Al Jazirah NewsPaper Sunday  21/06/2009 G Issue 13415
الأحد 28 جمادىالآخرة 1430   العدد  13415
أفق
التعلُّم من انضباطية كوريا
سلطان بن محمد المالك

 

قرأت كثيراً من المقالات عن النجاحات التي حققتها جمهورية كوريا الجنوبية وتجربتها في التغلب على العديد من المصاعب التي واجهتها الحكومات الكورية خلال الفترات الماضية سواء كانت سياسية أو اقتصادية أو حتى اجتماعية، وكيف تمكنت كوريا بالاعتماد على رأسمالها البشري من بناء اقتصادها وتحقيق التنمية التي تبقى مرتبطة بالاستثمارات الخارجية. وبالرغم من افتقارها للموارد الأولية فإنها استغلت العديد من المقومات التاريخية, البشرية والاقتصادية لتحقيق التنمية ببُعديها الاقتصادي والاجتماعي، ونجحت تماما في حجز مقعد لها في مكان متقدم تضاهي فيه الدول المتقدمة صناعياً واقتصادياً، بل إنها حتى تفوقت عليهم في العديد من المجالات.

استفادت كوريا الجنوبية من مستعمريها ولاسيما من اليابان (1910 - 1945) التي ركزت بها نواة صناعية وطورت زراعة الأرز, كذلك استفادت من الاستعمار الأمريكي (1945 - 1949) الذي دعّمها عسكريا وزراعيا وتواصل دعمها أثناء الحرب الباردة، أما المرحلة خلال (1950 - 1961) فقد توجت باستقرار سياسي داخلي تفّرغت فيه كوريا لبناء اقتصادها ونجحت فيه نجاحاً باهراً وابتعدت عن أمور السياسة الخارجية.

يوفر حجم التعداد السكاني في كوريا 21 مليون يد عاملة تتميز بالإقبال على العمل بأجور زهيدة ولساعات طويلة تصل في أحيان كثيرة إلى 54 ساعة في الأسبوع، بالإضافة إلى كونها يداً عاملة مطيعة؛ فهي مختصة ومنضبطة تماماً في العمل وما يتطلبه ذلك، وحسب ما قرأته فإن الإجازة السنوية للكوريين لا تتجاوز أسبوعين فقط ولا تُؤخذ دفعة واحدة.

وإدراكاً من الحكومة الكورية بأنها لا تملك ثروات منجمية طبيعية حيث إن 9/10 الثروة الكورية متركزة بكوريا الشمالية، فقد عولت على الصناعات الإلكترونية والصناعات المتطورة التي تورد موادها الأولية وتصنعها بمراكزها الصناعية الساحلية لتعيد تصدير منتوجاتها للسوق العالمية, ولتجاوز نقصها لموارد الطاقة اعتمدت على الموارد الطاقية المتجدّدة.

كما استفادت كوريا من الاستثمارات اليابانية والأمريكية في الصناعة؛ مما دعّم وزن شركاتها في العالم التي حققت نجاحات كبيرة ونافست بقوة في قطاع المنتجات الإلكترونية والسيارات.

ما دفعني للكتابة عن هذا الموضوع هو ما شاهدته بنفسي وعن قرب أثناء زيارتي القصيرة لكوريا الأسبوع الماضي من حقائق لكل ما كتب عنها، وأُعجبت كثيراً بأدب واحترام الشعب الكوري لضيوف دولتهم وزوارها، وكذلك دقتهم وانضباطيتهم في العمل والمواعيد والاهتمام بأدق التفاصيل التي يتم من خلالها إنجاز الأعمال، الذي أعتقد أنه أحد أهم العوامل التي ساعدتهم على النجاح، وهذا ما أتمنى أن نتعلم منه ونطبقه في بيئة أعمالنا.



* Fax2325320@ yahoo.com

 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد