Al Jazirah NewsPaper Sunday  05/07/2009 G Issue 13429
الأحد 12 رجب 1430   العدد  13429
ممر
سنوات من الحوار.. ماذا بعد؟
ناصر صالح الصرامي

 

من المفترض أن يكون ملتقى المدربين والمدربات المعتمدين من مركز الملك عبدالعزيز للحوار الوطني قد دخل يومه الثاني، والحقيقة أنه حتى وإن لم يكن من إيجابيات المركز وسنوات الحوار إلا إدخال كلمة (الحوار) في المجتمع بهذه الكثافة والزخم وعلى هذا النحو والتعود لكفى.

سنوات الحوار التي يرعاها الملك عبدالله شخصيا تدشن الآن مرحلة بالغة الأهمية تتعلق بتنمية ونشر ثقافة الحوار على مساحة أوسع، حيث تتجه اليوم كما نشاهد ونتابع لتصبح جزءا من تركيبة الشخصية السعودية الحديثة، على أمل الوصول إلى استيعاب ثابت لقيم الحوار وآدابه، بل والأهم كما يعلن الملتقى، التعامل مع الحوار كمهارة، فللحوار مهاراته ويتطلب قدرات للمشاركة فيه، وهو ما يشكل نقلة نوعية في الوعي بقيمة الاختلاف وضرورته.

وهنا تبرز قيمة الملتقى المضافة في المساهمة في تطوير القدرات والمهارات الحوارية لشخصية الفرد والقائمين عليه والعاملين على نشره.

وهو ما يكشف تناغم أهداف هذا الملتقى المعلنة، من أجل تسليط الضوء على أهمية التدريب على الحوار في رقي الأمم والحضارات، وبحث وسائل وسبل نشر وتعزيز ثقافته في المجتمع، ووضع برامج تدريبية على الحوار مع الآخر المختلف في الرؤية ووجهة النظر.

حيث الحوار كلغة حضارية تنبذ العنف وأسبابه، وتتجاهل عصبية الفرد والفكرة، نحو التحول من مشهد القطيع البشري، إلى فكرة التنوع والاختلاف كأساس أصيل في الحياة البشرية، وقيمة ثابتة في الحضارة الإنسانية.

ولعل من أول الأشياء التي يفترض أن تنال جانب مهم من اهتمام المدربين والعاملين على تأهيل الأفراد والجماعات لثقافة الحوار وممارسته وتعلم مهاراته، تتجسد في الدرس الأول (الاستماع)، تعلم فن الاستماع أولا.

هذا في اعتقادي هو الدرس الأول، الخطوة الأولى الصعبة، الاستماع الواعي للآخر قبل الحوار معه، وهي مهارة مهمة وصعبة أكثر مما قد نتصور، لأن مهارة حسن الاستماع وإتقانه، تتطلب صبرا وعقلا راغبا في الإدراك، وقدرة على تحيد ولو مؤقت معلوماتنا، والتي قد نعتقد أنها تختزل كل معارف الكون وأسراره، وكذا قناعاتنا بالآخر، مهما يكن حجم هذه المعرفة، أو حتى قناعتنا بامتلاك الحقيقة المطلقة.

الاستماع مهارة، وهي الخطوة الأولى الصعبة التي تتطلب مجهودا نفسيا وعقلا منفتحا، وإلى الكثير من الطاقة، والقدرة، لإنسان لديه شهية مفتوحة للمزيد من المعرفة، والفطنة والتسامح في أرقى مستوياته.

سنوات الحوار وتواصل هذه الفعاليات لابد وأن تقودنا إلى هناك، وهو طريق طويل قد يتطلب جيلا أو كثر للوصول إلى الشخصية السعودية المنشودة في قمة تسامحها ووعيها.

لكن الأهم أن الملك عبدالله يأخذنا إلى هناك، بعد أن وضعنا على طريق المستقبل المعرفي.

إلى لقاء..

****




 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد