Al Jazirah NewsPaper Thursday  30/07/2009 G Issue 13454
الخميس 08 شعبان 1430   العدد  13454
الحرارة والبرود
عبدالله بن إبراهيم بن حمد البريدي

 

يختلف الناس في طباعهم وتصرفاتهم، بل إن الإخوة يختلفون فيما بينهم. ومن الأشياء التي يختلف فيها البشر هي البرود والحرارة في التصرف مع الآخرين وبالمثال يتضح المقال كما قيل.

فهناك مثل يقول: (الحي يحييك والميت يزيدك غبن)، ويراد بالحي هنا الحار أي مايسمى بالديناميكي (الحركي النشط)، والميت هو البارد الخامل، ولا شك في صحة ومصداقية هذا المثل.

فما أوجه الحرارة المرغوبة في الإنسان من قِبَل كل مَن حوله، وما أوجه البرود تلك الصفة المكروهة من الكل أو على أقل تقدير من أغلب الناس؟

رجل يقيم وليمة لمناسبة ما، فتراه من صباح ذلك اليوم وهو مهتم ويرتِّب لغدائه أو عشائه ويتواصل وهو في عمله مع زوجته في البيت لإكمال مايشك أنه ناقص، ثم إن القهوة والشاي وتوابعهما تجدها جاهزة من بعد الصلاة قبل حضور الضيوف.

وعند اكتمال الحضور تجد القصة وتجد النقاش في المجلس، وكذلك الطرائف لاتغيب عن مجلس مثل هذا الرجل (الحي).

وعلى النقيض من هذا رجل تكون عنده وليمة فيأتي أول الضيوف ولا يجدونه في المنزل، وإذا أتى يمكث الضيوف وقتاً ليس بالقصير قبل أن تأتي القهوة!

ويغلف المجلس برود قاتل فلا حديث يُدار ولا نقاش وكل ينظر إلى الآخر متبادلين ابتساماتٍ بائسة، ومتشوقين لانفضاض هذا (المأتم) المسمى خطأ وليمة عند هذا الرجل البارد (الميت معنوياً)!!

ومن أمثلة هذا التصنيف للبشر أنك تتحدث مع شخص ما ويكون كلامك متتابعاً ومترادفاً ومحيطاً بجوانب موضوع الحديث مع هذا الشخص، وتجد محدثك متابعاً لك وكلامه معك متتابع أيضاً فلا يغفل عن حديثك ويرد لك الجملة جملة أو جملتين وهكذا. وفي المقابل تجد صنفاً آخر من الناس عندما تتحدث معه فإنه كل ربع ساعة ينطق بكلمة كقول: نعم، أو بالعامية (إيه) أو يهز رأسه كل فترة علامة الموافقة على حديثك، ولا يكلف نفسه وينطق جملة أو جملتين يتبين من خلالها أنه متابع لحديثك ومندمج معك! وتتعدد الأمثلة المبيِّنَة لبرود بعض الناس وحرارة آخرين في التعامل مع المحيطين بهم، ومن ذلك:

هناك من الرجال مَن إذا رزقه الله مولوداً فإنه يقوم بذبح عقيقته في اليوم السابع ويسميه، وقد يولم وليمة يجمع الأهل والأصحاب والأحباب شكراً لله على ما أنعم الله عليه من ذرية متمنياً من هؤلاء دعوة صادقة بصلاح هذا المولود.

وترى آخرين تمر السنة والسنتان والخمس بل وأكثر ولم يقدم لمولوده أو مواليده أي عقيقة، ويمر الأسبوع والأسبوعان ولم يسمِّه، وهناك مَن مر عليه حوالي الشهر ولم يسمِّ المولود، فبربكم ماذا يسمى هذا غير برود بل تجمد للأحاسيس والمشاعر!!

وجود هذين الصنفين المتضادين في كل مجتمع لاشك فيه بل هو أمر ظاهر، ولكن العجب العجاب أنك تجد مَن يحبذ البرود ويفضِّل الإنسان البارد على الحار، ويرى أنه هو الطبيعي والأفضل!!



Al-boraidi@hotmail.com

 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد