Al Jazirah NewsPaper Friday  17/07/2009 G Issue 13441
الجمعة 24 رجب 1430   العدد  13441
من غشنا فليس منا
د. إبراهيم بن ناصر الحمود

 

هذا لفظ حديث صحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم رواه مسلم في صحيحه إذ مر النبي صلى الله عليه وسلم على طعام وأدخل يده فيه فأصابت أصابعه بللاً فقال: ما هذا يا صاحب الطعام. قال أصابته السماء يا رسول الله قال: أفلا جعلته فوق الطعام حتى يراه الناس من غشنا فليس منا.

والحديث فيه وعيد شديد لمن امتهن الغش في معاملاته بل وفي مجال حياته كلها ولكن الغش في المعاملات أكثر وقوعاً.

ومع الأسف الشديد أن المجتمع يعج بصور عديدة من الغش حتى أصبح ظاهرة في الوقت الحاضر. ومن ينزل للأسواق ويتعامل مع الباعة يرى صوراً من الغش كثيرة دون وازع من دين أو ضمير ومن صور الغش في أسواقنا:

1- خلط الرديء بالجيد وهذا تجده كثيراً في بيع التمور والفواكه فإنك تقبل على البضاعة عن شوق ورغبة بسبب مظهرها الخارجي فالنصف الأعلى من البضاعة من النوع الجيد الذي يرغبك في الشراء ثم تفاجأ فيما بعد بالغش الجلي الواضح حيث النوع الرديء في أسفل الصندوق أو (الإناء) وما تملك إلا أن تقول حسبنا الله ونعم الوكيل أين الرقابة الواعية على الباعة في الأسواق. أين حماية المستهلك من هذا التلاعب في وضح النهار. لا سيما ونحن نعيش الآن موسم التمور والفواكه الطازجة. لقد راح ضحية هذا الاستهتار كثير من الناس فمن المسؤول؟ وإلى متى هذا الغش والخداع.

2- ومن صور الغش الفادحة والتي لها أثر كبير على صحة المستهلك تهاون بعض المزارعين بالمنتجات الزراعية التي ترش بالمبيدات الحشرية أو تعطى لقاح مضاد والتعليمات تقضي أنه يمنع منعاً باتاً قطع الثمرة قبل مضي 15 يوماً. حتى يزول أثر هذا المبيد وهذا اللقاح لما له من خطر على الإنسان. ولكن المؤسف أن من المزارعين من لا يعبأ بهذا التعليمات ويقطع الثمرة بعد ثلاثة أيام فقط ثم تعرض في الأسواق للبيع ويكون الضحية هو المستهلك فقد يصاب بالأمراض بسبب طمع وجشع وموت ضمير البائع وهذا غش وخيانة يستحق صاحبه عليه العقوبة فمن المسؤول عن هذا الاستهتار بأرواح البشر؟

3- من صور الغش: التطفيف في الكيل والوزن والله تعالى يقول: {وَيْلٌ لِّلْمُطَفِّفِينَ الَّذِينَ إِذَا اكْتَالُواْ عَلَى النَّاسِ يَسْتَوْفُونَ وَإِذَا كَالُوهُمْ أَو وَّزَنُوهُمْ يُخْسِرُونَ}.

وقال تعالى: {وَلَا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْيَاءهُمْ} على لسان شعيب عليه السلام.

4- ومن الغش الذي انتشر لدى باعة الملابس الجاهزة. وضع علامة الجودة على البضاعة الرديئة ليوهم المشتري بذلك ويشتريه بسعر الجيد فهناك ماركات مشتهرة بالجودة يستخدمها من لا أخلاق له من الباعة لتضليل الناس وخداعهم. فأين مكافحة الغش التجاري؟

أسواقنا بحاجة إلى رقابة شديدة ومكثفة على جميع المعروضات وكل مستهلك ينادي: لقد طفح الكيل وغاب الضمير وكثر ظلم الناس بعضهم لبعض فاللهم سلم سلم.

- المعهد العالي للقضاء



 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد