Al Jazirah NewsPaper Friday  17/07/2009 G Issue 13441
الجمعة 24 رجب 1430   العدد  13441
نظمها مركز الملك عبدالعزيز للحوار الوطني
45 سيدة ينهين أمس ورشة المستشار المعتمد للتدريب على الحوار الأسري

 

الجزيرة- منيرة المشخص

نظم مركز الملك عبدالعزيز للحوار الوطني على مدار ستة أيام فعاليات الورش التدريبية لبرنامج (المستشار المعتمد للتدريب على الحوار الأسري)، وذلك بمقر المركز.

وحرصت الفعاليات التي بدأت يوم السبت الماضي واختتمت أمس الخميس على تفعيل التواصل الأسري من خلال نشر ثقافة الحوار بين أفراد الأسرة، وشاركت فيها 45 سيدة من شرائح ومواقع جغرافية متعددة.

وتضمنت الورش التدريبية التي تولت تقديمها مدربات مركزيات هن فاطمة القحطاني وحياة الدهيم وآمال المعلمي، أربعة برامج تدريبية هي: برنامج تنمية مهارات الاتصال في الحوار، وبرنامج الحوار الزوجي، وحوار الآباء مع الأبناء، والمحاور الناجح، وتم تخصيص نصف ساعة في بداية اليوم تعرض فيه مهارة تدريبية متقدمة ثم تعرض المادة العلمية يعقبها جلسة تحليل وتقويم ثم جلسة تطوير للأنشطة والمحتوى، واختتم اليوم بحوار مفتوح مع المشاركات.

وشهد برنامج الحوار الزوجي تفاعلاً كبيراً من قبل المشاركات حيث قدمت كل سيدة تجربتها حول ذلك، وكان من أبرزها ما أسمته مشاركة بكرسي الاعتراف لها ولزوجها لمناقشة مشاكلهن بعيداً عن تدخل عائلته أو عائلتها، كذلك برنامج حوار الآباء مع الأبناء.. (الجزيرة) استعرضت مع عدد من المختصين الأساسيات التي يجب اتباعها لترسيخ المفهوم الحقيقي للحوار الأسري؛ فتحدثت لنا بداية فائقة الإدريسي مستشارة نفسية وتربوية فقالت: يعتمد الحوار الأسري والحوار بصفة عامة على أسس ومبادئ مهمة تساهم في فاعلية الحوار واستمراريته، لكن - للأسف - تفقد هذه الأسس أو بعضها بسبب جهل أو سوء تطبيق أو سوء نية.. وعندها تكون النتيجة صمتاً أو شجاراً وتقطع العلاقات.

وتطرقت الإدريسي إلى أهم أسس الحوار قائلة: من أهم هذه الأسس إدراك قيمة الحوار وأثره في تحسين حياة الأسرة؛ فإذا كانت هذه القيمة غير مدركة انصرفت الأسرة إلى أساليب عقيمة، فمثلاً قد يظن أحد أفراد الأسرة أن أي مشكلة ستحل نفسها بنفسها مع الوقت، وهذا فهم خاطئ؛ إذ إن ما يحدث هو أن تتضخم وتصبح المشكلة أصعب حلاً وأكثر تعقيداً.. وقد يظن البعض أن الحوار فيه انتقاص للذات، وهذا مفهوم خاطئ؛ لأن الحوار إضافة للذات واستفادة واستمتاع وليس انتقاصاً للذات.

وتضيف قائلة: من الأسس أيضاً في الحوار أن يكون مبنياً على كسب القلوب والبحث عن إيجابيات الآخرين للاستفادة منها والوصول إلى حقائق وحلول وليس إلى كسب المواقف والانتصار للذات في الأسرة خصوصاً، كما يجب أن يكون الحوار العقلي ممزوجاً بمشاعر الدفء والمودة والرحمة.

وأشارت فائقة إلى سلبية تعصب أحد الزوجين لرأيه وتقول: ولكن بعض الأزواج أو الزوجات ينظر إلى الحياة الزوجية كأنها أرض معركة لا بد أن ينتصر فيها بجدارة فيجند كل طاقاته وقواه العقلية لأن يثبت أن الحق معه، ويتسقط العثرات والأخطاء؛ حتى يخرج منتصراً.. هذا الاتجاه النفسي يجعله لا يرى الحقيقة فيحول بحثه عن حظ نفسه دون رؤية الجوانب الأخرى للموقف والتي في معرفتها تحسين نوعية حياته وحياة كل الأسرة؛ فتتصاعد الانفعالات وقد تستخدم ألفاظ غير عادلة وغير موضوعية وغير لائقة مع الضغط والتجريح والإساءة؛ فتشحن النفوس بالمشاعر السلبية التي تنعكس على تصرفات وسلوك جميع الأطراف بطريقة مباشرة أو غير مباشرة وبطريقة شعورية أو لا شعورية.

وأردفت قائلة: من الأسس أيضاً أنه إذا أردنا أن يصغي لنا غيرنا فلا بد أن نصغي له بعقل وقلب مفتوح مع التماس العذر وتقديم حسن النية وأن نضع في اعتبارنا اختلاف الأفراد فيما بينهم في طرق التعبير بحسب السن والجنس والثقافة؛ فنعطي لذلك مساحة ويتسع صدرنا لكل ما يقال، وإن لم نفهم علينا أن نطلب بأدب مزيداً من الإيضاح ونصبر على ذلك فإذا لم يتوافر هذا الأمر في الحوار أصبح كل يستمع إلى نفسه ويبرر لنفسه ويجد العذر لنفسه؛ فتعمى البصيرة عن أمور مهمة؛ فمثلاً عندما أحاور ابني أو زوجي لا بد أن أستمع وأستمع وأنصت حتى ينتهي؛ لأنه لربما يحاول أن يوصل إليَّ رسالة بين طيات الحديث يجب أن أدركها بذكاء دون محاصرة أو تجريح أو إحراج لأي طرف.

فمن أسس الحوار التواصل والتواجد والقرب؛ فإذا انشغل كل بنفسه ومواعيده وعمله وسهراته وأصدقائه أو جواله أو كمبيوتره فكيف يتم الحوار؟ هناك أبناء كان يمكن أن يتجنبوا مخاطر كثيرة لو كان أحد أفراد الأسرة متواجداً وتواصل معهم في الوقت المناسب، والتواصل له صور متعددة، والمهم هو النوعية وليس فقط كمية الوقت الذي يقضيه أفراد الأسرة بعضهم مع بعض.

والوضوح والشفافية والمصارحة أيضاً أساس مهم في الحوار؛ فإذا كان الحوار مبنياً على الكذب واللف والدوران أو الكتمان أو المبالغة في وصف الأمور تكون نتيجة هذا الحوار أيضاً زائفة ومضللة وتسيء إلى نوعية حياة الأسرة لفقدان الثقة والأمان والإحساس بالسعادة، وتفوت فرصاً مهمة لحل ما قد يطرأ عليها من أزمات بواقعية ومصداقية.

من أسس الحوار أيضاً إدراك أساليب الحوار؛ فالحوار مهارة جزء منها يتصل بحقائق علمية عن النفس الإنسانية كمعرفة الحاجات النفسية وأنماط الشخصية وطرق التأثير وكيف تتم عملية التعلم.. إلخ.. وجزء منه فن يكتسبه الإنسان بالمشاهدة والتدريب والممارسة.. وهناك فئة من الأسر تريد أن تتحاور وتؤمن بأهمية الحوار ولكنها لا تعرف كيف تتحاور ولا تجيد فن الحوار، وجهلهم هذا ربما يوقعهم في أخطاء كبيرة، وهم يظنون أنهم يحسنون صنعاً.

وترى فائقة أن مسؤولية فشل أو نجاح الحوار الأسري يشارك فيها الجميع؛ فتوضح ذلك قائلة: والمسؤولية في إنجاح الحوار أو فشله موزعة على جميع الأطراف والأسرة كلها بالمؤازرة والتماسك والالتفاف حول بعضهم والمجتمع بالدعم بما يستطيع.

وتشير الإدريسي خلال حديثها إلى أن تحسين نوعية الحوار ونشره كثقافة عامة للمجتمع مسؤولية مشتركة بين الأسرة وبين جهات ومؤسسات عدة، فتقول: مؤسسات التعليم المختلفة من الروضة إلى مراحل التعليم العالي من خلال المناهج المقننة التي تركز على مهارات الحياة وأيضاً بقية المناهج التي تشجع على التفكير، من خلال طرق التدريس التي تسمح بالمناقشة وإبداء الرأي، ومن خلال هيئة التدريس والإدارة التي تقدم نماذج سلوكية يحتذى بها في الفهم والتقبل والاحترام. وتشدد على أهمية وضع برامج إرشادية بين الطلاب، خاصة في المرحلة الثانوية؛ فتقول: أركز كثيراً على المرحلة الثانوية؛ لأن الطلاب فيها يمرون بمرحلة عمرية تميل إلى المناقشة والحوار وإبداء الرأي.

وتتطرق في نهاية حديثها إلى أهمية دور المؤسسات المختلفة في المجتمع في ذلك فتقول: المؤسسات الاجتماعية بمختلف أنواعها يجب أن تهتم بتقديم برامج إرشادية ودورات متخصصة في مهارات الحياة وتكون مدعومة ليتمكن من حضورها الجميع دون تحمل عبء مالي. ووسائل الإعلام، خاصة المرئية منها، بإمكانها تقديم برامج توعوية وتسجيل دورات وبثها في أوقات مختلفة تناسب الجميع.. الجهات الدينية ويأتي في مقدمتها تفعيل دور المساجد في بث الوعي.. خاصة من خلال خطب الجمعة؛ لأننا بطبعنا مجتمع ملتزم يحب دينه، وفي ديننا كنوز تحتاج إلى غواصين مهرة يستخرجونها ويقدمونها في صورة جميلة مؤثرة تناسب العصر الذي نعيش فيه المؤسسات المستقلة متخصصة التي تركز على نشر ثقافة الحوار بمهنية عالية، وأظن تجربة إنشاء مركز الملك عبدالعزيز للحوار الوطني خير مثال لذلك، وستحدث قفزة في مسار نشر ثقافة الحوار بإذن الله.

تأصيل الحوار مسؤولية الوالدين

من جانبه اعتبر رئيس قسم العلوم الإنسانية في كلية الملك خالد العسكرية الدكتور جمعة بن خالد الوقاع الحوار الأسري من أنجع السبل والوسائل لحل المشكلات الأسرية، كما يعد الحوار أسهل الخيارات وأيسرها؛ ولهذا فإن الحوار الأسري يعد مطلباً أساسياً لنجاح أي أسرة واستمرارها، ويوضح أن تأصيل الحوار الأسري مسؤولية الأب والأم؛ فبين ذلك قائلاً: (تقع مسؤولية تأصيل هذا الحوار على قطبي الأسرة - الأب والأم - بالتساوي؛ لأن التعاون بينهما هو السبيل الوحيد للحفاظ على كيان الأسرة، فمتى ما افتقد الأب والأم الحوار الصحيح ووسائله تبدأ الأسرة بالتهاوي والتفكك؛ مما يسبب أضراراً جسيمة على الأبناء؛ وذلك لأن الضوابط الأساسية لتنمية المرء إنما تكون في سنوات الطفولة المبكرة أي في السنوات الأولى من حياة الأطفال التي تكون فيها النفس البشرية مرنة وقابلة لكل شيء ومتأثرة بما يدور حولها وتتكون ملامحها الشخصية الأساسية في هذه المرحلة، وتكون كالصفحة البيضاء ندوِّن بها ما نريد).

وأضاف الوقاع: ثم إن غياب الحوار الأسري الصحيح وعدم سماع وجهات نظر أفراد الأسرة سيجعلانهم يلجؤون إلى أطراف أخرى خارج الإطار الأسري، وربما تكون هذه الأطراف الخارجية ليسوا من أهل المشورة والرأي والأمانة فيقع الزلل والانحراف وتتعرض الأسرة لأضرار جسيمة ربما تؤدي إلى تفككها ودمارها.

ويتطرق الدكتور جمعة إلى أهمية دور المؤسسات الدينية وغيرها فقال: دور المسجد والمؤسسات التعليمية والاجتماعية دور رئيس وعظيم؛ فالدين الإسلامي الحنيف يحث على الحوار والنقاش الهادئ البعيد عن التشنج والتسرع والغضب؛ فالرسول - عليه الصلاة والسلام - أثنى على أخلاق أحد الصحابة؛ لأنه كان يتميز بالحلم والأناة (إن فيك خصلتين يحبهما الله ورسوله، فقال: ما هما؟ فقال رسول الله: الحلم والأناة)، فمن الخصال التي يجب على مؤسسات المجتمع تأصيلها والحث عليها خصال الحوار والنقاش المتزن وطرق الإقناع ووسائله المختلفة؛ فقد كان الحوار هو السبيل الذي انتهجه الرسول الكريم - صلى الله عليه وسلم - مع سائر الناس المؤمن والكافر ومع آل بيته وصحابته - رضي الله عنهم -؛ ولهذا فمن الضروري تأهيل أئمة المساجد ومنسوبي مؤسسات المجتمع على غرس أصول الحوار؛ لأن البديل عن لغة الحوار سيكون التطرف والتعصب وانتشار العداوات والبغضاء بين الناس؛ مما يعيق فرص التنمية والتقدم في المجتمع وزعزعة الأمن والاستقرار.




 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد