Al Jazirah NewsPaper Thursday  06/08/2009 G Issue 13461
الخميس 15 شعبان 1430   العدد  13461

الحلقة الأخيرة شاعر الأصالة الدكتور خوجة في ديوانه (رحلة البدء والمنتهى)

 

وتحدث الدكتور خوجة عن أسفاره ورحلاته في هذا العالم شعراً بعنوان: سندباد قال:

تهت في الإبحار يا قلبي طويلا

وشراعي أخطأ الأفق الجميلا

كلما ضج اشتياقي هزت الغر

بة وجداني التياعاً وذهولا

خبروها عن هوى مغترب كم

بعثر العمر ضياعاً ورحيلا

سندباد شط عن موطنه هل

للصفا أرجو إلى عود سبيلا؟

كم تشردت سنيناً أرجعيني

لحنان أرتوي منه قليلاً

أنهليني رشفات من رضاب

زمزماً يشفي غليلي سلسبيلا

واحضني قلباً صغيراً عشقه أنت

وربي ما أرتضى عشقاً بديلا

اذكريني، وأنا طفل بريء

أرتوي من نورك الهدي النبيلا

آه يا عمري، غرامي في الحنايا

راحل فيها معي عمراً طويلاً

وخلال وجود الشاعر سفيراً لبلاده في موسكو وعمل فيها أربع سنوات من عام 1992-1996م نظم قصيدة قصيرة بعنوان: ليلة شتاء في موسكو هذا نصها:

الثلج يغمرني ليلاي فاقتربي

روحي الفراشة قد تاقت إلى اللهب

في البعد في القيد في الأشواق في قلقي

نفسي الحبيسة قد حنت إلى السحب

ليلاي والليل في موسكو بلا قمر

والليل فيها بلا نجم ولا شهب

ليلاي في الليل من إلاك يؤنسني

في وحشة الكون والأشباح والتعب

قد غاب طيفك عني في الدجى ردحاً

يا من نأيت بلا عذر ولا سبب

وعند انتهاء مهمته في المغرب العربي نظم قصيدة بعنوان: (وداعاً يا مغرب) قال فيها:

عينان، أم هي دعوة القدر؟

أم صيحة الأشواق بالخطر

قودي مصيري للهوى سبل

وأحبها في دربك العطر

(أنت الذي بالحب يغرقنا

الشاعر التواق للسفر)!

(من أنت؟ قلت، فرد مبسمها

رد من موطن الأمجاد والكبر)

(مكناس أهلي من الود بهم

والدار في أكدال للسمر)

يا مرحباً يا ألف هلا

بالموعد المكتوب في القدر!

عانقتها فالعرق يجمعنا

من أطيب الأعراق في الشجر

أم القرى بلدي ولدت بها

في مكة الخيرات للبشر

من ها هنا ولدى الهدى وسرى

بالنور للأمصار والحضر

(وهنا المشاهد تستبين لنا

ويحدث القرآن بالخبر)

من مثل أحمد جاء يرشدنا

بالحق والآيات والسور

هذي هي الدنيا وزينتها

في مضرب (الأرجان) والنهر

دار الكرامة في العلى بسقت

فوق الذرى والشمس والقمر

واستوفت الأيام دورتها

ما أقصر الأفراح في العمر

وتحدث الشاعر والسفير عن زيارة للعاصمة الفرنسية باريس بقصيدة بعنوان: (لقاء في باريس) قال فيها:

ليلاتي إن الليل في عينيك قد ثملا

رشف الطلا من قبله طابت وما سألا

صهباء من شفة ومن عينين ترسلني

شيطان من لهب وقديساً ومنذهلا

طاب الهوى في حضنها حتى انتشى طربا

وسقى بتحنان ليالي الوصل والأملا

باريس في أعطافها خط الهوى قدر

عرفت مفاتينه فما بخلت وما بخلا

جئناك يا باريس عشاقاً على أمل

قلبان قاضا بالهوى لم يعرفا مللا

لما ارتحلنا في فضاء والكون فرقنا

بعد المكان وإنما الوجدان ما ارتحلا

ويكاد قلبي أن تذوبني صبابته

ويذوب الدنيا معي عمداً وقد فعلا

وفي قصيدة بعنوان (غربة) قال الشاعر:

هزك الشوق يا طريد المسار

واستباك الحنين في الأشجار

يا طليقاً في المشعب الحر يزهو

زك الوجد عنوة في الاسار

آهة الليل في ضلوعي نار

وأنين الجوى صدى الأوتار

قد ذرعت الزمان شرقاً وغرباً

سندباداً قد ضاق بالاسفار

أين، أين المصير والعمر يذوي

وحنينتي الوحيد نحو دياري

إيه يا مكة الهدى للبرايا

وجذوري في روضك المعطاير

واستطابت أطياف مكة تكريماً

فهي داري وقبلتي وفخاري

إيه يا كعبتي أطوف حواليك

بروحي، صباً بعيد المزار

كل شبر يا مكتي فيه رسم

وحديث يمور كالانهار

وعد الله: لن يرى نزيل

أو منيب إلا بلا أوزار

يا رفاقي: أرسلت روحي رسولاً

فعساها قد بلغت الحباري

وفي قصيدة أخرى من بيتين بعنوان: (اتيتك يا رب) قال:

اتيتك يا رب عطشان حباً

لتشفي غليلي وتطفي حريقي

ومن لي سواك يدل فؤادي

ويهدي الشريد لنور الطريق؟!

وفي قصيدة يخاطب فيها والدته بعنوان (أماه) قال:

أماه إني قد اتيت وفي يدي طفولتي

وتركت خلفي كل أحلام الشباب

وبحثت عن يدك النحيلة كي تعانق أوبتي

ورأيتها ممدودة عبر السحاب

وكأنها طوق النجاة لحيرتي

وقفزت ألثمها... أعانقها

فعانقني السراب!

وهتكتُ أستار المدن

ورحلت في أسرابها، وغزوتها

لكني، أماه، لم أجد السكن

وفي قصيدة بعنوان: (رحلة الشوق) قال فيها عن مدينة طيبة (مدينة رسول الله صلى الله عليه وسلم):

شدي اليك رواحلي

فقد عزمت على المسير

يا طيبة المجد الأثيل

وغرة الشرف النضير

ساقوا إليك محبتي

وبقيت في قيدي حبر

صلى عليك الله هل

إلاك في الدنيا مجير

صلى عليك الله، هل

في الحشر غيرك من نصير

روحي بباك يا رسول

الله من حبي سفير

حملت إليك توسلي

بشفاعة عند القدير

يا سيدي قلبي براه

الوجد من خوف المصير

إني نزلت بروضكم

وسجدت للرب الغفور

ورجوت أن تبقى نصيري

عند معترك الأمور

وفي قصيدة عن المسجد الحرام في مكة المكرمة بعنوان: (في حضرة النور) قال فيها:

يا لفتة الظبي تغويني إلى الحرم

تحلو له فتنتي في الحل والحرم

لعل حب رسول الله يشفع لي

في النائبات ويحميني من الأمم

فالله يعلم لم أشرك بوحدته

والله يمحو بنور المصطفى ظلمي

روحي فداه وقلبي فهو سيده

يا من هواه سرى في خاطري ودمي

نور أضاء نعم الكون بارقه

والعابثون مضوا في لذة النعم

يا سيد الكون دع روحي بتوبتها

تطوف مرضية في روضك الضغم

في حضرة النور تبقى الروح هائمة

والله بالنور يهدي الخلق كلهم

لا رب إلا إله واحد أحد

لا عهد إلا على عهد من الشيم

لما أنت رسل الرحمن خاشعة

لغسل صدرك نبع الآي والحلم

الفوك تهتف بالرحمن مجلبا

فحضنوك ضحى من شهوة القرم

حاربت بالحق من ضلوا ومن كفروا

حتى استنار بدين الله كل تممي

وولت الروم حيرى في وساوسها

وعرش كسرى هوى من نكس منهزم

يا اشرف الناس خلقا زانه خلق

وأرحم الناس خصما عف كالحكم

إن العظام إذا راضو عزائمهم

فعفة النفس تغدو مبعث الهمم

يا خاتم الأنبياء الرسل منعطفاً

نحو الرفيع من الآكام والقمم

أسرى بك الله تفضيلاً ومكرمة

ليلا إلى المسجد الأقصى من الحرم

واختتم الشاعر الدكتور خوجة ديوانه الجامع فصلاً هاماً من تاريخ أسفاره وتنقلاته في هذا العالم وكان بعنوان: (أسفار الرؤيا وضم هذا الفصل ثلاثة قصائد شعرية رائعة وكانت من أطول القصائد الحية وأخذت من صفحات الديوان (35) صفحة وكان أولها بعنوان: (سفر الأنا) وبدأها بقوله:

مت يا أنا... أو كف عني للأبد

نفد الجلد!

أما على جمر اللظى

قدماي، أو فوق البرد

أترك يدي

لا تعطيني يدك المنى وعداً يقيدني

بأغلال من الماضي

وأغلال من الآتي

وأغلال من الآتي

وحبل من مسد

إني أنا هذا الكيان

قد جاء من رحم الزمان

قلبي المركب من شياطين وطين

وعجينة ممزوجة بالنور واللهب المذاب

كيف التوازن في معادلة الحساب

والقصيدة الثانية بعنوان: (سفر المناجاة) بدأها بقوله:

يا رب إني طلسم ضيعت شفرته ولا أدري الجواب

يا رب إني قد تعبت وطال بي سفري على طرق الضباب

يا سيدي

يا أيها البعوث للقلب اليباب

ما اعظمك

أن تحرث القلب الخراب

يا سيدي

قد طال بي زمن الغياب

وحسوته دمعاً يمازجه اغتراب

جفت ينابيعي، وجافاني الصواب

ما زلت في دربي أسير إلى السراب

وأرى بني قومي على هامات تيه من ضلال

يتهالكون.. يهرولون.. بين اليمين إلى الشمال

ومن الجنوب إلى المحال

يا سيدي

مسراك في سوق النخاسة كالمتاع

وضميرنا المجروح لوح بالوداع

قد غاب حيدرة الشجاع

رباه أرجو رحمتك

رباه كن للمستجير بك الدليل

إني دلفت لعالم

لا شيء عندي

غير إيماني وحبي للرسول

والقصيدة الثالثة بعنوان: (سفر الخلاص) بدأها بقوله:

لو أنهم جاؤوك ما شدوا رحالهم إلى جهة الضياع

لو أنهم... ما تاه ربان لهم أو ضل في يم شراع

طير أبابيل على الكف المصمخ بالضحايا

في صلاة لم تصلك لأن فيها ما يهول من الخطايا

في خوار الروح حين تدكها خيل المنايا

أشلاء مجزرة على جثث السبايا

في صدى صوت يؤذن

ضاع في أحجار مقبرة مدمرة

على قلبي شظايا

الله. يا الله

كم هتكت ليالينا عيون الغاصبين

وتناهشت دمنا حراب الروم ماجنة

الله. يالله

هل جف الهواء ولم يعد يتنفس الشهداء

حتى بالداع

سقط القناع عن المسارح

عن وجوه لم تكن إلا قناعاً

مولاي

هب لي منك منأى عن غوايتها

ومن وسواس رونقها الطروب

أنت القريب إذا ابتعدت وما ابتعدت

وأنت مني نبضة القلب القريب

صلى عليك الله في ملكوته

صلت عليك لأجلك الأكوان

وأمد قلبي للسلام فمد كفك

تنحني الأزمان

وغرقت في دمعي وفائض ذلتي

وتملكت من نفسي الأشجان


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد