Al Jazirah NewsPaper Tuesday  11/08/2009 G Issue 13466
الثلاثاء 20 شعبان 1430   العدد  13466
الخوض في الهامشيات
د. خالد بن محمد الخضر

 

يخوض كثير من الرؤساء والمدراء التنفيذيين في شركات القطاع الخاص في أدق التفاصيل في الأعمال المناطة بهم بل يتجاوز الأمر حده عندما يتدخلون بتفاصيل وجزئيات أعمال مرؤوسيهم تاركين وراء ظهورهم الأهداف والغايات الكبيرة والتي هي في الأصل من أهم أولوياتهم ويعود ذلك في غالبه إلى طبائع البشر وميولهم بألا يتركوا للآخرين حرية ممارسة اتخاذ القرار حتى ولو بشكل تدريجي، ويسيطر الرؤساء وبشكل طاغ في قضية إحكام قبضة اليد حتى أنه لا يجري مسار العمل إلا تحت طائلة هذا الرئيس أو ذاك المدير التنفيذي وكل ذلك مرده إلى مشاكل نفسية قد يعاني منها ذلك الرئيس أو خصائص ثقافية أو معطيات بيئية فرضتها الظروف ورسمتها العادات والسلوك، يخوض المدراء التنفيذيون في المشاكل اليومية والظروف الثانوية والإجراءات الروتينية ويعطوا ذلك من الوقت أكثر من 80% من أوقاتهم، ويعزى ذلك في الغالب إلى عدم ثقة المدير أو الرئيس فيمن هم تحت إدارته وهي مصيبة في ظاهرها وباطنها فلو قال احدهم فكيف لا يثق بهم وهو يتعامل معهم؟! نقول قد يعود ذلك إلى عدم التحري في آلية التوظيف أو أن الرئيس مغمض لعين واحدة عن ذلك الأمر وهو مسرور في الاتجاه الآخر لضعف ذلك المرؤوس ليحقق له البقاء والغلبة عند المقارنة والمفاضلة والترقي وكل تلك الأمور هي من الرواسب النفسية والسلوكية التي يعيشها كثير من المدراء والرؤساء في الكثير من الشركات وقطاعنا الخاص، يقول احدهم (لا تخف من مساعديك ومعاونيك فمن يستطع أن يتبوأ موقعك فهو بدوره يتيح لك فرصة أكبر في شغل موقع شخص يفوقك وظيفياً)، لا تعرف في كثير من الأحايين عندما تجري استبيانا حول خوض أولئك المدراء والرؤساء بالمشاكل الصغيرة والجزئية والمشاكل الثانوية وابتعادهم عند رسم الأهداف والاستراتيجيات وتطوير العمل وبنائه وخلق أرض ورؤى صلبة تقوم عليها الشركات في حاضرها ومستقبلها على رؤية ورسالة واضحة.. لا نعرف هل مرد ذلك يعود إلى حجمهم وكفاءتهم وضآلتهم ورؤيتهم وبالتالي عدم معرفتهم في خوض ما هو خارج طاقاتهم وإمكانياتهم وسيطرتهم؟! يقول ستيفن كوفي (عندما يصبح لديك فكرة واضحة عن أولوياتك التي تشمل قيمك وأهدافك وأنشطتك الفردية وأعمالك، فنظم حياتك وعملك على أساسها) ويقول لي أحدهم إنه أتى بمدير عام لشركته التي يبلغ عدد موظفيها حوالي الألفي موظف وحجم مبيعاتها يفوق المليار ريال سنوي.. وكان جل اهتمام هذا المدير بالصحف اليومية تذهب لمن؟! من هم المدراء الذين يأخذون نسخة أو نسختين؟! والتركيز على المكاتب مكتب من هذا؟! ولماذا لا يكون فلان مكانه؟! وألوان الشركة والممرات والطرقات؟! هذا جميل إذا قام المدير بعمله الأساسي ورسم للشركة طريقاً واعداً وناجحاً قائماً على بناء تلك الشركة إدارياً وفنياً ومعلوماتياً وبشرياً؟! ثم انسحب ذلك على الأمور التفصيلية فلا بأس؟! ويا حبذا لو يقوم مدراؤنا بتفويض كثير من أعمالهم الثانوية التي تستنزف الوقت والجهد والمال والمردود منها خسارة في الوقت والمال، والذي سيصرف عن كل ساعة لذلك المدير والذي هو عبء كبير على الشركات والمؤسسات الخاصة إن لم يؤد عمله بكفاءة! دخلتُ يوماً وكنت اعمل مستشاراً لتلك الشركة على احد المدراء التنفيذيين الذين يزيد مرتبه الشهري عن المائة ألف ريال فوجدته ولمدة يومين كاملين يتابع وضع الشجرة على مكتبه ولون التلفون وطبيعة الكرسي التي ستوضع في ذلك المكتب؟! أنا لا اغفل الجانب التسويقي والوجاهة الضرورية التي يجب أن يتمتع بها مكتب ذلك المدير الذي استنزف يومين على تلك الشكليات والتي لا تستغرق في ظني أكثر من عشر دقائق بعد مساعدة المختص وقيام المسؤول عن ذلك بهذا الشأن؟! حتى في اجتماعاتنا ولجاننا كل منا يثني على الآخر ثم يبدأ بالمقدمة وينتهي بالمؤخرة ونطلق الوعود ولا شيء في كثير من الأمور يقع أو ينفذ، حتى الاجتماعات تدار بكثير من الهدر للوقت في نقاشات جانبية دون تأطيرها بالنقاط والأجندة والوقت اللازم لها ومن ثم الخروج بالتوصيات التي يجب أن تتابع وبالتالي يعاقب ويسأل المقصر والمهمل، المدراء عند ممارستهم لأعمالهم يغفلون العديد من الجوانب الهامة كالعلاقات العامة لشركاتهم وخلق الألفة بين موظفيهم ورسم البعد التسويقي الناجح والواضح، وتطوير المورد البشري، وخلق صناعة مدراء مستقبل وتهيئتهم لتقلد مناصبهم المستقبلية، وأن يكون المسار الوظيفي واضحاً وجلياً، وخلق العدالة بين الموظفين، وتحديد ورسم سياسة المكافآت والجزاءات لخلق المنافسة والبعد عن التقصير، لأنهم عادة يسبحون في الهامشيات ويغفلون الأهداف والاستراتيجيات، ويتطلب تحقيق الأهداف الإستراتيجية والوسطى والثانوية إعطاء كل هدف ما يستحق من وقت وجهد وعناء حتى يتم تحقيق تل الأهداف بالأسلوب الأمثل والأنسب بحيث يكون الهدف الاستراتيجي من شأن المدراء التنفيذيين وأصحاب القرار، والأهداف الوسطى من شأن المدراء الذين يشغلون الوظائف الوسطى في الهياكل التنظيمية للشركات، وان تكون الأهداف الصغرى من شأن الإدارة التنفيذية والدنيا، ومن المحقق ذكره أن أساطين الإدارة ينادون بأن يكون هناك تناغم هرموني بين تحقيق تلك الأهداف والأهداف الكبيرة والصغيرة، والأهداف الصغيرة مجتمعة تحقق الأهداف الوسطى والأهداف الوسطى مجتمعة تحقق الأهداف الكبيرة وبالتالي يجب أن يكون الجميع على اطلاع في رسم الأهداف وتحقيقها وان يشتغل كل بالمجال المحدود له كبر ذلك المجال أم صغر، لنعمل على تراتبية في المواقع والجهد المبذول والمسؤوليات المحددة لكل موظف داخل الهيكل التنظيمي.

كاتب سعودي


Kmkfax2197005@hotmail.com

 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد