Al Jazirah NewsPaper Tuesday  21/07/2009 G Issue 13445
الثلاثاء 28 رجب 1430   العدد  13445
الحقيقة شمس
الوطن وفيلم Crash
رجاء العتيبي

 

يصور فيلم (Crash) تصادم الحائز على ثلاث جوائز أوسكار العام 2006م, ملامح العنصرية في لوس أنجلوس بين السود والبيض وبين الأمريكان والأجناس الأخرى, ومن داخل أعماق المجتمع الأمريكي يلتقط المخرج صور مكبرة لهذا الصراع عبر مواقف متنوعة لعدد من الأعراق البشرية مغلفة بحوارات مأزومة وألفاظ عنصرية, ونظرات كراهية متبادلة.

والرسالة التي وصلتنا من خلال متابعة الفيلم تؤكد على أن العنصرية ما زالت موجودة, وأنها هي التي تتحكم في علاقة الأمريكيين مع الآخر, وأن العنصرية ليست بين (بيض وسود) فحسب, وإنما بين أعراق أخرى واتجاهات فكرية ومناطق إقليمية, وأن العلاقات الإنسانية التي تجري بين أفراد المجتمع تتحكم فيها هذه العنصرية، مشيرا إلى أن الوطن الأمريكي ما زال الحلقة الأضعف بإزاء هذه العنصرية التي أحالت المجتمع الأمريكي إلى شبكة (تصادم) لا تتوقف طوال اليوم.

وإذا كانت أمريكا بقوانينها الشاملة وأنظمتها المتطورة ومحاكمها المستقلة وقضائها الدقيق, لم تستطع أن تتخلص من العنصرية (الخفية) فبما بالك بالعالم العربي والعالم الإسلامي الذي يئن تحت وطأة الطائفية والقبائلية والاتجاهات الفكرية المتناحرة, وكيف يمكن لنا أن نتخيل ملامح تلك (العنصرية) في مجتمعاتنا, وعلى أي شكل هي, هل يكفيها فيلم واحد ليصورها أم مئات الأفلام, هل ما زالت تعصف بالحراك الاجتماعي, هل ما زال الوطن قادراً على احتوائها أم أنه أضعف من أن يسيطر عليها؟

ولو حاولنا أن نفهم شيئاً عن العنصرية عبر مجتمعاتنا, فإنه ليس بمقدورنا ذلك, وهذه مشكلتنا, لا نريد أن نفهم, ولا نريد أحد أن يبصرنا بمشكلاتنا الاجتماعية, ولا نريد لها حلاً, لأن أي حل لها: يعني الإخلال (بتوازن القوى), فالكثير يؤثر وجود الصراع الاجتماعي لأن في الصراع إبقاء (لامتيازاته), فعلى سبيل المثال: لا أحد يريد أن يوجد حل للصراعات بين (الاتجاهات ذات اليمين والاتجاهات ذات اليسار) حتى لو أضر ذلك (بالوطن) لأن أصحاب العنصرية الخفية غالبا ما يكون ولاؤها لأحزابها أكثر ما يكون (للوطن), ويظهر ذلك عبر وسائل الإعلام, وعبر العلاقات الاجتماعية اليومية وهذا هو الأخطر.

ومن جانبنا يظل الوطن أكبر وأهم من امتيازات دنيوية يسعى قادة (القوى المتناحرة) للاحتفاظ بها, نحن كمواطنين لا يهمنا ذلك (المفوه) الذي يفرق بين أبناء الوطن الواحد ويصف فئته بالأكثرية وخصومه بالأقلية, لا يهمنا عندما يقول انقذوا (الأمة) لأننا ببساطة لا نعرف الحدود الجغرافية لهذه الأمة, ولا يهمنا عندما يجرنا لبرامجه اليومية, ويتجاهل برامج (الوطن) التنموية, ولا يهمنا ذلك (المتحذلق) الذي يسعى إلى جعل الدين في المسجد فحسب, ويفصله عن المجتمع, لا يهمنا (هذا وذاك), إنما يهمنا (الوطن) كمشروع تنموي نرتقي من خلاله.

إن مشروعنا كسعوديين مرتبط بالوطن وليس بأي فكر آخر أو اتجاه معين, فلا زعيم لنا سوى خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز، ولا ولاء لنا إلا للأسرة المالكة في ظل تعاليم الدين السمحة التي نزل بها القرآن الكريم وحدث بها الرسول صلى الله عليه وسلم.

نقول ذلك حتى يكون الوطن (بلداً آمناً) يشعر كل فرد فيه بأهميته, ويتعامل مع الآخر كسعودي وكمواطن له كل الحقوق التي أوجبها الدين وأقرتها أنظمة الدولة, في هذا المكان فقط, يمكن أن ترى أبناءك يكبرون بأمن وحب وسلام ولا تخشى عليهم من (العنصرية الخفية).



Ra99ja@yahoo.com

 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد