Al Jazirah NewsPaper Wednesday  24/06/2009 G Issue 13418
الاربعاء 01 رجب 1430   العدد  13418
الصراع ما بين ملالي إيران الجمهورية وملالي إيران الإسلامية
د. وحيد بن حمزة عبد الله هاشم

 

مرحلة مخاض عسيرة، وحالة سياسية وعقدية جديدة خطيرة ومعقدة لم يسبق لهما مثيل من قبل بدأت تضرب بأطنابها في الأجواء السياسية الداكنة التي تخيم على السماء السياسي لإيران. الأوضاع مكفهرة، والخلاف تصاعد وتأزم إلى مرحلة المواجهات المباشرة في شوارع طهران معلنة عن احتمالات دخول إيران في حالة من حالات التوتر وعدم الاستقرار السياسي المقرون بعدم الاستقرار العقائدي بعد أن وقعت الواقعة بين الملالي الكبار الذين كان لهم دور كبير وباع طويل في توطيد دعائم إيران الثورة ومن ثم إيران الدولة.

الذي يبدو حتى الآن أن صراع الملالي في إيران بدأ في الاتجاه نحو مسار الصدام المباشر بين الأقطاب الرئيسية التي كانت إلى قبيل الانتخابات الرئاسية الأخيرة تحافظ على شعرة معاوية في علاقاتها السياسية البينية خاصة ما يتعلق منها بالصراع على منصب السلطة التنفيذية.

هذه الحالة قد تعلن عن بدء حقبة سياسية وعقدية جديدة في إيران في حال تمكن علي أكبر هاشمي رفسنجاني ومير حسين موسوي مدعومين بمحمد خاتمي الرئيس الإيراني السابق من الانتصار في المواجهة السياسية التي نشبت مع مرشد الجمهورية علي خامئني بعيد الخلاف على نتائج الانتخابات الرئاسية الإيرانية الأخيرة. كما وقد تؤكد على حتمية بقاء واستمرار الواقع السياسي المفروض على إيران من قبل مرشد الجمهور علي خامئني مما يعني خروج عدد من اللاعبين الرئيسيين من حركة السياسة الداخلية، بل حتى الخارجية الإيرانية.

كل الاحتمالات إذن واردة وممكنة وباقية، بل مفتوحة على مصارعها بعد أن أعلنت الجماهير الإيرانية عن استيائها وسخطها للنتائج الانتخابية ضاربة عرض الحائط بكلمة مرشد الجمهورية علي خامئني وتهديداته في صلاة يوم الجمعة الماضية التي وضع فيها النقاط على الحروف فيما يتعلق بفرض نتائج الانتخابات، بل حدد فيها مستقبل العملية السياسية برمتها في إيران.

أخيراً بعد أن نقل رفسنجاني الخلاف إلى المرجعية الإيرانية العليا في الحوزة مدينة (قم) حيث يجتمع فيها كبار الآيات من الملالي.

حركة الصراع واضحة وصريحة ما بين المعتدلين والمحافظين أو المتشددين، وهي حركة ستحدد معالم الدولة الإيرانية القادمة، في ذات الوقت الذي تحدد فيه مستقبل علاقات إيران مع دول المنطقة والعالم بأسره. بيد أن تلك الحركة ما كانت لتغدو معلما بارزا من معالم حركة السياسة الإيرانية فيما لو لم تنحُ نحو المواجهة والمحاولة الحالية للقيام بانقلاب أبيض على مرشد الجمهورية علي خامئني.

وهذا ما يفسر الإصرار على المواجهات والتغاضي المباشر والصريح عن تعليمات وتوجيهات علي خامئني واستمرار الإعلان عن السخط والاستياء على نتائج الانتخابات والدفاع عن مطالب المعارضة بمنطق الاحتجاج الجانح، وبأسلوب المواجهة المباشرة مع من فرض عليهم واقع الماضي السياسي بالقوة.

هذا أيضاً ما يفسر محاولة كل من علي خامئني ومحمود أحمدي نجاد الحفاظ على الوضع السابق بالقوة بتوسيع دائرة الصراع إلى المستويين الإقليمي والدولي سواء باتهام دول أجنبية بمحاولة التدخل في الشؤون الداخلية الإيرانية، أو الإعلان عن بدء مناورات عسكرية جوية في الخليج، في إشارة واضحة لاستعداد إيران لتهديد المصالح الإستراتيجية للمنطقة وللعالم في حال استمرت حالة عدم الاستقرار السياسي الإيراني الداخلي، وهو تحرك ينشد إيجاد شماعة خارجية ومبرر خارجي يمكن أن يخفف من حالة الاحتقانات السياسية الداخلية.

الذي يمكن استشفافه حتى الآن من تطور الأحداث في إيران أن عفريت الصراع على السلطة خرج من قمقمه، وأن صبر الملالي المعتدلين على سياسات إقصائهم من السلطة وتحييدهم وتهميشهم بكل الوسائل قد نفد، وأخيراً أن ديمقراطية الملالي لم تعد ملائمة لكافة مطالب واحتياجات نخب الجمهورية طالما تحولت في الانتخابات الأخيرة من ديمقراطية النخبة إلى ديمقراطية الفرد.

من الواضح حتى الآن أن إيران الجمهورية لم تتمكن من التعايش ولا التزاوج مع إيران الإسلامية، بمعنى أدق لم يحدث توافق بين الجانب السياسي الديمقراطي من الدولة الإيرانية مع الجانب الديني لحكم الملالي خصوصاً سلطات الملا الأكبر مرشد الجمهورية علي خامئني الذي يمتلك الكلمة الأخيرة والقول الفصل في حركة وتحركات السلطات الثلاث. فهل سيبقى الحال على ما هو عليه؟ أم أن تمرد جناح رفسنجاني وخاتمي وموسوي سيقوض ولاية الفقيه الفردية في ذات الوقت الذي يعني فيه بداية جديدة لإيران الجمهورية قد تطغى على إيران الإسلامية؟

www.almantiq.org



 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد