Al Jazirah NewsPaper Wednesday  24/06/2009 G Issue 13418
الاربعاء 01 رجب 1430   العدد  13418
القائد العظيم وعمق اهتمامه بالتربية والتعليم
موسى بن محمد السليم

 

أتشرف بأنني أحد الذين وفقهم الله لخدمة التربية والتعليم حوالي أربعين عاماً وأعرف بكل امتنان وعرفان مدى وعمق اهتمام وحرص خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز - حفظه الله وأدام عزه - على رعاية الطلاّب وحثهم على المشاركة الفاعلة في برامج التعليم والتربية

وإيمانه الصادق بأن المدارس أساس متين في بناء مستقبل الشباب وإعدادهم الحق لخدمة دينهم ووطنهم, وأن التعلم وسعة الإطلاع وشمولية المعرفة ومساهمة الطلاّب في مجالات الأنشطة المدرسية الرياضية والثقافية والفنية والاجتماعية ذات أهمية في بناء شخصية كل طالب وصقل قدراته وتطوير ذاته وأن بناء شخصيّات الشباب وتطوير قدراتهم جزءاً هاماً وأساساً قويّاً في بناء مستقبل الوطن وتطوره وازدهاره.

لقد كانت هذه الاهتمامات السامية من سيدي - حفظه الله - من أهم أواصر التعاون الأسري المدرسي التي شرفت بمعرفتها خلال خدمتي التربوية والتعليمية مديراً لمدارس الرياض للبنين التي كان من بين طلاّبها عدد من أصحاب السمو الملكي أنجال خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبد العزيز - أدام الله عزه وتوفيقه - وهم الأمراء الكرام (عبدالعزيز وفيصل ومشعل وتركي وسعود ومحمد) حفظهم الله ووفقهم ونفع بهم وإخوانهم وجميع أبناء أعمامهم وجعلهم جميعاً فخراً وذخراً للأمة والوطن.

لقد كان سيدي خادم الحرمين الشريفين من أكثر الآباء حرصاً في توجيهاته التربوية الكريمة ومتابعته الأبوية الحميمة وعلى معالجة ما يعتري مسيرتهم التعليمية بطريقة مباشرة؛ وغير مباشرة أحياناً جمعت بين الحزم والمرونة والتشجيع على سعة الاطلاع وشمولية المعرفة وحثهم على التعامل الجادّ مع أساتذتهم وزملائهم بكل الاحترام والتواضع والمحبة.

لقد تبادرت إلى ذهني هذه الذكريات التربوية الأبوية العطرة عندما تلطف الأخ الأستاذ محمد بن إبراهيم الغامدي مسؤول التحرير في صحيفة عكاظ الغرّاء بدعوتي للمشاركة في هذه الندوة الصحفية عن إنجازات (الملك الذي حقّاً نحبه ملكاً للعطاء والإنسانية) ووجدت حقّاً أن إيمان الإنسان بالمثل والقيم العظيمة وإخلاصه لها يدفعه إلى الالتزام الدائم بها وبتعميقها في نفوس أبنائه وذويه وأحبته فكيف إذا كان هذا المؤمن بتلك القيم والمبادئ الكريمة قائداً للأمة والوطن ورائداً لمسيرة التطور والبناء.

إنني إذ أتشرف بالإشارة إلى تلك الاهتمامات التربوية السامية والمتابعة الأبوية الرائعة من سيدي خادم الحرمين الشريفين لأنجاله - حفظهم الله - أعتز كثيراً وملايين المواطنين بأن - عبدالله بن عبدالعزيز - والدُنا الروحي وموجّهنا الوطني, ونشعر ونحن نحتفي اليوم بالذكرى الرابعة الكريمة لمبايعته - أدام الله عزّه وتوفيقه - إماماً لنا, وقائداً لمسيرة وطننا وبناء مستقبل أجيالنا, أن تلك القيم التربوية الإسلامية والاهتمامات الحضارية العلمية التي كان يحرص (حفظه الله) على التزام أنجاله بها قد حرص أيضاً بكل محبة وإخلاص من واقع رعايته لجميع أبناء شعبه على الاهتمام بها والتخطيط لمستقبل أبنائهم في ضوئها, والأخذ بكل جديد ومفيد من حضارة العصر لتحقيقها؛ مع المحافظة الأكيدة على القيم الإسلامية الكريمة والعادات العربية الأصيلة وذلك منذ أن كان (رعاه الله وحفظه) وليّاً للعهد وساعداً وفياً مخلصاً لرائد مسيرة التعليم والتطوير والجدّ الملك الجليل فهد بن عبدالعزيز (رحمه الله وطيب ثراه).. ولا أنسى أبداً وكثير من مسؤولي التعليم العالي أن أبا متعب (حفظه الله) قبل مبايعته ملكاً على البلاد ببضع سنوات وأثناء تشريفه لإحدى مناسبات التخرج بجامعة الملك سعود أثار بكل حرص وبعد نظر في لقاء مع (معالي وزير التعليم العالي الدكتور خالد العنقري) وعدد من الأكاديميين ومسؤولي التعليم العالي موضوع مستقبل الشمولية والتوسع في مجالات التعليم الجامعي وتطرق الحديث والمناقشة إلى مدى الحاجة لمزيد من العناصر العلمية الأكاديمية الوطنية المؤهلة للتدريس في الجامعات السعودية الأهلية والوطنية وأنها حقّاً ستزداد أعدادها وتخصصاتها (بإذن الله) وستشمل كل منطقة بل كل مدينة كبيرة في المملكة.. وحينها وأثناء هذا النقاش الأبوي العفوي الهام توالت اقتراحات عديدة من أجل إعداد أبناء وبنات الوطن المتميزين لمواصلة دراستهم العليا وتسديد معظم الاحتياجات الإدارية والتعليمية في مسيرة التعليم الجامعي والتعليم العام بل وفي جميع مشاريع البناء والتقنية العصرية في بلادنا الغالية السعودية, وكان من أهمها توجيهه السامي (حفظه الله) لبذل اهتمام أكبر وأشمل ببرامج ابتعاث الطلاّب من خريجي الجامعات إلى أرقى الجامعات العالمية لمواصلة دراستهم الجامعية والعليا في جميع التخصصات وأنه يجب دراسة الاحتياج لها ومدى الاستفادة منها بكل حرص ودقة في أقرب وقت, وإعطاء الجامعات الأولوية لتسديد احتياجاتها في جميع تخصصاتها.

لذا فإننا معشر الذين تشرفنا بخدمة التربية والتعليم لا نستغرب أبداً هذه التوجّهات العظيمة السامية من المليك القائد لمزيد من الإصلاح والتطوير والاهتمام الحق بالثروة الأغلى والأجدى لهذا الوطن المجيد وهم شبابه وشاباته ونفخر حقّاً بهذه الإنجازات المعطاءة التي تفضل بها (حفظه الله) لتحقيق تلك الأهداف الكريمة والتي في طليعتها الاهتمام السامي بشمولية وتوسيع مجالات الابتعاث التعليمي؛ الذي أطلقت عليه وزارة التعليم العالي مسمّى (برنامج خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله للابتعاث)؛ تخليداً لاهتمامه السامي الكريم, وحرصه الأبوي العظيم على ثروتنا الحبيبة الغالية وهم أجيالنا الصاعدة؛ وهو ما يتجلىّ مشرقاً في (مشروع الملك عبدالله بن عبدالعزيز لتطوير التعليم) الذي جاء مواكباً لما تعيشه دول العالم المتقدمة من روح تنافس علمي وتطور تقني وانفتاح فكري وسعي جاد لتطوير النظم التعليمية وتعميق القيم التربوية؛ انطلاقاً من الإيمان بأن التعليم المتميز هو العنصر الأقوى في بناء الإنسان وإعداده الإعداد الحق لخدمة دينه والدفاع عن وطنه والإسهام الفاعل في تطويره.

إن جميع الذين تشرفوا بخدمة التربية والتعليم العام والعالي وكلِّ المفكرين والحريصين على بناء وازدهار هذا الوطن الغالي لا ينسون ولن ينسوا أبداً ما قاله خادم الحرمين الشريفين (أيدّه الله) أثناء لقائه بالمسؤولين عن التربية والتعليم في شهر رجب عام (1426هـ) حيث تفضل بهذا التوجيه الكريم لأبنائه مسؤولي التربية والتعليم قائلاً: (أتمنى أن تحملوا هذه المسؤولية بجد واجتهاد وتحسّوا بمسؤوليتكم, وأعتقد أن هذه إن شاء الله فيكم بيد أنني أتمنى أن تزداد هذه المسؤولية وأن تتربى أجيالنا الحاضرة والمستقبلية على الخير والعدل والإنصاف وخدمة الدين والوطن بصبر وعمل).

ولن ينسى الجميع بكل عرفان وتقدير ما أكدّه في إطار هذا الاهتمام السامي الكبير صاحب السمو الملكي وليّ العهد الأمين الأمير سلطان بن عبد العزيز (حفظه الله وأسبغ عليه تمام الصحة والعافية وأعاده إلى وطنه المشتاق لعطائه, ولمواطنيه المخلصين في محبته والعمل بتوجيهاته) حيث قال في افتتاح مؤتمر دولي للتعليم الفني: (نحن اليوم على أعتاب تحول جديد في تأكيدنا وحرصنا على خوض تجربة نوعية في تطوير برامجنا وخططنا وكوادرنا البشرية وتجهيزاتنا الفنيّة بما يحقق هدف الارتقاء بنوعية التعليم والتدريب وجودة المخرجات في جميع المؤسسات التعليمية والتدريبيّة).

إنّ البرامج الرئيسية الأربعة التي اشتمل عليها (مشروع الملك عبدالله لتطوير التعليم) ذات أهمية تعليمية تربوية تنموية معطاءة سواءً في تأهيل المعلمين والمعلمات, أو تطوير المناهج, وتحسين البيئة التعليمية, أو دعم النشاط غير الصفي وجميعها تعني الإعداد الحق للأجيال الصاعدة في خدمة دينهم ورقي وطنهم والمحافظة على وحدته واستقراره.. إنها بحق برامج تعليمية تربوية عظيمة ولها أهداف تنموية عظيمة, ولذا فإنها تحتاج منّا جميعاً آباء وأمهات ومعلمين ومعلمات ومسؤولين ومسؤولات لجهود مخلصة صادقة عظيمة تواكب عظمة وأهمية تلك البرامج التطويرية والأهداف السامية التي يحرص على تحقيقها والدنا قائد مسيرة وطننا المباركة وسمو ولي عهده الأمين وسمو نائبه الثاني (حفظهم الله وأدام عزهم أجمعين).

إننا في كل يوم نرى الأفعال الواضحة والأقوال الصادقة من والدنا وقائد مسيرتنا تشرق علينا بعمق أبوته الروحية لنا, وحرصه المخلص على مستقبل أبنائنا, وسعيه السامي إلى كل ما يحقق لوطنه ومواطنيه كل أمن وخير واستقرار, وأفضل رقي وتطوير وازدهار فله (حفظه الله) حق عظيم وأكيد على منسوبي التربية والتعليم وجميع المسؤولين والجهات الحكومية ذات الصلة ببذل قصارى الجهود بكل إخلاص وحسن عطاء لبناء مستقبل مشرق لأجيالنا الصاعدة وجعلهم بإذن الله مؤهلين حقّاً لخدمة دينهم والذود عن مقدساتهم وازدهار وطنهم.

وإنني على ثقة كاملة بأن صاحب السمو الأمير الوزير الخبير بأهم مصالح الأمة والوطن فيصل بن عبدالله بن محمد, (وفقه الله وأعانه) وذوي المعالي والإخلاص مساعديه الأفاضل حريصون كل الحرص على سرعة تحقيق الأهداف الغالية لهذه التوجّهات الكريمة السامية على أفضل وأكمل عطاء بتوفيق الله ثم مساندة وإخلاص الإخوة والأخوات من ذوي وذوات الخبرة الإدارية والتعليمية والتربوية في تعليم البنين والبنات.. كما نتطلع إن شاء الله من خلال معطيات هذا المشروع المبارك أن تزداد أهمية الرعاية الحقة لقدرات ومواهب شبابنا من خلال التأهيل الأكمل والاختيار الأفضل للمعلمين والمعلمات والإداريين والإداريات في جميع المراحل وبتوفير أكثر للفرص والمرافق المناسبة للطلاب والطالبات لممارسة هواياتهم العديدة (الثقافية, والرياضية, والعلمية, والكشفية, والاجتماعية) من خلال أندية علمية تقنية متطورة وصالات ثقافية ورياضية متكاملة إن لم تكن في كل مدرسة فلتكن (إن شاء الله) في كل حي وكل مدينة صغيرة حتى تجد مواهب طلابنا وطالباتنا واختراعاتهم العلمية وقدراتهم الذاتية من يصقلها ويوجّهها ويرعاها بخبرة وأبوة ودراية.

وإننا لعلى ثقة (بإذن الله) أنه سيكون من خلال هذه الصالات الثقافية والمسارح المدرسية وبأنشطتها المتميزة ما يعود على طلاّبنا وطالباتنا بكل منفعة علمية وتربوية وبكل ما يسهم في تقوية أواصر التلاحم والتقارب بين جميع فئات المجتمع السعودي الكريم من خلال تعوّد الإطلاع والإلقاء والحوار الفكري المنطقي الذي هو أساس الحوار الوطني وأحد العطاءات الفكرية السامية من قائد المسيرة المباركة لمزيد من التكاتف والتعاون والتفاهم بين أبناء الوطن الواحد في هذا العهد الكريم, وسيتعلمون من خلال تلك الأنشطة الدينية والثقافية والرياضية المعاني الكبيرة لاحترام الآخر من خلال حوار الحضارات والأديان التي سعى هذا الملك الجليل المصلح إلى تعميقه كمفهوم حضاري ومبدأ ديني وطني حرصاً على مزيد من التعاون والتآزر والتقارب مع الشعوب الشقيقة والصديقة, ومن أجل الحفاظ على السلام العادل بين الدول, والأمان والاستقرار لشعوبها وسيجد أبناؤنا من خلال برامجهم التعليمية ومناهجهم المدرسية المطوّرة وأنشطتهم اللاّصفية ما يعمِّق في نفوسهم بإذن الله محبة دينهم ووطنهم والإخلاص والوفاء لقيادتهم الكريمة وتحقيق الآمال العظيمة لقائد مسيرتهم وراعي نهضتهم ومعلمهم الأول في الإخلاص وخدمة الدين والوطن (عبدالله بن عبدالعزيز) (رعاه الله) الذي يؤكد علينا دائماً, ويوجهنا دائماً, ويعمّق في نفوسنا دائماً؛ بأن الدين والوطن لا مساومة عليهما ولن نفرط فيهما مهما يكن.

نعم خادم الحرمين الشريفين وقدوة أهلها ومعلّم جميع أبناء شعبك أسس وأهمية المحبة والإخلاص للدين والوطن.

نعم سيدي فإننا نردد معك في هذه الذكرى الرابعة العطرة بكل صدق وإيمان:

الدينُ والوطن..

لا.. لن نساومَ فيهما مهما يكن..

لا.. لن نفّرِّطَ فيهما رغمَ المحن..

***

مقولةٌ عظيمةٌ.. لقائدٍٍٍ فطن..

مليكِنا رمز الوطن..

حروفُها، عَهدٌ وثيق..

يُجسِّدُ الوفاءَ.. !

ونبضُها، حبٌ عميق..

يؤكَِّدُ الولاء..!

ونحنُ في عزيمةٍ.. نقولُها

بالجدِّ والعطاء..

الدينُ والوطن..

حياتُُنا، وحرْزُنا

لا.. لن نساوَم فيهِما مهْما يكُن..

لا.. لن نفرَّطَ فيهما رغم المحن..




 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد