Al Jazirah NewsPaper Wednesday  29/07/2009 G Issue 13453
الاربعاء 07 شعبان 1430   العدد  13453
اختبار المعلومات ورسم الصورة
د. عقيل محمد العقيل

 

البيانات الدقيقة تعالج باستخدام أدوات متعددة لتصبح معلومات، والمعلومات تتحول إلى معارف متنوعة في أذهان المتلقين، حيث تعالج بطرق متعددة بتعدد خلفية القارئ المعرفية، وهو ما يعني أن المعرفة التي تشكل مواقفنا وتحفز سلوكياتنا متعددة بتعدد شخصياتنا رغم تشابه المعلومات الواردة لنا، وهذا تحدث الفروقات السلوكية الشخصية، حيث يعرض كل منا المعلومات الواردة على مخزونة المعرفي وعلى قيمه ومفاهيمه ليرسم صورة خاصة به يحدد موقفه على أساسها ليتصرف إيجاباً أو سلباً أو يبقى محايداً.

طبيب يرى مريضاً يتألم وتأتيه معلومات من قسم الأشعة تقول بانسداد أحد الشرايين ولكنه يرى المريض يتحرك بنشاط كبير فلا يعترف بدقة المعلومة ويطلب إعادة الأشعة مرة أخرى فيتبين له العكس بخلاف آخر يبدأ باتخاذ الإجراءات العلاجية لانسداد الشريان والفرق بينهما بسيط ومهم، فالأول اختبر المعلومة لأنها غير مقنعة بوجود أعراض أخرى تثبت خلافها والثاني أخذها كما هي دون اختبارها من خلال أعراض أخرى، وبكل تأكيد الأول يعد طبيباً ناجحاً على اعتبار انه يختبر المعلومة قبل أن يرسم الصورة التشخيصية ليعطي العلاج المناسب، والثاني طبيب فاشل لأنه لا يختبر المعلومة ويرسم الصورة التشخيصية على أساسها ويعطي العلاج الخاطئ بالمحصلة.

المفكرون الاقتصاديون خصوصاً أولئك الذين في مراكز صناعة واتخاذ القرار الاقتصادي في بلادنا يتعرضون يومياً لكم هائل من المعلومات الدقيقة وغير الدقيقة الصادرة بشكل عفوي أو بشكل مقصود من جهات متعددة على شكل أخبار واستطلاعات وتقارير ومقالات ومؤشرات، بل نتائج دراسات يأمرون بإجرائها، ولاشك أن كل ذلك سيؤثر بهم بطريقة أو بأخرى بصياغة خططهم وقراراتهم وإجراءاتهم وهنا مكمن الخطورة حيث يجب أن تختبر هذه المعلومات من ناحية المصداقية والدقة والحداثة والشمولية باستخدام عدة أدوات قبل بناء الصورة على أساسها أو اعتماد التشخيص الذي تقول به تلك المعلومات، والقاعدة الذهبية معروفة (حدث العاقل بما لا يعقل فإن صدق فلا عقل له).

وحسب اعتقادي واعتقاد الكثيرين أن المعلومات التي تصدر هنا وهناك حول حجم الوظائف التي ستتوفر في السنوات القادمة يحتاج لأن يوضع تحت الاختبار كذلك حجم الأموال الاستثمارية التي تعلن هنا وهناك يجب أن تختبر أيضا فضلا عن حجم الإنفاق الحكومي المعلن والحقيقي حيث تتعثر الكثير من المشاريع لأسباب كثيرة ومعروفة، أما المعلومات المتعلقة بمتوسط الدخل وإنفاق الأسرة والفجوات السوقية في الكثير من الأسواق فحدث ولا حرج من ناحية عدم الدقة والضبابية والحداثة، وبالتالي فإني أنصح كل متخذ قرار أيا كان أن يختبر المعلومات المتاحة قبل بناء الصورة واتخاذ القرار لكي لا يكون ضحية لمعلومات نشرت لأسباب لا تعنيه فكان ضحيتها بالصدفة.



alakil@hotmail.com

 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد