Al Jazirah NewsPaper Wednesday  01/07/2009 G Issue 13425
الاربعاء 08 رجب 1430   العدد  13425
هيكلة القطاع الخاص
محمد سليمان العنقري

 

أصبحت الحاجة لهيكلة القطاع الخاص أكثر إلحاحاً من أي وقت مضى؛ فمع واقع الأزمة المالية العالمية ظهرت جوانب القصور التي يعاني منها هذا القطاع بشكل كبير أسهمت بأن يكون أحد أسباب إحجام البنوك عن أقراضه، وإذا كانت الأزمة لم تطل برأسها علينا بشكل كبير عند بداياتها لأسباب معلومة أبرزها تحوط الدولة الكبير خلال السنوات السابقة ببنائها احتياطي مالي ضخم ومنع القطاع المصرفي من التوسع بالاستثمار الخارجي والعديد من الإجراءات، إلا أن القطاع الخاص كان غائباً عن الرقابة أو التنظيم؛ حيث إنه لم يتطور بالشكل الذي يتناسب مع تطور الحالة والواقع الاقتصادي الحالي وفي المستقبل.

فما زالت أوجه القصور بارزة فيه من خلال تأخر ظهور نظام الشركات الذي يدرس منذ سنوات بحيث يطور آلية عمل الشركات وينظم عمل مجالس الإدارات ويجعل الوحدات الاقتصادية المرخصة أكثر شفافية كما يمنهج التخصصات التي تؤسس من أجلها الشركات بشكل يعكس حقيقة عملها؛ فكثير من القروض والمشاريع تبخرت نتيجة غياب التطوير ببناء الهيكل الإداري لها. ومن هنا نجد بروز التعثرات المالية التي بدأت تطال المجموعات التجارية لغياب الشفافية والوضوح بأعمالها.

كما أن طرح الدولة للمشاريع خلال السنوات الأخيرة بما فيها العام الحالي أظهر عدم قدرة العديد منها على تنفيذ المشاريع بالكفاءة المطلوبة وبدأنا نسمع الاستعانة بشركات من الخارج مما يعني الحاجة لإعادة النظر بكل الشركات المرخصة لأعمال المقاولات كأحد أهم القطاعات الاقتصادية من خلال النظر بطريقة تصنيفه، وكذلك معرفة كم عدد الشركات العاملة فيه من أصل قرابة40 ألف وحدة مرخصة.

كما أن الأساس الذي يفترض أن تبنى عليه إعادة الهيكلة هو التوجه نحو الدور الذي يجب أن يلعبه القطاع بالعملية التنموية من خلال عملية تطوير الكوادر البشرية السعودية وتأهيلها وتدريبها للقيام بكافة الأعمال وعلى المستويات؛ فقضايا التستر والتلاعب بكشوفات الموظفين السعوديين لديها وكذلك اعتماد البعض بالسعودة من خلال الكم فقط، وليس نوعية الوظائف فكثيراً ما نسمع عن قصص نجاح حققه أثرياء بالغرب من خلال أشخاص كانوا يعملون بشركات وخرجوا منها ليؤسسوا شركات تفوقوا فيها على من أعطاهم الفرصة الأولى.

أيضاً تبرز للواجهة غياب التخصصات التشغيلية لأغلب وحدات القطاع الخاص مما يعني ضرورة فهرست الأعمال والالتزام بها خصوصا للمؤسسات والوحدات الصغيرة حتى يكون تركيزها أكبر لتنمية أعمالها ولا تزاحم غيرها مما يعني غياب الهوية للعديد من المشروعات الصغيرة مما يفقدها القدرة على التطور ويبرز مثال محلي لدينا بالعديد من تلك المشاريع التي نجحت نتيجة تركيزها على تخصصها.

كما أن آلية المشاريع يجب أن تأخذ منحى آخر أكثر بروزاً من ناحية تمويل المشاريع الصغيرة وخصوصاً للمهنيين أيا كان مستوى تعليمهم أكاديمي أو من معاهد وكليات تقنية حتى يكون هناك أساس علمي لمن يقوم على تلك المشاريع فيكون حظها بالنجاح أوفر ممن لا يمتلكون مقومات التخصصات التي تؤسس عليها المشاريع، ومن هنا تبرز ظواهر سلبية كالتستر وغيرها.

قد يكون هناك الكثير من الأنظمة والقوانين تشمل ما تم ذكره سابقاً، ولكن الحاجة اليوم هي لتطبيق وتطوير تلك الأنظمة وتوسيع دائرة الاهتمام بالقطاع الخاص من كل الأطراف المعنية حتى يكون هناك اقتصاد متنوع ليس بإنتاجه، بل بأحجامه بدلا من هذه التشعبات التي لم تعط صورة واضحة للقطاع الخاص خصوصاً بمستوياته المتوسطة والصغيرة، وقد طالب غرينسبان رئيس الفيدرالي الأمريكي السابق بمؤتمر جدة الاقتصادي قبل عامين بضرورة الاهتمام بالقطاع الخاص ودعمه لأنه العمود الفقري لمستقبل التنمية للاقتصاد بشقيه الكلي والجزئي مستشهداً بالتجربة الصينية والفرصة اليوم مواتية أكثر من أي وقت مضى لإعادة هيكلته ودعمه من كل الجوانب سواء المالية أو التنظيمية والتشريعية.




 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد