كم هو محزن حقاً ما نسمعه بين الفينة والأخرى من أخبار مفجعة؛ نتيجة الغرق في البحار وأماكن تجمعات الأمطار وسط صمت مطبق من جهات الاختصاص والعلاقة.
ديننا الحنيف وجهنا توجيهاً سليماً لو أجدنا التعامل معه حقاً لكنا أخذنا بالأسباب، ولكننا للأسف أغفلنا هذا الجانب فكانت المآسي والأحزان نتيجة فقد فلذات الأكباد والكبار نتيجة عدم الإلمام بأبجديات السباحة.
جاء في الأثر: (علموا أولادكم الرماية والسياحة وركوب الخيل)، نلحظ هنا الاهتمام بالرماية وركوب الخيل وهذا أمر محمود، ولكننا نرى عدم الاكتراث بما هو من الضروريات، كم نسمع عن أبطال شقوا عباب البحار وأنقذوا أنفسهم هرباً من الأعداء لإتقانهم هذه الرياضة، يطالب البعض النساء بمزاولة النشاط الرياضي ويقصد بها كرة القدم والسلة وغيرها! ولم نسمع من هؤلاء اهتمامهم برياضة السباحة.
كم فجعت عائلة جراء فقدها أحد أبنائها أو بناتها، خمسة أفراد من عائلة واحدة بمدينة نجران بسبب الغرق في أحد الأودية، وفتاة الثانوية التي راحت ضحية الإهمال في كورنيش جدة وغيرهم كثير في أماكن أخرى كمسابح الاستراحات خاصة والمتنزهات.
تبقى هذه الفواجع في الحقيقة عالقة في الأذهان حتى أصبحت الأودية والبحار وكل تجمع للماء شبحاً يهدد أبناءنا الذين لا يستطيعون عمل أي شيء إزاء ذلك، وكذلك البعض منا نحن الكبار.
يعلم الجميع أن كل شيء بقدر، ولن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا، ولكن لو نظرنا من جانب آخر لهذا الشبح الذي أعني به (الغرق) هل يكفينا الابتعاد عن هذه البحار والأودية، قد يقول قائل: كلا!، ولا حتى مقاومة ذلك، لأنه جزء من الاستمتاع والتفكر في ملكوت الله لإعطاء النفس ما تشتهيه من الراحة والاستجمام بعد الفراغ من الجهد والعناء.
قضية الغرق أصبحت حديث الشارع وأضحت هاجساً يؤرق الجميع وشبحاً يتردد صداه في الأذهان.
وقد يكون من المناسب أن تضطلع وزارة التربية والتعليم بنشر ثقافة السباحة بين أفراد المجتمع وتعلق الجرس انطلاقاً من أهمية الحدث وذلك بسن مشروع تعليمي يلزم جميع طلبة المدارس في المراحل الأولى خاصة تقضي بإنشاء برك سباحة في المدارس الحكومية والأهلية لتعليم الطلاب رياضة السباحة، لأن التعلم في الصغر كالنقش في الحجر ويكون ذلك ضمن مادة الرياضة البدنية ونكون بذلك أصبنا عصفورين بحجر واحد اكتسب الطالب مهارات رياضية جراء السباحة وأصبح لديه حصانة كافية تحسباً لأي طارئ يقع فيه أو يكون سبباً في إنقاذ غيره وبهذا نتمثل التوجيه (عملوا أولادكم الرماية والسباحة وركوب الخيل) فالرماية يضطلع بها الحرس الوطني ووزارة الدفاع وركوب الخيل له ميادينه الحيوية في مناطق المملكة.
أما السباحة فاقتصر الأمر على اتحاد السباحة التابع لرعاية الشباب ولكن يبقى دوره محصوراً، أما وزارة التربية والتعليم فلم تحرك ساكناً ولم تعر هذا الجانب اهتماماً من اهتماماتها، فهل تعي هذه المسؤولية وتعلن ذلك مشروعاً من مشروعاتها القادمة.
أما الجانب الأمني والتحذيري فيلزم الدفاع المدني إلزام أمانات المدن لوضع الاحترازات اللازمة على شاطئ البحر الأحمر والخليج العربي من تكثيف الحملات التحذيرية خاصة في المواسم حتى ولو لزم الأمر شن حملات سيارة توعوية وتوجيهية عبر مكبرات الصوت.
أما مسؤولية أمانات المدن كجدة والدمام فتقع عليها مسؤولية عظيمة تجاه ضعف عملية الردم في البحر والخليج حتى أصبحت الشواطئ كميناً يصطاد المصطافين كما حصل لفتاة كورنيش جدة.
أكتب هذه المقالة وقلبي يحترق ألماً وحزناً لفقد فتاة الثانوية في كورنيش جدة الشمالي رحمها الله، وثبت والديها.
- المستشار الإعلامي لوزير الثقافة والإعلام
dr.al-jwair@hotmail.com