Al Jazirah NewsPaper Friday  17/07/2009 G Issue 13441
الجمعة 24 رجب 1430   العدد  13441
أمي الحبيبة بأي لغة سأرثيك؟
بدور بنت عبد المحسن الحمد

 

ليس هنالك أمَرّ من لحظات الفراق، عندما يودعك الحبيب إلى غير رجعة، وليس هذا الحبيب كأي حبيب بل هو الروح وهو نبع الحنان وروضة الدفئ والأمان.

ودعتنا أيتها الحبيبة وكان وداعك زاخراً بالدموع الغزار، وكيف لا تدمع العين ويحزن القلب ونحن نودع شمسنا نحو مغيب لا ضياء بعده؟ لحظات انطفاء شمعة حياتنا مريرة وصعبة.

كنت تتقلبين على الفراش تئنين وأنينك يقطع نياط قلبي ولا أملك حيلة، فيديّ قصيرة وحيلتي عاجزة عن أن أدفع عنك ما هو محتوم ومقدر.

ودعتنا أيتها الحبيبة وودع الفرح دارنا وأصبحنا نبحث عما يسلي قلوبنا، نقلب أشياءك ونشتم عبيرك في ثنايا ثيابك فيستدر دموعاً لا يكفكفها سوى إيمان عميق بالواحد الديان الذي استن الموت وجعله نهاية حتمية لجميع مخلوقاته.

أمي الغالية:

فراقك مؤلم وقلبي يتفطر حزناً ولا أجد سبيلاً لتعزية نفسي!! ففقدك مصاب جلل أينما أدرت بصري ترتسم في خيالي صورتك الجميلة وأنت على سجادتك وتلك الابتسامة الطاهرة تنطبع في أعماق قلب ينزف حزناً على فراقك.

أمي الحبيبة بأي لغة سأرثيك؟

كلما مرت ببالي ذكرى تلك الليلة التي ودعتنا فيها جسدك الطاهر بين كفي أقلبه ذات اليمين وذات الشمال وأبحث عن نبض تشرق معه حياتي وتحيا به روحي فلا مجيب، صمت قاتل ورائحة الموت تنبعث من كل مكان، فهل يجدي صراخي أو بكائي؟

بكيتك أمي ليس جزعاً ولا ضيقاً وتسخطاً مما قدره الخالق وإنما حرارة الفراق وحرقة المصيبة لم تترك لي مجالاً للتصبر، فالدمع يسح رغماً عني والعبرات تتلاحق وتتزاحم لتخنق أنفاسي فلا أملك دفعها فهي أقوى من أن تدفع أو تمنع بكل عنفوان تخرج حرى لتعبر عن ألم فراقك.

كان الأمل موجوداً بأن شمسك لن تعرف غروباً وكلما قال الأطباء حالتها ساءت أطمئن قلبي بأن الأعمار بيد الله ومادام هنالك عرق ينبض فإن الأمل بالله كبير. وحتى آخر لحظة كنت أعلل الروح بأمل شفائك حتى وأنا أراك أمامي لا تبدين حراكاً أكذب الجميع (أمي لم تمت.. أمي لم تمت) وكل لحظة إغماء غيبتني عن واقعي المرير تمنيتها لو طالت حتى لا أفيق على هذه المصيبة العظيمة التي أصابت قلوبنا في الصميم.

أيتها الوالدة:

أنت بالنسبة لنا لست كغيرك من النساء ولست أماً فحسب، فأنت الأهل والعشيرة، وأنت السلوى لفؤاد ضاقت به الدنيا بفقدك.

والله إن قلبي ليتفطر حزناً، ولمثلك تذرف الدموع يا أمي.

غفر الله لك يا أمي الحبيبة وأسكنك فسيح جناته وجعل قبرك روضة من رياض الجنة وجمعنا بك في جنات النعيم.

الأمهات أجمل من خلق الله، بهن تحلو الحياة ويتزين الوجود، وبفقدهن تظلم الدنيا وتقفر الحياة ويعم الحزن الكون بأسره.




 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد