لقاء - عيسى الخاطر

نبّه الشيخ سعد البريك من مكر وخداع طغمة من محترفي تهريب وترويج المخدرات والمنشطات تستهدف الطلاب في مواسم الاختبارات، وتنصب لهم شباكها وتستعد للإيقاع بهم قبيل بدء الاختبارات وإغرائهم لإدمانها، وأكد في لقاء مع (الجزيرة) أن الطلاب الناجحين بتميز وتفوق هم الأبعد عن هذه الشبهات، وشدد على عظم جرم من تولى وظيفة أو منصباً نتيجة لشهادة دراسية حصل عليها بالغش أو التزوير..

وفيما يلي مقتطفات من اللقاء.

بداية قدم الشيخ البريك نصيحة للطلاب قائلاً: إن هذه الايام أيام حاسمات يعيشها الطلاب والطالبات مثقلة بهموم الامتحانات. إنها أيام الحصاد وجني الثمار، المجتهد يفوز بثمرة عمله يوم أن اجتهد وثابر وسهر وتعب، ويتجرع الكسول مرارة تقاعسه، يوم أن توانى عن المذاكرة وتقاعس عن الحفظ ممنَّياً النفس بأن تكون الأسئلة سهلة والاختبارات يسيرة، مسترسلاً في وهم كاذب ينتهي به إلى الإخفاق والفشل. ومن زرع البذور وما سقاها تأوه نادماً يوم الحصاد، فاته أن من جاع أكل ليشبع، ومن عطش شرب ليروى، ومن تعب نام ليرتاح، ومن أراد النجاح درس وذاكر وجد واجتهد، ومن جد وجد ومن زرع حصد. وكما قال الأول:

وقبل دخول قاعة الامتحان يحسُن بكل طالب أن يسأل نفسه: لماذا أدرس، وما هو الهدف من المذاكرة، ولماذا أتحمل كل هذا التعب والمشقة؟ هل الدراسة هي للتباهي بين الزملاء والأقران، أم لأن الدراسة وسيلة للحصول على الوظيفة والعمل؟

أم لأنها تؤهلني لأن أكون لبنة بناءة من لبنات بناء المجتمع بالعلم والمعرفة؟ وهل يليق بي كمسلم أن أهتم بشأني فقط متناسياً هموم عقيدتي ووطني؟

وأضاف: إن أول ما أوصي به أبنائي الطلبة هو إخلاص النية لله تعالى وتصحيح القصد، فالنية إن صلحت صلح العمل كله وإن فسدت فسد العمل كله، والطالب الذي يدرس لكي ينفع نفسه وينفع أمته أصبحت دراسته عبادة يُكتب له فيها الأجر الوفير والثواب الجزيل.

وأوصيهم بأن يأخذوا بأسباب النجاح، بالاجتهاد في الدراسة والمذاكرة والصبر على ذلك، فإن تعبوا اليوم فغداً راحة كبيرة عندما يحزن الكسالى لكسلهم، ويفرح الفائزون بفوزهم وسرعان ما يزول تعب الجد والمذاكرة ويبقى شرف النجاح ولذة التفوق، ومن طلب العلا سهر الليالي.

تحذير من المخدرات

وعن استغلال الطلبة في هذه الأوقات واستخدام البعض للمخدرات قال د. البريك: من أكبر أسباب الفشل توهُّمُ بعض الطلاب أن تعاطي الحبوب المنشطة يقوي الذاكرة ويمد الجسم بالطاقة والحيوية، فهذه مصيدة يستغلها بعض ضعاف النفوس ومروجي السموم لنصب شراكهم للطلاب بإقناعهم أن حبة أو حبتين من (الكبتاجون) تقويهم على المذاكرة والحفظ، والحقيقة أن من يستجيب لهؤلاء بدأ مشوار الإدمان الطويل الذي قد ينتهي به إلى السجن أو الهلوسة أو الجنون أو الموت المفاجئ. حيث بدأ المفسدون بالاستعداد المبكر لموسم الترويج، لكن توفيق الله وعنايته مكنت الأجهزة المختصة من ضبط أعداد كبيرة من الحبوب المخدرة قبل وصولها إلى السوق لتفتك بالأبرياء من الطلبة والطالبات.

فقد تمكن رجال مكافحة المخدرات خلال الفترة الماضية من ضبط حوالي خمسة ملايين حبة مخدرة، حاولت بعض عصابات تهريب المخدرات إدخالها إلى المملكة، هذا في أسبوعين فقط، فما بالنا بحجم المضبوطات على مدار العام، وما بالنا بما دخل ولم يتم ضبطه؟ لا شك أن الأمر مهول ويبعث على الحذر الشديد والاحتياط الأكيد. وبالتزامن مع ذلك تم القبض على بعض الشبكات التي تقوم بترويج هذه المخدرات. وما زالت الجهود والمتابعات مستمرة.

وتابع: إن حجم الكميات المضبوطة وتوقيت تهريبها يؤكدان أن الطلاب هم الهدف الأول، في مخطط يهدف إلى تدميرهم، فضلاً عن الفشل الدراسي والدمار الأسري والانحراف الأخلاقي والإخفاق الاجتماعي.

مشيرا إلى ان مادة الكبتاجون فضلاً عن كونها مادة مخدرة، فإن أضرارها الصحية في غاية الخطورة لأنها تحتوي على مادتين هما (الأفدرين) و(الأنفيتامين) ودمجهما سوياً يؤدي إلى إصابة المتعاطي بحالة من الجنون. فقد أكد تقرير طبي أن 48% من متعاطي حبوب الكبتاجون قد يصابون بإعاقة عقلية مستديمة.

وبيَّن أن اختصاصيي الطب النفسي يؤكدون أن حبوب الكبتاجون قد تسبب الوفاة المفاجئة، فالكبتاجون من المواد المنبهة للجهاز العصبي ويسبب استعماله زيادة في الحركة والنشاط والاستيقاظ لساعات طويلة، وعند التوقف عن تعاطيه يصاب الإنسان بالاكتئاب والخمول والكسل والنوم لساعات طويلة. كما أن استعمال جرعات عالية منه تؤدي إلى الإصابة بجلطات القلب، كما تؤدي إلى ارتفاع ضغط الدم المفاجئ الذي يصيب المخ بنزيف يسبب الغيبوبة والوفاة، وقد ينتج عن استعمال جرعات عالية من الكبتاجون الإصابة بنوبات صرع وغيبوبة. هذا شيء من آثار الكبتاجون الصحية القاتلة، ولم يقف الأمر هنا، بل إن الإخصائيين يؤكدون أن التحاليل أثبتت أن العقل الذي ينبه بالمنشطات تبلغ درجة تحصيله العلمي (صفر) وهذا يؤكد أن الاعتقاد بأن الحبوب المخدرة تنشط الذاكرة هو وهم لا حقيقة له.

الغش جريمة

وحذر الشيخ البريك الطلبة من الغش والتزوير مشيرا إلى أنه خيانة وبئس البطانة، لقول النبي - صلى الله عليه وسلم - في الحديث الذي رواه مسلم: (... ومن غشنا فليس منا). الغش من قبيح الأخلاق وذميم الخصال، وهو جريمة في حق النفس يوم أن يمنحها شعوراً مزيفاً بالفوز والنجاح، وهو جريمة في حق المجتمع لأنه يؤدي إلى تخريج طلاب غير مؤهلين، مما يضعف المستوى العلمي والثقافي ويؤدي إلى أن يوسد الأمر إلى غير أهله، قال - صلى الله عليه وسلم -: (إذا وسد الأمر إلى غير أهله فانتظر الساعة).

فاستعن بالله أخي الطالب، ولا تعجز، وإياك والغش المحرم فإنه لا خير فيه ولا بركة. ومن نجح بالغش والتزوير، فليعلم أنه لا بد أن يكشف ويفتضح أمره إن عاجلاً أو آجلاً إلا من تاب فيتوب الله عليه. وقد أفتت اللجنة الدائمة أن العمل في وظيفة بناء على شهادة تم الحصول عليها بطريق الغش في الاختبارات لا يجوز.

ومما ينشط الذاكرة ويعين على الاستذكار: الترويح عن النفس بالوسائل المشروعة؛ لأن القلوب إذا تعبت أغلقت، ولا ينبغي للطالب أن يذاكر وهو مرهق؛ وربما يساعده اعتماد أسلوب التلخيص أثناء الحفظ والمراجعة، ومعلوم أن (ما حُفظ فَر، وما كُتب قَر).

وإن أفضل أوقات المذاكرة بعض صلاتي الفجر والعصر، ومما يساعد على تثبيت المعلومات تكرار المراجعة في فترات متفاوتة.

وليحرص الطالب على أن يأخذ وقتاً كافياً من النوم في الوقت الذي يتفق فيه النوم وخاصة أول النوم وهو شباب الليل، فمن غنمه استطاع أن يستفيق من آخر الليل وأول الصباح وهذه أنفس الأوقات، فليحرص على النوم ولو لم يتمكن من الانتهاء من المراجعة، لأن السهر وإجهاد الذهن سبب لنسيان المادة كلها.

وليقرأ الأسئلة بهدوء وتأنٍ ولا يكن همه متى ينتهي من الإجابة. وليسمَّ الله قبل البدء فالتسمية استعانة بالله وفيها بركة ولا ينسى أن يقول: (اللهم لا سهل إلا ما جعلته سهلاً وأنت تجعل الحزن إذا شئت سهلاً).

وليقرأ التعليمات الواردة في ورقة الاختبار، ثم يقرأ ورقة الأسئلة بدقة وانتباه، ثم يبدأ بالإجابة عن الأسئلة الأكثر أهمية، فإن صَعُب ذلك عليه، بدأ بالأسئلة الأسهل لئلا يذهب الوقت في التفكير في إجابات الأسئلة الصعبة.

وعليه التأني في الإجابة فالتأني من أسباب التوفيق. عن أنس - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (التأني من الله والعجلة من الشيطان). رواه النسائي وصححه الألباني.

وبعد الانتهاء من الإجابة وقبل تسليم الورقة، قم بمراجعة إجاباتك بهدوء للتأكد من صحتها ولا يستخفنك من بكَّروا في الخروج فربما استعجلوا أو لم يتمكنوا من الإجابة عن كل الأسئلة.

كما أن دعاء الوالدين لولدهما مستجاب فليكثرا من الدعاء لأولادهما بالتوفيق والسداد.

وليحذرا من التهويل وتضخيم أمر الامتحانات وتحويل الاختبارات شبحاً مخيفاً في أعين الأبناء، فيدخل الواحد منهم قاعة الامتحان وعلامات القلق والاضطراب على محياه، وبعض الفتيات تصاب بالإغماء أو بالدوار وبعضهن تنقل إلى المستشفى بسبب شدة الخوف والتوتر.

ثم ختم بنصيحة للمعلمين قائلاً: وعلى المعلمين والمراقبين في قاعات الاختبار أن يخففوا الأمر على الطلبة وأن يبشروهم بالنجاح ويديموا الابتسامة في وجوههم، وأن يحثوهم على التفاؤل وأن يبعثوا الأمل في أنفسهم، بعيداً عن العبارات التي تبعث على التشاؤم والإحباط.