سعادة رئيس تحرير جريدة (الجزيرة) الأستاذ/ خالد بن حمد المالك
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..
قرأت ما كتبه الأستاذ صالح بن عثمان أبا الخيل في العدد (13403) بعنوان (بدء مسار طريق القصيم - مكة من وسط القصيم) والخيار الذي طرحه الكاتب هو الخيار الأنسب والأكثر فائدة والأقل تكلفة لبدء هذا الطريق.. وما ذكره قريب من طريق الحاج البصري القديم الذي هو المسار الأنسب والأقصر لعدد من العوامل منها:
1- إن طريق (الشمال - القصيم - مكة) والعكس طريق (استراتيجي) وحيوي هام لمناطق شمال المملكة ووسطها والحجاز بأكمله (مكة - جدة - الطائف).. فلا يظن أحد أن الطريق هو للقصيم فقط، بل هو امتداد لطريق الشمال القصيم - الرياض - جنوب المملكة على هناك طريق يربط وسطه المملكة مع الحجاز مباشرة ولا يخدم مناطق مثل سدير، الوشم، الدوادمي، الزلفي، القصيم، حفر الباطن - الحدود الشمالية، بل يخدم المنطقة الشرقية (الدمام) والرياض والخرج وما جاور الطريق من القرى والمدن الواقعة بالقرب من مثل عفيف التي يسهل وصول قاصدي بيت الله الحرام منها إلى مكة المكرمة، أما المناطق الواقعة وسط شمال المملكة أو شمال شرق المملكة فليس أمامهم سوى طريق (الحجاز القديم) بتعرجاته وحوادثه وإبله أو طريق الرياض - القصيم - المدينة وهو طريق طويل جداً وميقاته ليس ميقاتاً لأهل نجد؛ لذلك فهو بعيد عن مكة المكرمة بالنسبة لهم.
2- أرى أن الآراء اختلفت حول نقطة انطلاق الطريق من أحد الطرق السريعة والمزدوجة باتجاه مكة المكرمة سواء كانت هذه النقطة ذات قرب من المدن المأهولة أم بعيدة عنها، وأرى أن أفضل نقطة لانطلاق هذا الطريق هي أن يسلك عبر طريق الحاج القديم (حاج البصرة) القادم من شمال شرق المملكة مروراً بالأسياح ثم القريتين الواقعة شمال مدينة عنيزة، ولكن هذه النقطة لا تنطلق من طريق سريع وعلى هذا، فإن أفضل نقطة انطلاق هي تقاطع طريق (الرياض - القصيم - المدينة) السريع مع طريق بريدة الدائري الغربي أو طريق (عنيزة - المطار) الجاري إنشاؤه حالياً؛ أيهما أسهل تنفيذاً، وذلك لأنه ينطلق من نقطة استراتيجية يسهل الوصول إليها من جميع الجهات ومن جميع المدن ذات الكثافة السكانية وحسب ما يلي:
أ- هذه النقطة تنطلق من طريق مزدوج وسريع وقريب من نقطة زيادة الكثافة المرورية المتجهة إلى مكة المكرمة أو جنوب المملكة أو جدة (بريدة، عنيزة، الزلفي، حفر الباطن) حيث تزداد الكثافة المرورية بشكل لافت في هذا الموقع نظراً لتوسطه من منطقة حضرية ذات كثافة سكانية عالية.
ب - إن انطلاق الطريق من غرب القصيم (البتراء) سيزيد تكاليف أثناء الطريق ويزيد من المسافة للنسبة العظمى عن القاصدين لبيت الله الحرام (القصيم وشمال شرق المملكة الزلفي) حيث إن من يقصد مكة من هؤلاء لابد أن يتجه غرباً عن النقطة التي تكلمت عنها سابقاً بمسافة حوالي100 كم، ثم يتجه جنوباً حتى يتقاطع من طريق (الحاج البصري) بالقرب من دخنة بمسافة حوالي90كم أخرى، بينما انطلاق الطريق من النقطة التي تحدثت عنها في (أ) فيختصر المسافة بحوالي100كم وبهذا تقل المسافة المقطوعة للنسبة الكبيرة من مستخدمي هذا الطريق إلى مكة المكرمة، وبالتالي خفض تكاليف الرحلة؛ مما ينتج عنه اضافة للناتج المحلي الاجمالي للبلاد، والذي سيذهب هدراً بسبب زيادة تكاليف الرحلة وزيادة تكاليف إنشاء الطريق من نقطة ما غرب القصيم.
ج- هذه النقطة التي تحدثت عنها في (أ) قريبة من نقاط تقاطعه مع عدد من الطرق السريعة والمزدوجة التي تربط شمال المملكة مع جنوبها؛ فهي قريبة من التقائه مع طريق (الجوف - حائل - الرياض) وقريبة من طريق (الجبيل ينبع) الذي يتم دراسته حالياً؛ فطريق ينبع بالنسبة للقادمين من الجبيل يجب أن يتفرع من طريق آخر يتجه إلى كل من جدة ومكة المكرمة؛ حيث إن نسبة كبيرة من المسافرين من الجبيل وشمال شرق المملكة (مناطق اقتصادية) وشاحنات التوريد القادمة من شمال شرق المملكة متجهة إلى جدة تسلك طريق المدينة الطويل، ثم تتجه جنوباً بمسافة حوالي500 كم من المدينة إلى جدة، بينما إذا كان هناك طريق مختصر إلى جدة ومكة فسيكون ذلك توفيراً للوقت والجهد والمال، وبالتالي، خفض تكلفة نقل المواد، وبالتالي، رخص أسعارها من شرق المملكة إلى غربها أو شمال إلى غربها والعكس، كما أنها ترتبط مع طريق الملك فهد الذي يمتد من بريدة إلى البكيرية إلى الأسياح شرقاً ثم يستمر امتداد الطريق إلى قبة شرق القصيم ثم إلى حفر الباطن، كما ترتبط هذه النقطة مع طريق رفحاء - لينة القادم من شامل المملكة حتى يرتبط مع هذه النقطة الاستراتيجية.
د - امتداد هذا الطريق من نقطة ما بين بريدة وعنيزة يتبعها جنوباً وغرباً عبر صحراء الغميس ثم الشقيقة ثم رامتان ثم وادي العاقلي الضحل سيكون طريقاً تنشأ عليه مخططات سكنية جديدة؛ حيث إن مدن القصيم تعاني من شح في المخططات السكنية ونشوء الطريق ومروره عبر هذه المنطقة التي هي أراض عامة وحكومية لا تحتاج إلى نزع للملكيات يجعل من النمو الاقتصادي والعمراني لمدن القصيم مثل: الرس، البدائع، عنيزة، بريدة، أمراً هاماً. أما وجود هذه الطريق إلى الغرب من القصيم فسيكون عبر الدرع العربي الذي لا توجد فيه أي مقومات للحياة، وهي المياه والقرب من المدن الكبرى.
هـ - انطلاق الطريق من هذه النقطة التي تحدثت عنها سيكون سهلاً في تكاليف الانشاء؛ حيث إنه يمر عبر أراض رملية مثل: الغميس الخبيبة، الشقيقة ذات المواد المناسبة والممتازة لانشاء الطرق مما يقلل تكاليف إنشاء الطريق لمسافة تزيد عن100 كم.
و- بالنسبة لمدينة عفيف فهي مدينة هامة، وكون الطريق السريع يمر وسط هذه المدينة فسيشطرها إلى نصفين، ويزيد من التلوث والضوضاء عبرها. أما مروره إلى شمال المدينة بحوالي20 كم فسيكون ميزة اقتصادية هامة لها حيث سيكون شريحة للنمو العمراني والاقتصادي بين الطريق وبين المدينة الحالية، ومن المعروف حسب قوانين ومبادئ تصميم الطرق أنها لا تمر عبر مدن سكنية، وأناشد معالي وزير النقل الاهتمام بازدواج طريق القصيم - نفي - البجادية - عفيف؛ حيث إنه طريق مفرد ومتعرج وشهد عدداً من الحوادث المهلكة بسبب انحناءاته ووجود الابل السائبة عليه.
وأخيراً.. فإنني أثق باهتمام معالي وزير النقل الدكتور جبارة بن عيد الصريصري بهذا الطريق الهام الذي سيكمل عقد الطرق وسط المملكة، ويضيف ناتجاً هاماً للاقتصاد المحلي يفوق تكاليف إنشائه، وأشيد بمتابعة صاحب السمو الملكي الأمير فيصل بن بندر بن عبد العزيز أمير منطقة القصيم وسمو نائبه الأمير الدكتور فيصل بن مشعل لهذا المشروع الهام الذي لا يخدم منطقة القصيم فقط، بل كل شمال المملكة ووسطها. وبالله التوفيق..
م. عبدالعزيز بن محمد السحيباني