Al Jazirah NewsPaper Wednesday  24/06/2009 G Issue 13418
الاربعاء 01 رجب 1430   العدد  13418
حادث الطائرة الفرنسية الأخير .. رؤية تحليلية!
محمد رشاد الجابري

 

هو خامس فقدان لهذه النوعية من الطائرات (الأيرباص أيه 330) وينتج عنه كارثة في ماضي الوقت وحاضره، وثاني أسوأ كارثة جوية تحدث في المحيط الأطلسي، ويُعد أسوأ كارثة جوية تحدث لهذا النوع من الطائرات والتي يشار إلى أنها تمتلك سجلاً جيداً في مجال السلامة الجوية، فقد كانت هذه الطائرة والتابعة لشركة (ايرفرانس) في رحلة من البرازيل إلى فرنسا وعلى متنها (228) راكباً بما فيهم طاقم الطائرة معظمهم من الجنسيتين الفرنسية والبرازيلية, فقد غادرت الرحلة رقم..

....(447) السابعة مساء الأحد بالتوقيت المحلي للبرازيل والموافق 31 مايو من مطار ريو دي جانيورو الدولي متجهة إلى مطار شارليز ديغول بباريس لتعبر مسافة بحرية لا تقل عن (1200 كلم) وبارتفاع خمسة وثلاثين ألف قدم وسرعة (453 ميل - ساعة). آخر اتصال مع الطائرة كان عند الساعة (33:01). وكان طاقم الطائرة على اتصال مع مركز التحكم والمراقبة الجوية لمنطقة المحيط الأطلسي عند النقطةINTOL يفيد أنهم متوقعون وصولهم عند النقطةTASIL عند الساعة 20:02 علماً أن النقطة الجوية الأولى تبعد عن السواحل البرازيلية قرابة (565 كلم) والثانية قرابة (1228 كلم). وبعد خمس عشرة دقيقة أي عند الساعة (84:01) خرجت الطائرة عن التغطية الرادارية، وبعدها بثلاث دقائق أي عند الساعة (51:01) بينت معلومات الأرصاد الجوية أن الطائرة عبرت من خلال ثلاث مجموعات رئيسة من العواصف الرعدية أولها كان في الوقت السابق الذكر وكانت عاصفة صغيرة، أما الثانية فكانت فجائية وسريعة وهي امتداد للأولى وكانت في الساعة (59:01) بالتوقيت العالمي أي بعد الأولى بثماني دقائق، والعاصفة الرعدية الأخيرة فكانت عند الساعة (05:02 حتى الساعة 16:02) أي استمرت إحدى عشرة دقيقة، وهي امتداد للعاصفة الرعدية الثانية ولكنها عاتية وشديدة، وبإرادة الله ثم بها كانت نهاية الطائرة وركابها، حيث وردت أربع رسائل أوتوماتيكية خطيرة من الطائرة خلال أربع دقائق بدأت عند الساعة (10:02) تفيد الأولى منها بانفصال الطيار الآلي، وهذا يحدث بسبب الإخفاقات المتعددة للأنظمة، ويعني أن الطائرة عشوائية التحكم, وعند الساعة (11:02 حتى الساعة 13:02) ورد تقرير من الطائرة يفيد بوجود أعطال متكررة بشأن قصور في وحدة مراجع البيانات الجوية الذاتية ADIRU والأنظمة الاحتياطية للمنظومة المتكاملةISIS في الطائرة، ثم ورد تقرير آخر في الساعة (13:02) من الطائرة أيضاً يفيد عن فشل الكمبيوتر الرئيس للتحكم في الطيرانPRIM 1 والذي يتلقى ويتغذى بمعلوماته الأولية من وحدة مراجع البيانات الجوية الذاتية ADIRU المشار إليها سابقاً, وفشل الكمبيوترات الثانوية للتحكم بالطيران أيضاً SEC1 أما الرسالة الأخيرة فكانت في الساعة (14:02) والتي أفادت عن سرعة رأسية لمقصورة الطائرة مما يعني سقوطاً رأسياً للطائرة, علماً أن الطائرة بدأت خدمتها بأول رحلة لها بتاريخ 25 - 2 - 2005م أي أن عمرها العملي كان أربع سنوات وثلاثة أشهر من أول رحلة لها حتى آخر رحلة قامت بها، وطارت الطائرة خلالها ما لا يقل عن ثمانية عشر ألف وثمانمائة وسبعين ساعة. وكما أشرت في بداية المقال إن هذه النوعية من الطائرات لها تاريخ جيد في مجال السلامة، ولا يعني ذلك استبعاد احتمالية وجود خلل فني بالطائرة، فكل الاحتمالات متوقعة ولكن بعضها ضعيف والبعض الآخر أكثر ترجيحاً من خلال المعلومات الأولية. أما الحقائق التي نكاد نجزم بصحتها فهي بعد التحري وتحقيق المختصين بالحادث ذاته، والله أعلم, ولكن يلاحظ أن الطيار آثر اقتحام العاصفة الرعدية الصغيرة على العودة والرجوع إلى محطة الإقلاع أو أقرب مطار، ومنطقياً لا يحدث هذا إلا بعد تأكد الطيار من سلامة تصرفه, لذلك يبدو لي أن الطيار كان يعتقد بقصر مسافة عبور العاصفة الرعدية الصغيرة استناداً على المعلومات المستمدة من أجهزة ومعدات طائرته ولم يكن يتوقع أن العاصفة في حالة نمو وزيادة وتطور واستمراريتها لمثل هذه المسافة الطويلة والتي تقارب (200 ميل) والمستنتجة رياضياً من فارق الوقت بين الاقتحام والسقوط (25 دقيقة) تقريباً على اعتبار أن سرعة الطائرة (453 ميل - ساعة) مما يعني محدودية دقة أجهزة هذه الطائرة لاكتشاف العواصف الرعدية النامية والقابلة للنمو والزيادة، وأيضاً اقتصار هذه الأجهزة على مدى معين، بالإضافة إلى محدودية امتصاصها للصواعق الرعدية بدليل تجاوزها للعاصفة الرعدية الصغيرة والمتوسطة وفشلها في تجاوز الأخيرة (العاتية)، وهو الاحتمال الأرجح لسقوط الطائرة، والعلم بيد الله. ومما يزيد الأمر تعقيداً أن هذه المنطقة غير مغطاة بالرادار وإن كان ذلك غير إلزامي من نواحي السلامة الجوية اعتماداً على تجهيزات الطائرة وإن كنت أرى تغطيتها رادارياً احتياطياً بالرغم من ندرة مثل هذه الحالات, هذا والله وحده أعلم.

كاتب سعودي متخصص ببحوث ودراسات المطارات والطيران.


mohammadaljabri@hotmail.com

 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد