Al Jazirah NewsPaper Thursday  30/07/2009 G Issue 13454
الخميس 08 شعبان 1430   العدد  13454
الأخوة والوفاء
محمد بن عثمان البشر

 

اللغة العربية غنية بأمثالها. وحكمها القوية في السبك. المختصرة في اللفظ. البليغة في المعنى. الصادقة في التعبير. مثل: رب أخ لم تلده أمك. ومثل: الوفاء من شيم الكرام.

مرت بخاطري هذه ونحن نجدد ذكرى أخ عزيز توفي منذ ثمانية وأربعين عاماً. في حادث أليم كان مصابه أشد مضاضة. نؤمن بالله تعالى، وبأن الموت حق، وأن الأجل مقدر، ونحتسب على الله كل مصاب. لكن وقع المفاجأة ولشاب في ريعان شبابه، وشخص برز في بواكير عمره، ومتوقع له مستقبل. أخذ موقعه من القلوب التي تحزن ولا تقول إلا ما يرضي الرب.. {إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعونَ}.

منذ بدايات شبابي سعدت بصحبة إخوان كرام أوفياء ذكرتهم في كتاب لي تحت الطبع منهم الأستاذ علي بن عبدالله بن علي الحصين، زميل التعلم والتعليم، ورفيق الدرب في خدمة الوطن، والصاحب في الغدوات والروحات (عليه رحمة الله).

توفي علي وأكبر أولاده عبدالله صبي في مراحله الدراسية الأولى لكن الوالدة الصابرة كانت له كل شيء حيث الأب والأخ والعم. شق طريقه زاده وعائلته الاعتماد على الله ثم على العزم وعلى بلغة يسيرة من تقاعد قليل استحقاق راتب قدره ألف وأربعمائة ريال فقط، وخدمة خمسة عشر عاماً لا غير للوالد الفقيد.

نال الدكتوراه ثم درجة الأستاذية، وأسندت إليه مناصب هامة. لم يكن يعرف عن والده شيئا إلا حديث الوالدة، والذكر المستطاب من الجميع، لكنه عزم على إعداد كتاب عن والده مستعينا بالله تعالى ثم بالأصدقاء والمحبين. الدكتور عبدالله قدر علاقتي الأخوية بوالده فاستكتبني عنه وقدر علاقتي به كأحد طلبتي فعرض عليّ مسودات الكتاب، وقد أنجزه سفراً متكاملاً. ثم أكرمني بقبول دعوتي لاستضافة مجموعة من المحبين عندي في البيت لعرض الكتاب عليهم.

كانت مبادرة كريمة من مشايخنا الأفاضل أصحاب المعالي محمد بن عبدالله بن عودة السعوي، محمد بن ناصر العبودي، صالح بن عبدالله بن حميد، علي بن مرشد المرشد، وأستاذنا عبدالعزيز بن محمد التويجري أول مدير عام لتعليم في منطقة القصيم بعد معتمد المعارف الشيخ صالح بن سليمان العمري رحمه الله. الذين رحبوا بالدعوة وأكدوا مشاركتهم رغم بعدهم ومشاغلهم وحددوا لذلك مساء يوم الخميس 22-3-1430هـ حيثما سعدت بحضورهم وحضور نخبة كريمة منهم سعادة الدكتور علي بن محمد التويجري، وفضيلة رئيس محاكم القصيم الشيخ منصور الجوفان، ومساعده الشيخ سليمان الربعي، ومدير عام فرع وزارة العدل الشيخ عبدالعزيز المديفر، وفضيلة الشيخ علي بن محمد الربيش، وسعادة مدير عام تعليم منطقة القصيم سابقا الأستاذ صالح التويجري، وسعادة مدير عام مصلحة المياه المهندس عبدالكريم الفوزان، وحضره متحاملاً مع المرض مثل أخي الشيخ عبدالله البشر، والأستاذ إبراهيم بن عبدالله المديفر، وسعدنا كثيراً بمشاركة معالي الدكتور صالح بن سعود العلي رئيس هيئة الرقابة والتحقيق، وسعادة الأستاذ حمود بن علي الدعيج عضو مجلس الشورى. كان جمعا فاضلا سعدت به، وفرح معي أولادي وأخوتي وأهلي والأصحاب والأحباب.

عبر عدد من الحضور عن مشاعرهم النبيلة بمداخلات من المشايخ محمد بن ناصر العبودي، صالح بن عبدالله بن حميد، علي المرشد، إبراهيم بن عبدالعزيز الربدي، سليمان بن حمد العودة، حسن بن فهد الهويمل، صالح بن محمد الونيان، عبدالرحمن بن عبداللطيف، صالح بن سليمان المقيطيب.

إنها قصة وفاء لمن يستحقه الأب الفقيد، والابن البار، والوطن الحاني، سائرين على نهج قادتنا في التقدير والوفاء الذين كرموا الفقيد بإطلاق اسمه على مدرسة متوسطة في بريدة، وبتكريم صاحب السمو الملكي الأمير فيصل بن بندر بن عبدالعزيز أمير منطقة القصيم بكتابة مقدمة للكتاب. وتفضل صاحب السمو الملكي الأمير الدكتور فيصل بن مشعل بن سعود نائب أمير منطقة القصيم ممن وجدت منه ترحيباً بالمبادرة حين مقابلتي له وإخباره عن الموعد والموضوع وإهداءه نسخة من الكتاب، وقال إنه يود المشاركة لولا موعد سابق فللجميع الشكر والتقدير.

هذه المناسبة عزيزة عليّ وتكريماً لي في سني المتأخرة، وسوف تبقى مشاهدها ماثلة أمامي، حية في خاطري، أستذكرها معتزاً فرحاً، وأرجو أن يكون منها ومثيلاتها أسوة وقدوة لإحياء ذكر من يستحق.

- بريدة



 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد