Al Jazirah NewsPaper Wednesday  29/07/2009 G Issue 13453
الاربعاء 07 شعبان 1430   العدد  13453
أنت
المقالة الرصاصة.. داود الشريان أنموذجاً
م. عبد المحسن بن عبد الله الماضي

 

في الأسبوع الماضي تحدثت عن المقالة الرصاصة.. ووصفتها بأنها المقالة الكبسولة التي تحتوي على كل عناصر ومقومات المقالة الكاملة.. وتكون بجودة سبك وحبكة عالية، وتحوي من جوامع الكلم ما يجعلها كالرصاصة في سرعة اختراقها للوعي، وبحجم الرصاصة في مقاسها ممثلاً في قلة عدد كلماتها.. مع التأكيد على أن المقصود بالمقالة الرصاصة ليس المقالة ذات الفرقعة العالية المتجنية الحادة التي تثير الغبار دون وجه حق ويَغصُّ القارئ بكلماتها.

وفي صحافتنا المحلية نماذج عديدة حققت حضورها المسموع من خلال مقالاتهم التي يمكن تشبيهها بالرصاصة لقصرها وسرعة نفاذها.. لكنني في هذه المقالة اخترت أن يكون مثال كُتَّاب المقالة اليومية الرصاصة (أقدمهم فيها).. وهو في رأيي - الذي لا أفرضه على أحد- (أمكنهم منها).. اخترته أيضاً لشمولية طرحه محلياً وعربياً وإسلامياً ودولياً.. فهو في (200) كلمة تقريباً يلقي الضوء وبشكل ساطع جداً ومن جملته الأولى على القضية التي يريد طرحها ثم يحللها ويقدم تشخيصه لها وأخيراً رؤيته للحل.. كل ذلك بأسلوب شيق حار متتابع فيه رأي صريح دون لف أو دوران أو اهتمام بالعلاقات العامة أو الخوف من التأثير السلبي الذي قد تثيره المقالة في وجهه.

المقالة تنشر في جريدة الحياة وعنوانها (أضعف الإيمان) وهو عنوان يخالف الواقع، فالمقالة وخلال السنين أثبتت أنها قوية مدوية مؤثرة واسعة المقروئية إلى جانب كونها مستمرة.. وذات مواضيع حيوية تهم الأغلبية وتخاطب العقل والعاطفة معاً.. لذلك فإن تأثيرها كان واضحاً فاعلاً سريعاً لافتاً جعل لتلك الزاوية أهمية استثنائية امتدت ثلاثين عاماً.

أما كاتب المقالة الأستاذ (داود الشريان) فقد أثبت خلال السنين أنه كاتب مقالة أولاً.. ومن ثم تأتي بعد ذلك مهاراته الأخرى.. ولو أردت أن أؤكد على كلامي هذا بدليل لما وجدت أفضل من برنامجه في قناة دبي.. فقد كانت مقالته التي يلقيها في نهاية كل حلقة هي الإضاءة الحقيقية في البرنامج.. هذا في مجال الإعلام.. أما في مجالات العمل والعلاقات المجتمعية فلعل من زاملوه أو عايشوه أن يفيدونا أين تقف مهارة كتابته للمقالة أمام مهاراته الأخرى.

من المدهش أن يمتلك شخص ما المقدرة على الإتيان بفكرة مهمة وبشكل يومي ثم يطرحها بأسلوب منحوت في كلام قصير مركز.. رغم اضطلاعه بعمل رسمي يستغرق النهار كله.. والتزامات اجتماعية يمكن أن تستغرق الليل كله.. فكيف يحقق ذلك؟.. وهل للفرصة التي أتيحت للأستاذ داود في التنقل بين أعمال ومواقع متعددة متجددة ذات اتصال عالٍ دور في ذلك؟




 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد