Al Jazirah NewsPaper Wednesday  19/08/2009 G Issue 13474
الاربعاء 28 شعبان 1430   العدد  13474
حتى لا نبكي على اللبن المسكوب..
لابد من إجراءات صارمة لحماية تمور المملكة من الاستغلال الوحشي لاسمها وجودتها
محمد عبد الكريم عبده

 

(لقد أظلكم زمان نبي يبعث بدين إبراهيم حنيفاً، يهاجر إلى أرض ذات نخل بين حرتين..)

هكذا وصفت مدينة الرسول صلى الله عليه وسلم بأنها ذات نخل، وهي الصفة الملازمة لها إلى يومنا هذا. وقد خص النبي صلى الله عليه وسلم تمر المدينة بالفضل، حيث قال صلى الله عليه وسلم: (من أكل سبع تمرات ما بين لابتيها لم يضره في ذلك اليوم سم حتى يمسي).

عرف الإنسان النخيل منذ أقدم العصور، وكانت (النخلة) تسمى (شجرة الحياة)، وعثر عالم الآثار زين هارت على مومياء بمصر، من عصر ما قبل التاريخ ملفوفة في حصير من سعف النخيل، كما عثر على نخلة كاملة بإحدى مقابر سقارة بجانب مومياء من عصر الأسرة الأولى المصرية حوالي العام 2200ق.م. وقد ذكر التمر في التوراة واستخدمها عيسى عليه السلام كرمز للسلام، كما ورد ذكر الرطب في القرآن الكريم في (سورة مريم).

وبالرغم من قدم النخلة، إلا أن آراء المؤرخين اختلف في تحديد مكان النشأة، فيرى بعضهم أن الموطن الأصلي للنخيل هو الخليج العربي.

ويذكر ابن وحشية، وهو من أقدم من كتب عن الزراعة من الكتاب العرب، يذكر أنه يحتمل أن تكون جزيرة (حرقان) الواقعة على الخليج العربي بالبحرين هي الموطن الأصلي ومنها انتقلت إلى بلاد ما بين النهرين، كما يبدي أحدهم رأياً آخر فيذكر أن النخلة وجدت في تاروت أو دارين في منطقة الأحساء في المملكة العربية السعودية، وكانت دارين مفتاح واحات القطيف لكثرة نخيلها ومنها انتشرت زراعة النخيل في شبه الجزيرة العربية.

وقد أولت المملكة كل العناية والاهتمام بالنخلة واتخذتها شعاراً لها واهتمت بزراعتها في الشوارع والحدائق والميادين العامة، وتوجد بالمملكة حوالي 23 مليون نخلة، نصيب منطقة المدينة المنورة منها حوالي 5 مليون نخلة وتعتبر المملكة من أهم دول العالم إنتاجاً للتمور حيث تنتج أكثر من مليون طن سنوياً.

اهتمامات المملكة بإنتاج التمور:

نخيل التمر، يعد محصول الفاكهة الأول في المملكة العربية السعودية، وهو يزرع في معظم مناطقها الزراعية. وتعد المملكة من الدول الأولى في إنتاج التمور على مستوى العالم، وقد وصل عدد أشجار النخيل بالمملكة إلى أكثر من 18 مليون نخلة، وتشغل مساحة أكثر من 106 آلاف هكتار، تنتج حوالي 650 ألف طن سنوياً.

إدراكاً من جامعة الملك سعود ممثلة في (قسم الإنتاج النباتي) بكلية علوم الأغذية والزراعة، لمكانة النخيل في المجتمع السعودي خاصة والمجتمعات الإسلامية عامة، فقد تركزت معظم الأبحاث التي أجريت في مجال الفاكهة على هذا المحصول، كما تعددت المجالات البحثية التي أجريت عليه، ومن هنا جاءت مناشط (مركز الإرشاد الزراعي) بالكلية واهتماماته الكبيرة ودراساته المتشعبة في مجال نخيل التمور، بجانب (مركز أبحاث النخيل والتمور) بجامعة الملك فيصل بالاحساء. والمركزان يعملان يجهد ملحوظ لتغطية كل جوانب هذه الثمرة الطيبة المباركة، ومن أمثلة البحوث التي قدمت في هذا المجال بالمركزين نذكر ما يلي:

* حشرة سوسة النخيل الحمراء وسبل مكافحتها.

* آفات النخيل والتمور في العالم العربي.

* إكثار النخيل بواسطة تقنيات زراعة الأنسجة النباتية.

* إحيائية نخلة التمر.

بجانب الاهتمام الداخلي بنخيل التمر، عملت المملكة على تكثيف الجانب الإعلامي التعريفي بإنتاج التمور ذات الجودة العالية على مستوى العالم، فأقيمت المعارض الخاصة بالتمور السعودية تحت إشراف سفارات خادم الحرمين الشريفين على مستوى القارات الخمس بعد أن طبقت شهرتها الآفاق كأجود الأنواع على المستوى العالمي دون منافس.

وعلى سبيل المثال وخلال الأيام الثقافية التي أقامتها المملكة بجمهوريتي الأرجنتين والارجواي في الفترة من 1-8-2009م، ازدحم البرنامج المعد ولمدة أسبوع كامل بعرض العديد من الأنشطة التي تعكس حياة المملكة ومناشطها في المجالات كافة، ومن بين الفعاليات التي خلبت الباب زوار المعرض إقامة معرض (الحرمين الشريفين) و(معرض نخلة التمور) وذلك في رحاب مركز الملك فهد الثقافي الإسلامي بالارجنتين والذي يعد أكبر المراكز بأمريكا اللاتينية.

كذلك شهدت سفارة خادم الحرمين الشريفين بكانبيرا - استراليا فعاليات أعدتها السفارة بصورة مشرقة عكست وجه المملكة الحديثة ومساهماتها الدولية، وقد حظيت الوفود مشرقة عكست وجه المملكة الحديثة ومساهماتها الدولية، وقد حظيت الوفود التي زارت فعاليات المملكة بالسفارة السعودية باستراليا بهدايا السفير حسن طلعت ناظر والتي كانت عبارة عن أنواع فاخرة من التمور السعودية.

وتقوم منطقة القصيم بضخ إنتاج ما يزيد عن أربعة ملايين نخلة من مختلف الأنواع إلى الأسواق السعودية، العربية والعالمية، حيث يقام بالمنطقة أكبر مهرجان عالمي للتمور يمتد لأكثر من شهر.

المتعاملون في سوق التمور السعودية قدروا حجم تعاملات السوق للعام الماضي بأكثر من 7 مليارات ريال. وفي تصريح للمهندس سلطان الثنيان، رئيس لجنة التمور بالغرفة التجارية بالقصيم، قدر عدد نخيل التمر بالمنطقة ب6 مليون نخلة، يصل عدد المثمر منها حوالي 4 مليون نخلة، ترتفع بعضها بإنتاجها إلى 250 - 300 كجم، وجملة الإنتاج قد تسجل ما بين 140 - 160 ألف طن تستقبلها أسواق المنطقة خاصة سوق بريدة.

حجم الإقبال الكبير على التسوق، دفع بالمسؤولين إلى نقل السوق لمقره الجديد جنوب بريدة بمساحته الاستيعابية الواسعة، ويعد بحق أكبر تجمع لمنتجي التمور على مستوى العالم.

وما من منطقة وعلى مستوى الكرة الأرضية، أصابها مكروه، أو كارثة طبيعية أو غير ذلك من الكوارث، إلا وتجد هذه الثمرة الطيبة حاضرة، تغيث الملهوف وتستجيب لنداء البطون الخاوية وتسد حاجة المحتاج. لقد وصل التمر السعودي كمساعدات إنسانية إلى أركان الأرض، لنازحي أذربيجان، ضحايا الزلازل بباكستان وإيران، المتأثرين بكوارث الفيضانات بإفريقيا وأمريكا اللاتينية وإلى اللاجئين في أماكنهم أينما كانوا، لقد كان لحضور التمر السعودي لتلبية هذه المطالب الإنسانية، وقعاً طيباً في نفوس المنكوبين، اكسبت هذه الثمرة المباركة سمعتها وسمتها الطيبة. لقد حرصت المملكة أن يكون لإخواتها أينما كانوا نصيباً فيما حباها الله، وهاهي توفي بما عاهدت في غير من ولا أذى.

وقد ورد خبر في إحدى الصحف، أن جهات رسمية سعودية عاملة في المجال الزراعي دعت إلى مقاضاة متسوقي التمور الإسرائيلية، اثر التسويق لمنتجاتهم تحت اسم (التمور السعودية) أو (تمور المدينة المنورة)، مشيرة إلى أنها سلطت الضوء على هذه القضية مؤخراً وسط دعوات لتسجيل اسم (تمور المدينة المنورة) دولياً لحماية الاسم من السرقة.

ووجه المهندس حمود الحربي، رئيس الجمعية التعاونية الزراعية السعودية، دعوة مباشرة لمنتجي التمور السعودية والجهات المعنية للتحرك رسمياً باتجاه مقاضاة التمور الإسرائيلية.

عملية مقاضاة إسرائيل في أي مكان ومهما كانت شناعة جريمتها، فإن ذلك لن يجدي، لأنها ببساطة ستجد من يدافع عنها، بل ويؤكد أحقيتها بما تصدره تحت أي مسمى، والرأي أن تقوم المملكة، وهي قادرة على ذلك بحملة إعلانية عالمية عبر سفاراتها ومبعوثيها بالتعاون مع الإعلام السعودي، وتسخير ذلك كله بتعريف العالم بهذا المنتج السعودي، وبالطبع تأتي عملية إقامة المعارض لعرض هذا الخير كأولى الاهتمامات التي يجب أن تضطلع بها الجهات المعنية.

إن الإعلان الجيد المدعوم من قبل الجهات النافذة بجانب المطالبات القانونية سيكون لها نتائجها المؤثرة.

إن الثروات الوطنية يجب أن تحمى كما تحمى الأوطان نفسها لأنها جزء لا يتجزأ من الحمى التي يجب أن يبذل في سبيلها كل غال ونفيس.

إحصاءات.. تمريات:

* عدد أشجار النخيل بالمملكة يقارب ال7 ملايين نخلة، تتصدر منطقة القصيم هذه الإحصائية ب(5 ملايين نخلة تقريباً).

* تعتبر المملكة أكبر دولة منتجة للتمور في العالم، إذ يبلغ إنتاجها 20% من الإنتاج العالمي تتوزع على أكثر من 400 صنف عالي الجودة.

* عدد مصانع التمور بالمملكة حوالي 38 مصنعاً.

* تصدر المملكة ما يقدر بـ100 ألف طن بواقع 10% من الإنتاج الكلي.

* المملكة تعتبر من أهم الدول إنتاجاً للتمور سواء بالكمية أو بالنوعية.

* مواطنو المملكة هم أكثر الشعوب استهلاكاً للتمور على مستوى العالم.

* هذا المنتج مع ضخامته ظل رقماً هامشياً في المعادلة الاقتصادية لغياب الخطط التسويقية المؤسسة.

* صدور أمر ملكي سام بإنشاء (مركز وطني للنخيل والتمور)، من مهامه أن يكون المخطط والأداة الفعلية لتنفيذ وتسويق التمور.

* دخلت التمور السعودية في صناعة العديد من المنتجات على المستوى العالمي، على سبيل المثال (سيريلاك) هولندي تدخل التمور السعودية كمكون أساسي فيه.

* وجه خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز حفظه الله مؤخراً باعتماد التمور كهدايا رسمية، كما وجه باعتمادها ضمن وجبات المدارس والوجبات الصحية بالمستشفيات.

* رئيس غرفة الرياض، عبدالله الجريسي، أعلن عن رغبة شركات صينية وروسية في الاستثمار بالمملكة بإقامة مصانع أدوية بالاستفادة من التمور السعودية كمكون رئيسي لهذه الأدوية ويقدر حجم استثماراتها بحوالي 300 مليون ريال.

* صحياً، كل مائة جرام من التمر يحتوي على 318 سعراً حرارياً يقابلها 315 سعراً حرارياً في كل مائة جرام من العسل، وأن التمرة الواحدة تمدك بسعرات حرارية تكفي لمجهود يوم كامل ملؤه النشاط والحيوية.

* ليف النخيل ثبت بأنه أفضل منظف للجسم البشري حيث يحمي البشرة من الأمراض الجلدية.




 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد