Al Jazirah NewsPaper Saturday  15/08/2009 G Issue 13470
السبت 24 شعبان 1430   العدد  13470
دفق قلم
القدس القديمة تئنّ
عبد الرحمن بن صالح العشماوي

 

لم يكن التحذير الذي أطلقه قبل أيام رئيس فرع مؤسسة القدس الدولية في غزة الدكتور أحمد أبو حلبية هو التحذير الأوّل الذي تطلقه جهات وشخصيات متعددة معنيَّة بشأن القدس والمسجد الأقصى، ولكنَّه جاء أكثر سخونةً وشدةً في لهجته لأن الأعمال التخريبية التي تقوم بها دولة الاحتلال اليهودي في مدينة القدس بصفة عامة، والقدس القديمة بصفة خاصة أصبحت أشدَّ خطورةً هذه الأيَّام، وأكثر عنفاً، وأسرع أداءً وسعياً إلى الهدف اليهودي المنشود وهو هدم المسجد الأقصى المبارك.

لقد حذر الدكتور أبو حلبية بلهجة واضحة قوية من خطورة الانهيارات التي تحدث في البلدة القديمة في القدس ومحيطها وداخل المسجد الأقصى وهي انهيارات كبيرة ناتجة عن الأنفاق والحفريات التي تنفِّذها سلطات الاحتلال في القدس، وتشكل خطراً مباشراً على المسجد الأقصى برمته، وعلى أسواره، خاصة من الجهة الجنوبية والغربية.

إن هذا التحذير وما سبقه من تحذيرات متعددة، وما سيعقبه أيضاً، لتؤكد لنا أن الأمة الإسلامية والعالم العربي على وجه الخصوص تواجه قضية كبيرةً خطيرة، ما تزال تتعامل معها بأساليب لا تتناسب مع حجمها وخطورتها، بل ربما كانت أساليبَ باهتةً تتيح للعدو اليهودي في فلسطين، ولأعداء الأمة في غير فلسطين أنْ ينفذوا خططهم بقدرٍ لا بأس به من الأمان والاطمئنان، ويحققوا مصالحهم الاقتصادية من خلال استغلالهم لهذا الضعف العام، وهذا الاستسلام الذي يتعامل به العالم العربي والإسلامي مع مخططات الآخرين.

إنَّ سرعة العمل على تنفيذ مخططات الاستيطان في كثيرٍ من المدن الفلسطينية المهمة، وفي مقدمتها القدس لتشير إلى أن دولة الاحتلال تعدُّ هذه الفترة فرصةً ذهبيةً للتنفيذ، وتحقيق الأهداف قد لا تتوافر لها في وقت آخر، وهذا يجعلنا نطالب الدول العربية والإسلامية بإعادة التفكير جدِّياً في أساليب التعامل سياسياً واقتصادياً مع هذه القضية الخطيرة، ومع أخواتها من القضايا الملتهبة في العراق وأفريقيا وأفغانستان، نطالب بذلك ونحن واثقون من وجود عدد كبير من نقاط القوة، وعوامل التأثير في أيدي العرب والمسلمين، سياسياً، واقتصادياً، وقانونياً ما تزال بحاجة إلى تفعيل حقيقي حتى تؤتي ثمارها المنتظرة، ولو لم يكن من تلك الثمار إلاَّ تعطيل مشروعات الأعداء التي تستهدف استكمال السيطرة الشاملة على خيرات بلاد المسلمين لكفى.

أما الإعلام العربي والإسلامي فهو المعضلة الكبرى التي تواجه الأمة في هذه المرحلة، فهو في الغالب يتعامل مع القضايا الكبرى الخطيرة بالتهميش الواضح، مقابل التركيز على أمورٍ كثيرةٍ يمكن أن توصف بأنَّها من سقط المتاع، وتوافه الحياة، ولو كان هذا الإعلام الذي يزاحم ذرَّات الفضاء بمئات القنوات يقوم بدوره في عرض معضلة القدس التي تعاني من حفريات العدوّ اليهودي وهدمه، وإقامة حواجزه ومستوطناته، لاستطاع أنْ يسهم في بيان خطورة ما يجري، وأنْ يثير الرأي العام الدَّولي ضدَّ ما يجري في مدينة القدس والمسجد الأقصى وغزَّة، وفي غيرها من الدول الإسلامية التي تعاني من كثير من القضايا المشتعلة، وما أعظمه من دور.

تحذيراتٌٌ تتوالى، فليت الأمَّة تصحو قبل احتدام الأمور، وكسر الظهور.




 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد