Al Jazirah NewsPaper Wednesday  29/07/2009 G Issue 13453
الاربعاء 07 شعبان 1430   العدد  13453
بعد زلزال حرة المدينة.. هل سيتم الإسراع في توظيف نقاط الرصد المستمر بالأقمار الصناعية؟
د. عبدالعزيز بن عثمان العثمان

 

في 9 جمادى الأولى اعتبرت حرة الشاقة في منطقة (العيص والرويضات) شمال غرب المدينة المنورة بمسافة 270 كم منطقة زلزالية, ووجهت الجهات المختصة قطاعاتها لأخذ التدابير اللازمة.

وكان التفسير العلمي لذلك هو أن الحشوة البركانية تتحرك تحت تأثير الضغط والحرارة في أعماق الأرض، مما يؤدي إلى وهزات زلزالية وبركانية...

.... نتيجة تحطم الصخور في المنطقة الضعيفة من القشرة الأرضية.

ويتكرر هذا في فترات زمنية تصل إلى بضعة آلاف من السنين, وتتفاوت درجات الهزات, من خفيف إلى عال.

الجدير بالذكر أن الصفيحة العربية يوجد في الجهة الغربية منها بالبحر الأحمر فالق (صدع) تحدث في أعماقه أنشطة زلزالية وبركانية خفيفة مستمرة على مدى آلاف السنين.

وتعتبر الجزيرة العربية في نظر الجيولوجيين غير مستقرة جيولوجياً, وتكثر فيها الفوالق والحرات غربا وهي عرضة للزلازل والبراكين في أي وقت.

وتشير الأبحاث العلمية إلى أن معدل ازدياد عرض البحر نتيجة لاتساع ذلك الصدع يصل إلى 20 مليمتر بالسنة, مما قد يؤدي إلى حدوث تحركات محلية داخل الصفيحة.

وظاهرة زلزال حرة المدينة, وإن كانت ذات تأثير قليل (متوسط) حيث وصلت درجة الاهتزاز حوالي 4.4 درجات حسب مقياس ريختر, فإنها تستحق أن تعطى الاهتمام نظراً لما قد تسببه من حدوث كوارث وأضرار جسيمة إذا زادت درجاتها لا سمح الله.

فالكوارث الطبيعية التي هزت العالم أخيرا أحدثت أضرارا عنيفة وكانت معظمها لا تخطر على البال، مثل التسونامي وإعصار قونو وغيرها, الأمر الذي يوجب توخي الحذر والحيطة والدعوة إلى توظيف التقنية العلمية لمراقبة هذه الظواهر والتنبؤ بحدوثها وإصدار التحذيرات اللازمة.

ونظراً لحدوث تطور في تقنية الفضاء فقد تم إطلاق الأقمار الصناعية لإجراء قياسات دقيقة للمواقع على سطح الأرض.

ولتلك التقنية تطبيقات مختلفة في المملكة على نطاق واسع, وهذا بفضل الله ثم بدعم قيادتنا الرشيدة لتطوير وتشجيع استخدام التقنيات الحديثة.

وقدأُسست البنى التحتية المتخصصة لأعمال المساحة الجيوديسية وإنتاج الخرائط والمعلومات الرقمية التي ستساعد في مراقبة ما يحدث, ومنها: الشبكة الجيوديسية الوطنية بالهيئة العامة للمساحة, نقاط الرصد المستمر ب GPS في وزارة الشؤون البلدية والقروية وهي تحت الإنشاء, 3 نقاط في مراحلها الأولية وضعتها مدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية (SOLA, NAMA HALY).

إن الأمر يحتاج إلى الإسراع في تكثيف نقاط الرصد المستمر Continuous Operating Receiver System CORS وتوزيعها على مناطق المملكة, بحيث تكون مساندة للشبكة الوطنية لمحطات الرصد الزلزالي, وجعلها متوفرة للجهات البحثية والعلمية.

وهذا يتطلب وضع أجهزة الاستقبال في تلك المحطات والحصول على القياسات باستمرار وإرسالها باستخدام وسائل الاتصال الحديثة للمراكز المتخصصة لإجراء الحسابات.

ولقد أجريت بعض الدراسات الأولية في الهيئة العامة للمساحة باستخدام الأرصاد المستمرة لمراقبة بعض الظواهر الجيوفيزيائية مثل ارتفاع مستوى سطح البحر في الخليج العربي والتي بينت أن هناك ارتفاعاً في مستوى مياه الخليج العربي بمقدار 2,5 مم سنويا.

وهناك تحذير صدر حديثا من الأمم المتحدة يقول إن 75% من سكان البحرين معرضون لخطر ارتفاع منسوب مستوى سطح البحر في المستقبل خصوصا أن هناك توقعات بحدوث آثار سلبية للاحتباس الحراري والتغير المناخي العالمي.

تجري حالياً دراسة لطبقة الأيونوسفير (Ionosphere) من الغلاف الجوي (على ارتفاع 10- 50كم) باستخدام الرصد المستمر, لمعرفة مقدار التغير في المحتوى الإلكتروني (TEC) لذرات الغلاف الجوي خلال أوقات زمنية مختلفة.

وهذا له تأثير على الاتصالات والملاحة وعلى أي تطبيقات يستخدم فيها الغلاف الجوي كناقل للبيانات.

وبالإمكان دراسة ما يحدث في حرة المدينة المنورة لو كان هناك نقاط رصد مستمر في المنطقة موضوعة مسبقا وحتى حاليا لمتابعة ما يجري ومراقبة تلك الظاهرة, بجانب الطرق الأخرى لمراقبة الزلازل.

ونظراً لفاعلية نظام الرصد المستمر في توضيح التغير الحاصل في الموقع وبالتالي تفسير بعض الظواهر وربما التنبؤ بما يحدث, فقد بنيت شبكات من نقاط الرصد المستمر في أنحاء العالم.

ولعل هذا يدعم رؤى وتوصيات الخبراء والباحثين في هذا المجال, الذين يوصون بضرورة بناء وانتشار نقاط الرصد المستمر على مستوى المملكة العربية السعودية للحصول على نتائج وتقديرات أدق لمراقبة الظواهر الطبيعية, نظراً للمساحة الشاسعة للمنطقة حيث تحيط بها المياه من الشرق ومن الغرب على امتداد شاسع على طول الشواطئ, (يبلغ مجموع طول سواحل المملكة 3400 كم, وتحتوي على مئات من الجزر المتناثرة حول الشواطئ), بالإضافة إلى وجود تغيرات جيوفيزيائية في باطن الأرض وخصوصا في المنطقة الغربية وفي قاع البحر الأحمر الذي يشهد نشاطاً بركانياً.

صحيح أن مثل تلك التحذيرات لا تمنع حدوث تلك الظواهر الطبيعية مثل الزلازل والبراكين والفيضانات وارتفاع منسوب مياه البحار, لكنها بالتأكيد سوف تساعد في تقليل تأثير الأضرار والخسائر المتوقعة.

وهذا سيؤدي إلى إعادة النظر في المواصفات الفنية اللازمة لإقامة مشاريع البنى التحتية مثل بناء الجسور والطرق وارتفاعات المباني في المناطق المتوقع حدوث هزات زلزالية فيها.




 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد