Al Jazirah NewsPaper Wednesday  29/07/2009 G Issue 13453
الاربعاء 07 شعبان 1430   العدد  13453
دلالات إستراتيجية التوظيف السعودية
محمد سليمان العنقري

 

أقرَّ مجلس الوزراء إستراتيجية التوظيف السعودية ليضع بذلك الخارطة النهائية لأساسيات سوق العمل بالمملكة والتي منها ستتحدد منهجية الدخول لهذا السوق الكبير للأجيال الحالية والقادمة، وكانت هذه الخطوة منتظرة منذ وقت طويل إلا أنها أتت برؤية واسعة وآفاق بعيدة ومن خلال قراءة الأهداف العامة والمرحلية لها.

يتضح أنها حددت في أولى أهدافها التوظيف الكامل للقوى العاملة، بمعنى إعطاء أولية الفرص التي يتم فتحها بسوق العمل للمواطنين وكذلك التوطين للوظائف القائمة حالياً بحسب التخصصات المتاحة لطالبي التوظيف مما يعني تفعيل دور القوى العاملة بعجلة الاقتصاد السعودي وتنمية قدراتها بدلاً من حالة التعطيل الحالية لزخم بشري يسهم برفع مستويات النمو الاقتصادي مستقبلاً.

وهذا ما وضحه الهدف الثاني للخطة بزيادة مستدامة لمساهمة الموارد البشرية مما يعني رفع مستوى دور الفرد بالناتج الوطني من خلال ارتفاع معدلات الاستهلاك والطلب على الخدمات، وهذا بدوره ينعكس إيجاباً على الاقتصاد الوطني من خلال رفع الطاقة الإنتاجية وتوسيع قاعدة الإنتاج لمقابلة زيادة الطلب بالسوق الداخلي، فمعروف أن أغلب الاقتصاديات الكبرى او التي تحولت إلى الدفع الذاتي لاقتصادياتها اعتمدت على الاستهلاك الداخلي من خلال ارتفاع نسبة الاعتماد على المستهلك المحلي، ففي أميركا تصل هذه النسبة إلى 70 بالمائة، وفي الصين تعدت 30 بالمائة حالياً وبالتالي يسمح ذلك مستقبلاً بتنويع مصادر الدخل وتقليل الاعتماد على النفط كمصدر رئيس لموارد الدولة وأساس لتحريك الاقتصاد المحلي ولذلك يعتبر هذا الهدف ذي فوائد متعددة انعكاسها على الاقتصاد الجزئي والكلي إيجابي بالمطلق. كما يأتي الهدف الثالث ليوضح صورة تطوير سوق العمل المحلي من خلال رفع مستوى التأهيل العلمي والمهني والوصول بالإنتاجية لمستويات أفضل من الوضع الحالي، فمعروف أن كثيراً من التقارير عن مستوى إنتاجية العامل العربي تشكل صدمة حيث تحتل الدول العربية عموماً مراتب متأخرة عالمياً وصلت بحسب تقرير التنافسية الدولية العام الماضي حيث أظهر ترتيب العرب عند 130 من أصل 131 دولة شملها المسح حيث يتصدر الأوربيون المرتبة الأولى بنسبة تصل إلى 8.5 بالمائة والأمريكيون 7.4 بالمائة بينما نجد دول كباكستان وبنغلادش عند 4.5 بالمائة والعرب عند 2.5 من أصل 10 بالمائة النسبة العليا للتقييم، وهذا بدوره يظهر غياب الخبرات والتأهيل عموماً.

ولذلك نجد أن الانفاق الحكومي السعودي خلال السنوات الماضية والحالية ركز على قطاعات التعليم والتدريب بشكل كبير استحوذ سنوياً على ربع الميزانيات المعتمدة، ومن هنا يمكن القول أن الإستراتيجية تهدف بشكل أساسي لتطوير قدرات العامل السعودي من خلال سلسلة برامج تعكف العديد من الجهات على تنفيذها، وهذا بدروه سيكون محفزاً إلى الانتقال باقتصاد المملكة لمصافي الدول المتقدمة ويسهم برفع مستوى الناتج المحلي غير النفطي من خلال الاستفادة من الطاقات الكامنة به والتي أساسها ومحركها الأول رأس المال البشري. كما أن وضع مراحل زمنية لإنجاز الخطة على مستويات قصيرة ومتوسطة وطويلة يبدد كل الأوهام بإمكانية الحلول السحرية لحل مشكلة البطالة بحيث أنها تظهر للجميع أن عامل الوقت مهم لتحقيق أي أهداف وأنها لن تكون في يوم وليلة، فالكثير محق في استغرابه من وجود بطالة في أكبر اقتصاد عربي بسبب وجود وافدين بأرقام كبيرة إلا أن المشكلة لا تكمن فقط في عدم تجاوب القطاع الخاص حسب المأمول منه بل أيضاً تحتاج إلى تضافر جهود الجميع لتحقيق تلك الأهداف المشروعة.

إن إستراتيجية التوظيف لها أهداف غير مباشرة ستنعكس تلقائياً على المجتمع من خلال إحساس الفرد بدوره الإيجابي بمجتمعه والحفاظ على المكتسبات العامة، ولكن لابد أيضاً من تعاون الجميع لتحقيق النجاح لهذه الخطة من خلال زرع ثقافة العمل وإدراك الشباب لدورهم المهم في أي نجاح لها من خلال إقبالهم على العلم والعمل بجد وتفان، لأن دور أي خطة سيكون المحك الرئيس بنجاحها هو الإرادة التي يظهرها طالبو العمل بالتفاعل معها ومدى استجابتهم لتقبل الأعمال التي تتناسب مع تعليمهم وقدراتهم وكذلك دور الأسر والمدارس والجامعات والوحدات الاقتصادية من مؤسسات وشركات في التعاون البناء لإيجاد التوافق بين هذه الخطة والعنصر الأساس لنجاحها والمستهدف بها ألا وهو المواطن.



mfaangari@yahoo.com

 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد