Al Jazirah NewsPaper Wednesday  15/07/2009 G Issue 13439
الاربعاء 22 رجب 1430   العدد  13439
التربية وعلاقتها بالإعلام
د. موسى بن عيسى العويس

 

لن أتحدث عن الإعلاميين الأوائل من المربين وتاريخهم (كحمد الجاسر، وابن خميس، والدمنهوري)، بوصفهم رواداً في الحركة الإعلامية والأدبية، ومن أبرز الرموز في الميدان التعليمي والتربوي، العالي منه والعام، لكنّ هذا ما يؤكد العلاقة الوطيدة عبر التاريخ بين المؤسسات الإعلامية والتربوية، في جوٍ صافٍ ملائم للعمل، وبيئة راقية جاذبة تخلو من المشاحنات، والمنافرات، والتوترات، والخصومات، والمغالطات.

أمام استقراء ذلك التاريخ الزاهي لفت نظري إحصائية لم أتبيّن مصداقيتها تقدّر عدد المنتمين للإعلام التربوي من منسوبي (التربية والتعليم) بـ(400) فرد. وحينما نعبّر بلفظة (منتمين) فهي تختلف بطبيعة الحال في مدلولها عن (منتسبين)، فالانتماء يعني هنا قوة الارتباط للمؤسسة لأكثر من سبب، وعبر مؤشرات مختلفة. على كل حال جلّ من في الميدان حتى لا نظلمهم هم مراسلو صحف، وأخبار محلية تقليدية، وموظفون أنسدّت أمامهم بعض السبل، ولم يحصل جزء منهم على الدرجة الوظيفية المناسبة، ومقارنتهم بالرواد من الإعلاميين المربين ظلمٌ لتلك النخبة المحترفة، رحم الله المتوفين منهم، وأمدّ في عمر من تبقّى. إذن لن يضيرنا إذا حذفنا (الصفرين)، وبقي (أربعة) قد يستحقون إلحاقهم بتلك الكوكبة المضيئة في زمنهم وما تلاه.

إذا تجاوزنا مؤسسات الإعلام استطعنا أن نقول: إن مثل هذا العدد أو يفوقه من منسوبي تعليم يتربّعون على المؤسسات والجمعيات الخيرية، وأضعاف أضعاف هذا العدد يسيطرون على المناشط الدعوية، والمنابر الخطابية في وزارة الشؤون الإسلامية. وهذه المؤسسات لها منابر إعلامية قوية، وتأسيسا على هذا التصور يشعر الجميع أنه أمام جهاز ضخم عملاق، يتغلغل أفراده في كافة المؤسسات الحكومية والخاصة، وفي مختلف الأوساط الاجتماعية، وهو بهذا النفوذ يستحق التقدير، وأخذه في الحسبان، حين نتعامل معه.

تنفّذ شريحة المعلمين، وسيطرتهم على مفاصل بعض المؤسسات ذات الصلة بالمجتمع تجعل الجميع يقف لهم تقديراً واحتراما، أو هكذا يفترض، وتجعلنا في الوقت نفسه نتساءل ونحمّلهم مسؤولية الإصلاح بمفهومه الواسع، كما ونحفزهم على المشاركة في التنمية بجميع الأبعاد والمفاهيم. أما أن نعتد بلغة الأرقام فهذا لا يكفي، ولا يحقق الطموحات.

من هذا المنطلق، لم يعد مستغرباً تباين الآراء حيال هذه العلاقة بين الإعلام والتربية، والنظرة الاجتماعية الخاصة لهذه المؤسسة، فثمة من يرى أن التبريرات التي يطلقها التربويون أمام ضعف المخرجات التربوية، وتعليلهم ذلك بالازدواجية التي يعيشها الطالب، أو الطالبة بين ما يتلقاه من قيم في المدرسة، وما تلفظ به الوسائل الإعلامية الأخرى من مواد قد تكون منافية، أو متعارضة مع القيم والعادات والتقاليد السوية. هناك من يرى أنها تعليلات غير مقبولة، بوصف التربويين يتحكمون في مفاصل كثيرة للمؤسسات الاجتماعية والدعوية والإعلامية، وأي جهد مدروس ومخطط له في هذا المجال سيأخذ نصيبه في الميدان. وفريق آخر يرى أن المنتمين للتعليم لم يؤهلوا التأهيل الذي يستطيعون من خلاله تنفيذ برامجهم وتطبيق أفكارهم واتجاهاتهم على أرض الواقع. وربما وجدنا من يجمح برأيه ويرى عدم اقتناع التربويين في الأساس بالمهمة التي أوكلت إليهم واؤتمنوا عليها، بل كانت هذه المهمة، أو الرسالة هي الخيار الأوحد أمام تقلّص الفرص في القطاعات الأخرى من ناحية، وتساهل هذه المؤسسة في فترات سابقة بالشروط والضوابط المهنية للعاملين عليها من جهة أخرى.



dr_alawees@hotmail.com

 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد