنشودة في مرحلة تنموية جديدة، ولقد أعطى خادم الحرمين الشريفين بعداً مهماً للتنمية نستلهمها من توجيهاته السديدة باحترام كينونة الإنسان -حامل الأمانة- الذي كرمه الله عز وجل، والحرص على أن يعيش الإنسان السعودي في استقرار وطمأنينة وأمن وأمان، وتأكيد أن الإنسان هو الأداة الفاعلة الأولى بقوته العقلية أو الجسدية أو بهما معاً، وهو ذاته جاني عوائد التنمية لتحقيق رفاهة وسد حاجاته والحفاظ على حقوق الإنسان الأساسية، وأن المجتمع مسؤول عن مد الإنسان بحاجته التعليمية والثقافية والمهنية ومده كذلك بتوجيهات العمل، وإصلاح شأن ومهام المؤسسات الاجتماعية لأهميتها في نشر التعليم الاجتماعي ونقل الخبرات ذات المردود الإيجابي.

فمن توجيهات خادم الحرمين الشريفين نستلهم معاني الإعزاز بذكرى البيعة المباركة، فكل عام دمتم مليكنا بالخير.




 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد